آخر حرّاس الأغنية السوريّة
قدّم سهيل عرفة في مسيرةٌ حياته ما يزيد عن الـ1500 لحناً، وألَّف الموسيقى التصويرية للكثير من الأفلام السينمائية، والمسلسلات التلفزيونية. لم تتبدل قناعات الراحل، بضرورة الحفاظ على هويّة الأغنية السوريّة، رغم انتفاء العوامل المساندة لصعودها وانتشارها، خاصّة أنّ دمشق لم تكن يوماً عاصمةً للطرب، أو الغناء، كما القاهرة، وبيروت. هكذا كان الراحل سهيل عرفة أحد حرّاس الأغنية السوريّة، وربّما آخرهم. إذ لم يلحن سوى القصائد العربية، أو الأشعار المكتوبة باللهجة السورية أو اللبنانية، ولطالما فاخر بأنّ مغنين، وفنّانين مصريين كشادية، غنوّا من ألحانه وألحان أبناء جيله من الملحنين السوريين بلهجات بلاد الشام. وقدّم ألحاناً، لازال تتردد أصداءها في ذاكرة السوريين واللبنانيين، وربما الكثيرين على امتداد العالم العربي. أغنياتٌ شهيرة، ارتبطت بأسماء مغنين معروفين، وبعضها أضحت اليوم أغنياتٍ تراثية، لن تصدّقوا أنها من تلحين سهيل عرفة، ومنها أغنية "يامال الشام" التي طالما ارتبطت في أذهاننا بصوت أيقونة الطرب الحلبي صباح فخري. https://youtu.be/8CuBqJ872l4 "قدك المياس" أيضاً؛ ويقال أنّ هذه الأغنية أوّل ما لحنّها عرفة للمغنية طروب، وغنتها في فيلم "عصابة النساء"، بكلماتٍ مختلفة، مع الاحتفاظ بذات المطلع: "قدّك الميّاس ياعمري.. ياغصين البان كاليسر". https://youtu.be/JrZN_fi9v7Uمن الشام إلى بيروت
أول الألحان التي سجلّها سهيل عرفة في إذاعة دمشق، "نشيد بطل الأحرار" الذي تغنى بالزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، مع انطلاق مرحلة الوحدة بين سوريا ومصر سنة 1958، وكان ذلك النشيد أول أغنيات المطرب السوري الراحل فهد بلّان. وفي العام ذاته تعرّف إلى المغنية اللبنانية نجاح سلام، وسجلّت ثلاثة أغنيات من ألحانه، أولّها "والله لنصب تلفون". لكن المرحلة الأبرز في مسيرة الملحن السوري الراحل؛ أتت بعدما اعتمد عرفة ملحناً في الإذاعة اللبنانية، بتزكيةٍ من الموسيقار اللبناني الراحل حليم الرومي، وقدّم للراحلة صباح لحن "آخد قلبي سكارسا من الشام لبيروت"، منتصف ستينيات القرن الماضي. هنا صباح تغني "آخد قلبي سكارسا"، في حفلة في تونس، عام 1966: https://youtu.be/_5x05k8WC_8 ثم أتى تعاونهما الثاني في أغنية "عالبساطة" التي غنتها "الشحروة" في فيلم "أهلاً بالحب"، وحققت انتشاراً واسعاً في العالم العربي. https://youtu.be/QwgrXbDuyAoألّف سهيل عرفة أغانٍ لأشعار باللهجة السورية واللبنانية، وحافظ على خصوصية اللحن السوري.
لحّن عرفة لفنانين كثيرين من بينهم وديع الصافي وصباح فخري وشادية وفهد بلان ونجاح سلام وفهد يكن.
شراكة ممتدة مع فنّان الشعب
بين الانطلاقة الأولى من إذاعة دمشق، والوصول إلى فضاءٍ عربيٍ أوسع بصوت "الشحرورة" صباح، قدّم الراحل مجموعة من الأغاني التي صنّفت بـ "الوطنية"، عشيّة استحواذ حزب البعث على الحكم في سوريا (1963). وهي مرحلةٌ قال عنها سهيل عرفة (في مقابلة مع المؤرخ الموسيقي أديب مخزوم لصحيفة الثورة السورية، أعاد نشرها موقع الجمل) بأنها: "أشرعت الابواب أامام المواهب الحقيقية للتعبير عن اجواء الحلم بوطن مثالي". ضمن تلك الأجواء الشعبوية، ولدت أغنية دلال الشمالي الشهيرة "من قاسيون أطّل ياوطني" التي أصبحت عنوان المرحلة. https://youtu.be/TLc-GKh1gt8 وانتقل عرفة عبرها على مستوى اللحن إلى ما أسماه بـ"أسلوب الأهزوجة الشعبيّة"، ودشنّت تلك النقلة، مسيرة ممتدةّ من التعاون مع الراحل رفيق سبيعي، لحنّ له خلالها مجموعة من الأغاني الانتقادية التي اشتهر بها "فنّان الشعب"، كـ"بالعربي الفصيح"، "شيش بيش"، "حبوباتي التلميذات"، "ترن برن"، و "خدلك سيجارة". https://youtu.be/Sm2DBjvdpvM وامتدت هذه الشراكة حتى آخر سنوات عمر الفنّانَين الذين كانا يسكنان في بناءٍ واحد (بناء الفنّانين) بحي المزة في دمشق، ويتشاركان الجوار مع منى واصف، وصباح فخري، والراحل مصطفى نصري، والد المطربة السوريّة أصالة، التي غنتّ في طفولتها مجموعة أغنيات من ألحانه. لقاء يجمع بين المطربة أصالة نصري والملحن الراحل سهيل عرفة، برنامج ستوديو 85، تقديم المذيعة المصرية فريدة الزمر، والمذيع اللبناني الراحل حكمت وهبي: https://youtu.be/P_iohhLmJhQ كما لحنّ الراحل بطبيعة الحال لابنته "الفنّانة الشاملة" أمل عرفة عدّة أغانٍ، ومَنْ مِنْ السوريين ينسى تلك الأغنية الجميلة، التي غنتها أمل في بداياتها مع المغني الحلبي فهد يكن "صباح الخير ياوطناً". https://youtu.be/m3vsEWGlIZE لقاء نادر يجمع بين الفنّانة أمل عرفة بعمر الـ17 عاماً، ووالدها الملحن الراحل سهيل عرفة، من تقديم الإعلامي السوري الشهير مروان صوّاف: https://youtu.be/UQ-U23gWDVM آخر الأغنيات التي جمعت بين الراحلين رفيق سبيعي وسهيل عرفة "لاتزعلي ياشام.. من قسوة الإيام"، أيّامٌ قست على السوريين أيّما قسوة، وأذاقتهم آلام الخراب، والفقدان، والتهجير، والحنين، وحكمت على مبدعيهم بالموت حسرةً، في زمن سقوط الأيقونات، وانهيار الآمال الكبيرة. "لاتزعلي ياشام" بصوت سهيل عرفة من آخر لقاء تلفزيوني له، في برنامج أهلا بهالطلة: https://youtu.be/XC124YDKDRM وهنا الأغنية بصوت رفيق سبيعي: https://youtu.be/sehE4qBVEhQالمصادر: مجموعة حوارات صحافية أجريت مع الملحن الراحل، وكتاب النغم والكلمة في حياة الموسيقار سهيل عرفة، الصادر عن وزارة الثقافة ـ الهيئة العامة السورية للكتاب، ضمن سلسلة دراسات موسيقية (10)، تحرير وتوثيق : ياسر المالح وأمل خضركي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...