في السنوات الـ7 الأخيرة، برزت قراءة روايات الشباب، حتى أنهم تفوقوا على جيل الخمسينات والستينات، وباتوا في القوائم القصيرة لمعظم الجوائز في الوطن العربي.
روايات عدة جيّدة كتبها شباب لم يتخطوا الـ36 عاماً، وشهدت الفترة التي تلت ثورة 25 يناير 2011، بزوغ نجم أكثر من كاتب في فنون الأدب المختلفة.
نمرّ على كتابات الروائيين الشباب في مصر، وعلى ما حصل منها على جوائز، وما رُشح لجائزة البوكر العربية.
محمد ربيع
لا حديث في العامين الماضيين في الوسط الثقافي المصري، خاصة بين جيل الشباب المرتبط بثورة 25 يناير، إلا عن رواية "‘عطارد"، للروائي محمد ربيع (29 عاماً)، التي ترشحت لجائزة البوكر، وفازت بجائزة "ساويرس الثقافية" في 2016. الرواية تُصنف على أنّها من أكثر الروايات الكابوسية في العالم العربي، عنوانها هو أقرب الكواكب للشمس، وأكثرها حرارة. يتخيل فيها الكاتب تعرض مصر لاحتلال، يستدعي لمقاومة يقودها أفراد من الشرطة التي انهزمت في "جمعة الغضب"، أثناء الثورة على الرئيس حسني مبارك في 2011. يسرد الروائي الشاب كيف نظرت الشرطة لهذا اليوم، وكيف اعتبروه علامة سوداء في ذاكرة وزارة الداخلية. بطل الرواية ضابط شرطة يُدعى العقيد أحمد عطارد، قائد "مجموعة البرج"، وهي خلية لمقاومة الاحتلال تتخذ من برج القاهرة مركزاً لرصد أهدافها تمهيداً لقنصهم واغتيالهم. يتحدث فيها أيضا بـ"فانتازيا سياسية"، عن ثورة يناير، وانتصار الثورة المضادة، وعن المستقبل في عام 2025، راسماً عدة مشاهد ممزوجة بالدم في مدينة مقهورة تواجه الخراب والفوضى والقتل. تلك الرواية، هي الثالثة لربيع الذي بدأ الكتابة من خلال ورشة للرواية نظمتها دار خان للنشر، وأنجز روايته الأولى "كوكب العنبر" عام 2010، وفازت بجائزة ساويرس الثقافية في فئة الكُتاب الشباب في 2011. في "كوكب العنبر"، التي وصفها بـ"البريئة جداً"، ينسج ربيع العالم المصري من خلال أشخاص تتحداهم البيروقراطية. أبطالها الموظف بهيئة الأوقاف شاهر، الذي يُكلّف بكتابة تقرير عن مكتبة عامة اسمها "كوكب عنبر"، لهدمها، من أجل إنشاء خط جديد للمترو في حي العباسية بالقاهرة، والدكتور سيد المثقف العدمي، القارئ الدائم بالمكتبة. وتستعرض الرواية تفاصيل تجارة الكتب القديمة ودور الهيئات الثقافية الأجنبية في تمويل أنشطة فنية في مصر بدعوى تطوير المناطق الفقيرة أو تنظيم معارض تشكيلية للوحات الأطفال. الرواية الثانية لربيع كانت "عالم التنين" (2012)، حاول فيها الكاتب تشريح المجتمع المصري، لاكتشاف الأمراض الاجتماعية التي ترسّخت فيه خلال فترة حكم حسني مبارك (1981 - 2011)، هي محاولة لتحليل العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ربيع له أسلوبه وعالمه السوداوي الخاص منذ روايته الثانية "عالم التنين"، يتحكم في بنية وحبكة رواياته، يؤكد دوماً في أعماله أنه صوت ونموذج مختلف بين الكُتاب الشباب.محمد عبد النبي
محمد عبد النبي، مواليد عام 1977، جذب أنظار المهتمين بالأدب مع صدور روايته الأخيرة "في غرفة العنكبوت" الصادرة عن دار العين، في 2016، ويتحدث فيها عن عالم المثلية الجنسية. تتميز الرواية بأنها تحكي عن موضوع مسكوت عنه في الوطن العربي، ولم يمسّه الروائيون العرب، بطريقة عبد النبي، التي سرّد بلغة ممتعة، خالية من الأحكام الأخلاقية: تفاصيل الشخصية المثلية، ومعاناتها وأحلامها، وكيفية التفاعل مع المحيطين بها في المجتمع. بطل الرواية التي ترشحت لـ"البوكر"، هاني محفوظ، واحد