استجابةً لمليونية دعا إليها قادة الحراك الشعبي لتأكيد تمسكهم بسلطة مدنيةً تماماً، اتجه مئات الآلاف من السودانيين صوب مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم لليوم الثاني على التوالي، فيما هتف بعضهم ضد ما وصفوه بـ"التدخل المصري" في شؤون بلدهم.
وأدى آلاف المتظاهرين السودانيين صلاة الجمعة أمام المقر، غداة "مليونية" تكثيف الضغوط على المجلس العسكري الحاكم لتسليم السلطة إلى إدارة مدنية، بينما انضمت حشود ضخمة للمعتصمين بعد الظهر رغم حرارة الطقس.
وأمّ المصلين الشيخ مطر يونس، في مقر الاعتصام الذي بدأ في السادس من أبريل الجاري، هاتفاً "حرية، حرية". وبينما دعا إلى معاقبة ومحاكمة "رموز" النظام السابق، رد عليه المتظاهرون قائلين "الدم بالدم... لن نقبل بالتعويض".
وعاد الشيخ ليشدّد على "ضرورة تخلي المجلس العسكري للحكم، فالجيش وظيفته حماية البلاد والحدود"، ليهتف المتظاهرون "لا للحكم العسكري" و"المدنية خيار الشعب".
وقال يونس (49 عاماً)، وهو مدرس دين من إقليم دارفور سُجن مراراً إبان حكم البشير، لوكالة "رويترز": "ننادي بدولة مدنية ديمقراطية. نرفض حكم العسكر. دور العسكر حماية البلاد لا حكم البلاد".
وكان خرج قرابة مئة قاض سوداني في مسيرة بدأت من المحكمة العليا حتى مقر وزارة الدفاع، في وقت وزع البعض مشروبات مجانية على المحتجين الذين انضموا للاعتصام مع تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، كما أنشد موسيقيون يرتدون ملابس صُنعت من جلود الحيوانات أغان شعبية.
رفض التدخل المصري
رفع المحتجون اليوم لافتات كُتب عليها "السودان دولة ذات سيادة مستقلة"، "ثوار السودان ينددون بتدخل السيسي في ثورة ديسمبر" و "لا لمعسكر الثورات المضادة"، حيث تجددت الهتافات الرافضة للتدخلات المصريّة خلال تظاهرات الجمعة.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعا إلى قمة طارئة، استضافتها القاهرة الثلاثاء الماضي، واتفق فيها قادة أفارقة على منح المجلس العسكري مزيداً من الوقت (3 أشهر) للانتقال لحكم مدني في السودان وإرساء الديمقراطية.
مئات الآلاف من المحتجين السودانيين، في اليوم الثاني على التوالي، يؤكدون على تمسكهم بحكم مدني كامل، فيما أعلنت وزارة الصحة عن الحصيلة الرسمية لضحايا الاحتجاجات منذ ديسمبر الماضي
"السودان دولة ذات سيادة مستقلة"، "ثوار السودان ينددون بتدخل السيسي في ثورة ديسمبر" و"لا لمعسكر الثورات المضادة"... شعارات رفعها المتظاهرون اليوم إصراراً على رفض التدخل المصري
وقد أغضب البيان المتظاهرين الذين احتشدوا، الخميس، أمام السفارة المصرية في الخرطوم، مردّدين شعارات رافضة للتدخل المصري في شؤونهم مثل "قول للسيسي دا السودان.. وأنت حدودك بس أسوان".
"العسكري يحتفظ بالسيادة فقط"
بعد أسبوعين من الإطاحة بحكم عمر البشير، في 11 أبريل الحالي، قال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي في السودان شمس الدين كباشي، الخميس، إن المدنيين سيتولون رئاسة الوزراء وكل الوزارات، فيما يحتفظ المجلس بالسلطة "السيادية فقط"، دون أن يحدد معناها. كما شدّد على أن المجلس لا ينوي بأية حال مدّ الفترة الانتقالية عن العامين المعلنين سابقاً.
ورفض تحالف "إعلان الحرية والتغيير" - الممثل للحراك الشعبي حالياً - هذا التصريح، داعياً إلى مسيرة مليونية للضغط على المجلس العسكري الانتقالي، للمطالبة بدولة مدنية.
وعقد المجلس العسكري الانتقالي سلسلة مشاوراتٍ مع قادة الحراك الشعبي والمعارضة لم تُفضِ لأية نتائج ملموسة، فيما صرّح زعيم المعارضة السودانية الصادق المهدي (83 عاماً)، لـ"رويترز"، بأن السودان "قد يواجه انقلاباً مضاداً إذا لم يتوصل المجلس العسكري والمعارضة لاتفاق بشأن تسليم السلطة للمدنيين".
وكانت السلطات السودانية أطلقت، مساء الخميس، سراح عدد من قيادات المؤتمر الوطني الذين اعتقلتهم خلال الأيام الماضية، وأبرزهم نائب رئيس الجمهورية السابق عثمان كبر، النائب الأسبق له حسبو عبد الرحمن، الزبير أحمد الحسن ورئيس البرلمان الأسبق أحمد إبراهيم الطاهر، من دون توضيح سبب إطلاق سراحهم.
حصيلة ضحايا الاحتجاجات
ونقلت مواقع إخبارية محلية، اليوم، عن وزارة الصحة السودانية تأكيدها أن 53 شخصاً قُتلوا في الاحتجاجات التي اندلعت في 19 ديسمبر الماضي.
وقال المدير العام للوزارة في ولاية الخرطوم بابكر علي إن المشارح (ثلاجات الموتى) استقبلت 40 حالة وفاة، بينما تُوفي 13 شخصاً أثناء تلقي العلاج، في حين أشار إلى أن 7343 إصابة مختلفة وقعت في صفوف المتظاهرين حتى أبريل الحالي.
وفي الثامن عشر من الشهر الحالي، قالت "هيومن رايتس ووتش" إن مراقبين سودانيين على الأرض أكدوا لها أن حصيلة التظاهرات بلغت 100 قتيل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...