شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
العنف ضد رجال الدين  في إيران بين الثورة الصامتة والجريمة

العنف ضد رجال الدين في إيران بين الثورة الصامتة والجريمة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 30 أبريل 201902:52 م

لقي رجل دين إيراني ظهر السبت 27 أبريل/ نيسان مصرعه أمام مقر عمله في الحوزة الدينية في مدينة همدان غرب إيران بعد أن أطلق عليه شخص يدعى بهروز حاجيلو، النار من سلاح كلاشينكوف متباهياً عبر حسابه على الانستغرام بقتل الشيخ الهمداني.

لم يكن الشيخ الهمداني مصطفى قاسمي (46 عاماً) يدرك أن لحظاته الأخيرة ستكون أمام الحوزة الدينية التي قضى عمره مدافعاً عن قيمها. ففي شارع الشهداء في مدينة همدان، كان القاتل بهروز حاجيلو ينتظر الشيخ ليتأكد من هويته أولاً وفور تأكده أطلق عليه الرصاص. مشهد جثة الشيخ مضرجاً بدمائه كانت في غضون دقائق محور حديث كل إيران، الانشقاقات المعتادة بين الموالين لنظام الفقيه والحكومة وبين المعارضين لوجود رجال الدين في السلطة، لم تغب عن حوارات الإيرانيين في تويتر وإنستغرام بين محللين لدوافع الجريمة وآخرين مشرعين لها.

كيف تتحول الجريمة إلى بطولة؟

في مراجعة سريعة لصفحة حاجيلو الشخصية على إنستغرام يمكن قراءة ملامح الجاني بسهولة فهو أحد "عناتر" منطقة همدان المشهورين بالبلطجة، انهالت عبارات التهاني والتقدير على منشوره الأخير إلى جانب كم كبير من الشتائم، لكن اللافت هو توصيف البعض للجريمة بالبطولة والانتصار للكرامة.

القاتل بهروز حاجيلو هرب سريعاً من مشهد الجريمة ليوثق جريمته على إنستغرام فكتب "الآن أرسلت شيخ دين إلى جهنم" متفاخراً بفعلته التي لقيت الكثير من الإعجابات لمجرد أنها وجهت ضد رجل دين، فيما فضلت فئة أن تلوذ بالصمت في حين شن موالو النظام هجوماً على مؤيدي الجريمة.

لم يكن رجل الدين الإيراني مصطفى قاسمي (46 عاماً) يدرك أن لحظاته الأخيرة ستكون أمام الحوزة الدينية التي قضى عمره مدافعاً عن قيمها. موجة عداء رجال الدين في إيران بلغت حد القتل. ما أسبابها؟ 

تداخلات غريبة من "الحشد الشعبي" ورضا بهلوي

كشفت التحقيقات وجود صفحة مزيفة في انستغرام تحمل اسم "سيد مصطفى حجازي" وهو شيخ معروف في إيران، يدعو من خلالها السيدات الإيرانيات غير المتزوجات لتقديم خدمات جنسية لقوات الحشد الشعبي العراقي الذي دخل الأراضي الإيرانية مؤخراً لمساعدة منطقة خوزستان في محنة السيول، إلا أن تدخل الحشد آثار موجة رفض في إيران. تزايدت هذه الموجة مع انتشار هذه الفتوى من الشيخ حجازي وعلى الرغم من تكذيب الأخير"عبر الفيديو" لما جاء في الحساب المزيف إلا أن كثيرين اعتبروا قتل الشيخ الهمداني ردة فعل من المجرم على هذه الفتوى وبالتالي هي حسب توصيفاتهم عملية انتقامية للكرامة.

حاول بعض المراقبين ربط هذه الجريمة بتغريدة لرضا بهلوي (ابن الشاه الإيراني المخلوع) دعا فيها الشعب الإيراني لإخراج عناصر الحشد الشعبي العراقي، الأمر الذي أكده داعمو القاتل على منصات التواصل واعتبروا الجريمة خطوة انتقامية ممن باع البلاد للأجانب.

ظاهرة العنف ضد رجال الدين

ما تجزم به فئة واسعة من الشارع الإيراني اليوم أن هذه الجريمة ارتكبت على يد البلطجية ومن يدافع عنها هم من المارقين عن القانون، فتهمة حيازة السلاح واستخدامه للقتل تكفي لأن يقف كل عاقل في إيران ضد هذه الجريمة، إلا أن ردة الفعل جاءت صاخبة من الموالين للنظام وباردة من المعارضين له، لا سيما أن هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها في إيران. سجلت في شهر إيلول عام 2018 حادثة طعن رجل الدين "محمد تولايي" (27 عاماً) في مدينة مشهد ولم يتم العثور على الجاني، كما سجلت حادثة طعن مشابهة في مدينة قم في كانون الثاني 2018 وقع ضحيتها شيخان تعرضا لحرق سيارتهما ثم طُعنا على يد مواطن ألقي القبض عليه على الفور لتصفه لاحقاً تقارير السلطات المختصة بغير المتزن عقلياً. کما وقعت حوادث مشابهة في أصفهان والأهواز، فيما شهد شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017 أول حادثتين للعنف ضد رجال الدين في العاصمة طهران الأولى في محطة مترو الأنفاق حيث اعتدى مواطن على رجل دين بالضرب مما أدى إلى مقتل الأخير، والثانية في شرق طهران. وصف القضاء الإيراني المهاجم الأول بالمريض النفسي فيما حوكم المجرم الثاني لاعترافه بجريمة القتل العمد بناءاً "على وحي إلهي".

وجهت مؤسسة "صراط مبين" الإيرانية المعنية بدراسة الأوضاع الاجتماعية والثقافية في المجتمع الاسلامي تحذيرات لمؤسسات إيرانية كشف عنها مدير المؤسسة محمد تقي دشتي في تصريح إعلامي في أكتوبر 2018 كان أبرزها "انتشار العنف ضد طلاب الحوزات الدينية"، جاء هذا التحذير نتيجة قراءة لواقع الشارع الإيراني خلال السنوات الماضية حيث تراجعت شعبية رجال الدين وانتشرت معاداتهم في الخفاء أكثر من العلن. وشهدت إيران حوادث عنف ضد رجال الدين دون البحث في الأسباب البعيدة لموجة الحوادث المتكررة أو محاولة إصلاح صورة رجال الدين في مجتمع استمد منظوماته الأخلاقية من الدين ويوشك على خسارتها اليوم بسبب الدين أيضاً.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image