شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
لا

لا "Tequila" من دون نساء...أسرار ومفاهيم خاطئة حول المشروب الأشهر في العالم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 27 مارس 201908:10 م

في المرة المقبلة التي تطلبون فيها shot الTequilaأثناء حفلاتكم الصاخبة، تذكروا أنه بفضل المرأة عرف هذا المشروب الكحولي طريقه إلى فمكم، فالحقيقة أنه من دون النساء وعملهنّ في الحقول وفي معامل التقطير لما تعرفت البشرية على التكيلا، التي تعدّ من بين أكثر المشروبات الكحولية استهلاكاً، خاصة بين جيل الألفية.

في مقالٍ سابق، تحدثنا عن تاريخ البيرة والدور الأساسي الذي لعبته المرأة في صناعة هذا المشروب ووصوله إلى العالمية، وفي سياقٍ متصل، يبدو أن ارتفاع الطلب على التكيلا خاصةً من قبل الرجال وعشاق اللياقة البدنية جعل البعض يغفل الحقيقة التالية: إن النساء هنّ اللواتي يقفن أيضاً وراء صناعة هذا المشروب الكحولي المميّز بمذاقه القوي والحادّ، والذي يتمتع بفوائد صحية مذهلة، كالحفاظ على صحة العظام، والمساعدة على الهضم، وخسارة الوزن وتسهيل عملية النوم.

التكيلا في صلب الثقافة المكسيكية

على بعد 45 ميلاً جنوب غوادالاخارا، في ولاية خاليسكو المكسيكية، تقع بلدة تكيلا التي تعتبر مسقط رأس شراب الTequila الذي يحمل اسمها.

ومن ينظر إلى هذه المدينة التي تتميز بسحر ريفها الخلاّب وبمبانيها المفعمة بالألوان وبشوارعها النابضة بالحياة، لا يستغرب تصنيفها من قبل اليونيسكو في العام 2006 ضمن مواقع التراث العالمي، فهي في نهاية المطاف "البلدة السحرية"، كما تتغنى بها الحكومة المكسيكية.

بفضل طبيعتها الجميلة ونمط حياة سكانها الذي لا يعرف الكلل، باتت بلدة تكيلا مقصداً للسياح، وخاصة لأولئك الذين يحبون التعرف على أصول المشروبات الكحولية، فيقصدون بالتالي هذه البلدة المكسيكية، حيث يتجولون في حقول الأغاف للتعرف على تاريخ التكيلا وأهمية هذه الصناعة في الثقافة المكسيكية.

إن النساء هنّ اللواتي يقفن وراء صناعة هذا المشروب الكحولي المميّز بمذاقه القوي والحادّ

ففي هذه القرية وجوارها، يجد المرء نفسه أمام مناظر طبيعية مكوّنة من نبتة الأغاف الزرقاء ومنشآت صناعة التقطير التي تترجم الإزدهار الدولي لمشروب التكيلا في القرنين التاسع عشر والعشرين.

واللافت أن الأغاف التي تعتبر اليوم كعنصرٍ ملازمٍ للهوية الوطنية المكسيكية، لطالما شكلت جزءاً مهماً من الحياة في المكسيك، إذ اعتبرت هذه الألياف النباتية السميكة مثالية للحصائر، وللحبال وللشعر المستعار "الباروكة"، كما أن المكسيكيين قد استخدموها لغرضٍ آخر: صنع الخمر. 

قديماً كان الPulque وهو مشروبٌ كحولي يعرف بمشروب "الآلهة"، هو المفضل لدى قبائل الأزتك والذي كان يُسمح باستهلاكه فقط خلال الإحتفالات الخاصة أو للأشخاص الذين هم بحاجةٍ إلى خصائصه الغذائية المفيدة، كالنساء الحوامل، والمرضى والمسنين، في حين أن أي شخص آخر يلقى القبض عليه وهو يحتسي الPulque كان يتم قص شعره وحتى قتله في حال كرر "فعلته".

أما سحر أميركا الشمالية مع مشروب التكيلا فقد بدأ أثناء الحظر، وظهر مرةٍ أخرى خلال الحرب العالمية الثانية عندما كان من الصعب الحصول على مشروباتٍ كحولية أوروبية، ومع ذلك فقد أعلنت الحكومة المكسيكية في العام 1944 أنه بإمكان صنع التكيلا فقط في خاليسكو في المكسيك، ومنذ ذلك الحين، ظهرت تعديلات وتحديثات خاصة بقوانين انتاج التكيلا، ولكن، على غرار الشامبانيا والكونياك، بقي هذا المنتج في بلد المنشأ ولم يسمح القانون بصنعه إلا في بعض الولايات المكسيكية.

المرأة هي الأصل

هناك سرّ قد لا يعرفه سوى عدد قليل من الناس: من دون النساء وعملهنّ الدؤوب في الحقول لما كنّا نتحدث اليوم عن مشروب التكيلا ورائحته الذكية التي تفوح من مداخن معامل التقطير.

ففي الواقع لدى المرأة تاريخٌ طويل مع التكيلا، خاصة وأن زراعة زهور الأغاف في ولايات خاليسكو وكوليما وناياريت وأغواسكالينتس المكسيكية، تعود تاريخياً إلى نساء قرية "تكيلا".

واللافت أنه خلال الفترة الإستعمارية، كان من المحظور على النساء شرب أنواعٍ معيّنة من الكحول في الأماكن العامة، وخاصة المشروبات الكحولية المقطرة مثل التكيلا.

من دون النساء وعملهنّ الدؤوب في الحقول لما كنّا نتحدث اليوم عن مشروب التكيلا

وفي حين أنه لا يعرف أحد بالضبط متى أصبحت النساء جزءاً لا يتجزأ من الأغاف المتنامي، إلا أن هناك معلومات تفيد بأنه في الوقت الذي كان فيه المزارعون  يتناولون طعامهم تحت أشجار الباروتا، فإن الزوجات ارتأين التدخل لتقديم يد العون، بحسب ما ذكره موقع "سي ان ان" في تقريره.

وقد اتضح أن هؤلاء النساء يتمتعن بمهاراتٍ استثنائيةٍ في عملية الفرز والعناية بالنبات الصغيرة، وعليه قررن العمل في الحقول في القرن السادس عشر، الأمر الذي ساهم في اعادة احياء العجلة الاقتصادية في المكسيك.

فبالعودة إلى أكثر من 20 عاماً إلى الوراء، كانت قرية تكيلا تضم فندقاً واحداً وحفنة من المطاعم، أما اليوم فهي أصبحت تعجّ بالسياح القادمين من كل حدبٍ وصوب للتعرف على تاريخ مشروب التكيلا، سواء كان ذلك عن طريق التنقل بين حقول الأغاف، زيارة المتحف الوطني للتكيلا ومشاهدة عملية الانتاج، الانغماس في تجربة التذوق في واحد من منازل التكيلا البالغ عددها 22 أو الإستمتاع بالمعارض الفنية المكسيكية في Centro Cultural Juan Beckman Gallardo الذي تم افتتاحه حديثاً.

AFP

ولكن ما هو سرّ اشتهار المكسيك بالتكيلا؟

إن عملية صنع الTequila تتم في مناطق معيّنةٍ في المكسيك، خاصة في قرية تكيلا والبلدات المحيطة بها، فالتربة البركانية والمناخ الجاف في هذه المناطق بالتحديد يجعلانها مثالية لزرع "الصبار الأزرق"، والذي يمكن رؤية عملية نموه وحصاده وتشذيبه عن كثب.

وعبر حقول "خوسيه كويرفو"، يمكن للمرء مشاهدة بعض المزارعين وهم يضعون قبعات رعاة البقر لحماية وجوههم من أشعة الشمس الحارقة، بينما تقوم النساء اللواتي يرتدين في معظم الأحيان القمصان ذات الأكمام والسراويل الطويلة باختيار ورعاية وزرع النباتات الدقيقة.