من ضمن 52 مثلياً ألقت السلطات المصرية القبض عليهم عام 2001، بتهمة "ممارسة الفجور"، إذ يسرد حياته حتى تجاوز الأربعين من عمره، وتاريخ أسرته أيضاً، وميوله المثلية وكيف تطورت مشاعره. يسرد عبد النبي، ما يحدث في عالم المثلية، وطبيعة الشخصيات، ومواقع اصطيادهم، وكيفبة التعرّف على بعضهم البعض. ويناقش المعاملة السيئة التي يتعرضون لها، التي تصل إلى العنف أحياناً، والتجاوزات التي ارتكبتها قوات الشرطة المصرية في حقهم، والتحقير من شأنهم بغض النظر عن وظائفهم وأوضاعهم الاجتماعية. استقبل النقاد والقراء الرواية بكل حفاوة، كون موضوعها صادم للحس العام، وصفه الناقد الشهير صلاح فضل، بـ"الكاتب الشجاع المتمرس". لعبد النبي رواية "رجوع الشيخ" التي حازت جائزة ساويرس الثقافية عام 2013، ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية في العام نفسه. تدور أحداثها في دوامة من الحكايات والمشاهد المتلاحقة، بطلها الشيخ أحمد رجائي، الذي يكتب سيرة حياته في رواية. ويجسّد هم الكتابة والأسئلة الكبرى التي تواجهنا عن مشكلات العمل الروائي.بين إعادة خلق شخصيات التاريخ وسبر أعماقها، وتخيل حيواة في فضاءات مختلقة، والتغلغل في كوابيس الحاضر، إبداعات روائيي مصر الشباب.بجانب الروايتين، صدرت لعبد النبي، مجموعات قصصية منها "كما يذهب السيل بقرية نائمة"، وترجم عدة أعمال إلى العربية، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية، عن ترجمته لرواية اختفاء للكاتب الليبي بالإنجليزية هشام مطر.
طلال فيصل
اتخذ الروائي الشاب طلال فيصل اتجاهاً مختلفاً عن أقرانه من الكُتاب الشباب، مُغرماً بـ"رواية السيرة"، بسبب اهتمامه منذ الصغر بقراءة السير الذاتية، ودارسته للطب النفسي التي تمكّنه من تحليل الشخصيات وفهمها. كتب طلال فيصل (32 عاماً)، رواية عن الشاعر المصري نجيب سرور، سمّاها "سرور"، البطل المحوري، يسّرد حياته من خلال مرضه النفسي، واتهامه بالجنون. بجانب جهد بحثي كبير عن الشاعر، لاكتشاف كُل تفاصيل حياته، قرأ فيصل كا ما كتبه سرور وكل ما كُتب عنه، والتقى الأطباء المعاصرين له، وكذلك المقربين منه للوقوف على تفاصيل حياته في مستشفيات الصحة العقلية والنفسية. يطرح طلال في الرواية أسئلة عدة: من هو نجيب سرور؟ هل كان مبدعاً أم ضحية استبداد نظام جمال عبد الناصر؟ ليست مجرد رواية بل يمكن اعتبارها تحقيق عن سيرة شاعر، اقتحم عالمه، وتحدث فيها مع مختلف الشخصيات التي أحاطت بسرور. كتبها بلغة سلسة، لا يوجد فيها ما يدعو للممل، وفازت الرواية بجائزة ساويرس في يناير 2016. كررّ طلال التجربة في رواية "بليغ"، إذ جمع تفاصيل من وثائق تاريخية وحكايات من عاصروا الموسيقار بليغ حمدي، وسّرد فيها بلغة ممُتعة حبه للفنان الجزائرية وردة، وعلاقاته بأم كلثوم، ورياض السنباطي. وتدور الرواية بين باريس ومصر، يتقصى فيها المؤلف أثر سيرة الموسيقار الذي يعد أحد العلامات في مصر. ويروي طلال في الرواية بجانب سيرة "بليغ"، حكايته منذ الطفولة في أسرة سياسية التدين، ثم التمرد على التدين، ورفضه التراث الديني والقومي، ليكون صاحب السيرة الموازية للموسيقار الراحل. ما يميّز الكاتب الشاب، هو رسمه للجوانب النفسية للشخصيات في رواياته بدقة. مثلما كتب في الفن والأدب، يكتب حالياً طلال روايته السرّدية الثالثة عن المفكر الإسلامي سيد قطب.محمد صلاح العزب
