شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
في اليمن... الحرب تسرق حياة الأطفال أمواتاً وأحياء

في اليمن... الحرب تسرق حياة الأطفال أمواتاً وأحياء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 25 مارس 201904:54 م

يسارع الطفل اليمني أحمد الحمادي، بعد انتهاء صفوفه المدرسية، إلى مقبرة في العاصمة صنعاء، حيث يعمل في رش القبور بالماء، أملاً في الحصول من أقرباء الموتى على مقابل مادي يعيل به عائلته.

يدور أحمد (13 عاماً)، حافياً بين القبور لساعات ويسير فوق الأحجار وقطع الأسمنت، حاملاً دلواً كبيراً من الماء، يساعده في تنظيف الأضرحة وري العشب والزهور. قصة أحمد تشبه قصص مئات الأطفال اليمنيين الذين أجبرتهم الحرب الطاحنة على العمل في القبور لتوفير لقمة عيش لهم ولأسرهم.

في تحقيق أجرته فرانس برس عن معاناة الأطفال والنساء في اليمن الذين يدفعون الثمن الأكبر للحرب المتواصلة منذ ،2014 قالت الوكالة الفرنسية إن سوء الأوضاع الاقتصادية، في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، أجبر عائلات كثيرة على الاعتماد على أطفالها للعمل من أجل توفير لقمة العيش، بعض هؤلاء الأطفال كان نصيبهم العمل في المقابر.

"العمل بالمقابر"

اضطر الطفل أحمد للعمل في المقبرة بعد أن خسر والده وظيفته ودخله الشهري بسبب سوء الأوضاع المعيشية في المدينة الخاضعة لسيطرة المتمردين، لا سيما مع استمرار عدم دفع رواتب الموظفين الحكوميين منذ انتقال المصرف المركزي إلى عدن، مقر الحكومة المعترف بها دولياً، قبل ثلاث سنوات.

وقال الطفل لفرانس برس: "ألعب في المقبرة، إلا في حال وجود عمل وأموات، فنأخذ الماء لقبورهم"، شارحاً "ننتظر أن تأتي جنازة لنشتغل".

أما ياسر الأرحبي (15 عاماً) فأصيب والده بجلطة أقعدته عن العمل، ما اضطره للعمل في المقابر أيضاً بعد انتهاء ساعات الدراسة لمساعدة والدته، التي تعمل في مجال الخياطة، على إعالة الأسرة وشراء الحاجات اليومية.

يدور ياسر بين القبور، مثلما يفعل أحمد تماماً، يرشها بالماء ويسقي الزهور والنباتات التي يتركها الأقرباء خلفهم. ويبدأ نهار الفتى النحيل كل يوم في الصباح الباكر ولا ينتهي إلا عند حلول المساء.

وقال الفتى للوكالة الفرنسية: "أستيقظ في الصباح وأذهب للمدرسة عند الساعة الثامنة حتى الساعة الحادية عشرة ونصف موعد انتهاء اليوم الدراسي". وبعد تناول طعام الغداء في منزل جدّه، يتوجّه إلى المقابر حيث يعمل.

يضيف ياسر: "إذا وجدت قبراً بحاجة إلى ماء أقوم برشه، وفي اليوم التالي أفعل نفس الشيء، وهكذا طوال الأسبوع حتى يوم الخميس". أما الجمعة، حين تزدحم المقبرة بالزائرين، يدور بين القبور لبيع الماء.

يدور أحمد (13 عاماً)، حافياً بين القبور لساعات حاملاً دلواً كبيراً من الماء، لتنظيف الأضرحة وري العشب والزهور. قصة أحمد تشبه قصص مئات الأطفال اليمنيين الذين أجبرتهم الحرب الطاحنة على العمل في المقابر…هذه قصصهم.

أحلام "ضائعة"

يحلم ياسر الذي يهوى كرة القدم ويشجع فريق ريال مدريد الإسباني، أن يصبح طبيباً، مشدداً "من منا لا يحب المدرسة”؟

وفي محل "بقالة" صغير خلت غالبية رفوفه من جميع المواد الغذائية، شرحت عاتقة محمد سوء الأوضاع المعيشية في صنعاء هي التي انقطع راتبها عندما كانت ضابطة في السلك العسكري قبل 3 سنوات تقريباً، لتعتمد على المحل البسيط كمورد رزق تعيل منه أبناءها الثلاثة بعد وفاة زوجها.

في البداية، بدأت عاتقة العيش من بيع خبز الكعك لكنها توقّفت عن ذلك بعد انعدام توفر الغاز المنزلي وعدم قدرتها على تأمين جرّة من الغاز. ثم تحولت مضطرةً إلى بيع البقالة.

تقول الأرملة اليمنية لفرانس برس: "الظروف ساءت مع هذه الحرب التي دمّرت الأخضر واليابس. هذه الحرب قتلت كل شيء".

وتردف: "لا أطمح لشيء كبير. اللقمة فقط.. أمر مرضٍ إذا كانت من عرقي، ولو جاءت قليلة".

المعاناة بالأرقام

أدت الحرب إلى مقتل قرابة 10 آلاف شخص، منذ بدء عمليات التحالف، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية. وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى مقتل أكثر من ألفي طفل، في حين تؤكد منظمات حقوقية مستقلة أن أعداد القتلى الفعلية ربما تخطت خمسة أضعاف هذه الأرقام.

وتؤكد اليونيسف أن 2500 مدرسة من أصل 16 ألفاً في اليمن أصبحت "خارج إطار الخدمة" حالياً، إذ تضرر 66 % منها بسبب أعمال العنف، وأغلقت 27 % منها أبوابها كلياً، وتستخدم 7 % منها ملاجئ لنازحين أو معسكرات لأطراف النزاع.

وأدى توقف هذه المدارس إلى حرمان 1,84 مليون طفل يمني من التعليم والدراسة، لينضموا إلى نحو 1,6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ الفترة التي سبقت النزاع، وفق إحصاءات صادرة عام 2017.

ولفتت فرانس برس إلى أن "الأطفال في اليمن عرضة لمخاطر أخرى، بينها زواج القاصرات، وتجنيد الفتيان للقتال".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image