واللافت أن عمل النساء في الحقول يمتدّ من فبراير إلى يوليو، أما دورهنّ فيقوم على فحص وتنظيف وفرز النباتات الصغيرة وارسالها إلى المشتل لمزيدٍ من الرعاية ولكي تكون جاهزة للزراعة.

ونظراً لكون قلب نبات الصبار هو الذي يُستخدم فقط لصنع التكيلا، فقد وجدت مؤسسة Fundación Beckmann، غير الهادفة للربح، طريقةً للاستفادة أكثر من النبات واعطاء فرصة للمرأة لانشاء وانتاج وجني الأموال مقابل عملها في مجال صنع التكيلا.

من هنا تقام ورشات عمل مخصصة للنساء الطموحات اللواتي يرغبن في تعلم كيفية استخدام قلب الأغاف وزجاجات تكيلا المعاد تدويرها في الحرف اليدوية.

وعن هذه الدورات، قالت "إسبينولا"، وهي مديرة المؤسسة لموقع "سي أن أن":"لا تتعلم النساء فقط كيفية صنع المنتجات، بل كيفية بيعها وتوسيع أعمالهنّ، وانشاء خطط عمل وشعارات وأكثر من ذلك بكثير".

AFP

كيف يتم صنع هذا المشروب المميز وما هي أفضل الطرق للاستفادة من طعمه؟

تعتبر وصفة اعداد التكيلا بسيطة بشكلٍ مذهل، فكلّ ما نحتاجه هو وجود الأغاف، والخميرة والماء.

في الواقع يجب أن يتم تقطير المشروب بعد اختمار قلب الأغاف (الأناناس) piña والتي يتم تقطيعها وخبزها في فرنٍ من الطوب لبضعة أيام.

ولعلّ سرّ طريقة الإعداد يكمن في الصبر وانتظار أن يلين قلب الأغاف ويتحول النشا إلى سكر، هذا وتقشر ال piña المطبوخة مثل لحم الخنزير، ومن ثم يتم سحقها (غالباً على عجلةٍ حجريةٍ أو عن طريق الحمير) لاستخراج منها العصير الذي يسكب في خزاناتٍ خشبيةٍ ساخنة، أما الخميرة الموجودة بشكلٍ طبيعي على أوراق نبات الصبار فتستخدم تقليدياً لتسريع العملية، ومن ثم يتم تقطيرها مرتين إلى 3 مرات، ويضاف بعدها الماء قبل حفظها في خزاناتٍ أو داخل أوعيةٍ خشبيةٍ.

هذه العملية تستغرق كلها من 14 إلى 21 يوماً لانتاج مشروب التكيلا الأبيض النقي والشفاف، في حين أن تخمير المشروب لمدة شهرين يجعل التكيلا تكتسب اللون الذهبي الفاتح مع نكهةٍ خشبية.

واللافت أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة المرتبطة بالTequila، ففي حال كنتم تحتسون مثلاً هذا المشروب مع الLime والملح، فهذا الأمر خاطىء ومن شأنه التأثير على مذاقها الأصلي المستخرج من نبات الأغاف الأزرق، كما أنه بخلاف الاعتقاد السائد، فإن التكيلا الأصلية لا تحتوي على الديدان، وفكرة وجود الحشرة الزلقة في هذا المشروب تعود بشكلٍ خاص إلى مشروبٍ شبيه يعرف بالmeczal.

يجب التعامل مع التكيلا، تماماً كما يتم التعامل مع الويسكي أو الروم

أما "الجريمة" الثانية التي يقترفها البعض بحق التكيلا فهي شربه دفعة واحدة، وفق ما أكده "أندي كير"، الشريك في Discount Suit Company Cocktail Bar في لندن، والذي كشف أنه يجب التعامل مع التكيلا، تماماً كما يتم التعامل مع الويسكي أو الروم: "قوموا بشمّه مع بعض الرشفات الصغيرة، واستخدموا كأساً خاصة بالتذوق أو كأس النبيذ لاستكشاف النكهات.أما أفضل جو لتجربته فهو عندما تكونون مستلقين برفقة الأصدقاء"، هذا وأضاف "كير" أنه من المستحسن ألا يتم سكب التكيلا في shots.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image