لفت محمد صلاح العزب (36 عاماً)، أنظار القراء والوسط الثقافي، بروايته الرابعة "سيدي براني"، التي وصل فيها إلى مرحلة "النضج"، حسب رأي النقاد. عنوان الرواية الصادرة عام 2010، هو اسم المتصوف الليبي سيدي براني، وأيضاً للمدينة الصغيرة التي تقع قرب الحدود المصرية الليبية، يسرد فيها "العزب" العلاقة بين الإنسان والمكان والحكاية. بطلها الشيخ، سمعان، الراوي. تدور حول شاب يجد نفسه نشأ في سيدي براني، تلك المدينة الصحراوية الصغيرة، تولى تربيته جده الذي تلقّاه بعد وفاة والديه القاهريين. في المدينة، يكبر ويستمع إلى حكايات من جده وعن جده، الذي يعيش 13 حياة، في كل مرة يموت ثم يعاود الظهور في شخصية أخرى في سياق مكاني مختلف ليتحول إلى شيخ متصوف في آخر حياة له في "سيدي براني". يعرف "مريم"، ويحكي لها عن الحياة التي عاشها الجد، الذي عمل مهندساً للبترول، ودرس في فرنسا. الرواية تمزج الواقع بالخيال، والأسطورة بالتاريخ، والمدينة بالصحراء، إذا التزم بأماكن حقيقية منها القاهرة وسيدي براني وباريس، لكن الأحداث والأزمان كانت متخيلة. يقول العزب، عن الحيوات المتعددة التي عاشها الجد، إنه لجأ لذلك بسبب فكرتين انطلق منهما الأولى: تناسخ الأرواح، فكر لماذا لا تخرج من الإنسان الروح بدلاً من أن تذهب لكائن حي تعود إليه مرة أخرى؟ والثانية: الخلود. قبل "سيدي براني"، صدر للعزب، مجموعة قصصية عام 2003 بعنوان "لونه أزرق بطريقة محزنة"، وفي نفس العام رواية "سرداب طويل يجبرك سقفه على الانحناء"، و"وقوف متكرر" عام 2006، و"سرير الراجل الإيطالي" في 2007. حصل العزب على جائزة سعاد الصباح الكويتية في الرواية عن عمل "سرداب طويل يجبرك سقفه على الانحناء" عام 2002، وجائزة المجلس الأعلى للثقافة في القصة القصيرة.أحمد الفخراني
فاز أحمد الفخراني قبل 5 أشهر بجائزة ساويرس الثقافية، فرع شباب الكُتاب، عن روايته "ماندورلا"، الصادرة عن دار العين، عام 2013. تدور أحداث الرواية في عالم الحلم، يمزج فيها الكاتب بين الواقع والخيال، يحكي في العوالم الافتراضية، عن الأساطير القديمة، وعالم الإنترنت، وشخصيات كرة القدم الشهيرة. الشخصية المحورية في الرواية هي "جو" الذي يملك موهبة تحويل هواجسه وأحلامه ورغباته إلى حقيقة تتجسد في مدينة "ماندورلا"، قبل أن ينقلب عالمه عليه، ويحوّله من سيد إلى محكوم. ومن أجواء الرواية: "كان يملك الموهبة، كل ما يتخيله يصير حقيقة. اخترع مدينة اسمها ماندورلا، ثم انقلبت تلك الحياة عليه، طاردته حتى طردته من المدينة إلى عالمكم، وحولته من سيد إلى عبد يعمل تحت إمرة الكائنات التي اخترعها خياله". لكن قبل أن يفعلوا "كان وصل إلى سدرة المنتهى في مدينته، وأطلق سراح الحكايات الخيالية التي يختلقها البشر ليواصلوا حياتهم، ويتخففوا من حمل عالمهم اللا مفهوم والمحبط". وُمنعت تلك الرواية من معرض الرياض الدولي للكتاب، عام 2013، حسب الناشرة فاطمة البودي، صاحبة دار العين. وقالت آنذاك إن قرار المنع جاء من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي يتجول أفرادها في المعرض ويفتشون الكتب، ويمنعون ما لا يعجبهم حتى ولو بسبب شكل الغلاف إذا لم يرق لهم. للفخراني، روايتين أخرتين، هما "سيرة سيد الباشا"، يقول عنها الكاتب إنها "سيرة الجانب الخفي لعلاقتنا بالعالم، الجانب الصامت الذي نمر عليه في أعمق كوابيسنا، ربما نتركه وننظر إلى اﻷمام، إلى الواقع المعد مسبقاً ببراعة". بالإضافة إلى روايته الأخيرة التي صدرت في 2017 "بيت الياسمين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع