شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
سلاح كوريا الشمالية لتدمير الحضارة الأمريكية: النبضة الكهرومغناطيسية

سلاح كوريا الشمالية لتدمير الحضارة الأمريكية: النبضة الكهرومغناطيسية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 29 أبريل 201703:30 م

سيناريوهات الحرب العالمية الثالثة تتجدد كلما أقدمت كوريا الشمالية على إجراء تجربة نووية ‏جديدة، ولكن التخوف الآن لا يتعلق فقط بمدى قدرة بيونغ يانغ على ضرب قلب الولايات المتحدة ‏بالصواريخ النووية وحسب، فالأمر يتجاوز ذلك إلى نوعية السلاح الذي قد يستخدم ويهدد الحضارة الإنسانية الحديثة.‏

"كيف تستطيع كوريا الشمالية أن تقتل 90% من الأمريكيين؟". بهذا العنوان حذر جيمس ويلسي ‏الرئيس الأسبق للمخابرات المركزية الأمريكية، وفينسنت بري رئيس‎ ‎لجنة الكونغرس لتقييم ‏التهديدات الخاصة بهجوم النبضات الكهرومغناطيسية، من خطورة شن بيونغ يانغ هذا النوع ‏من الهجمات على الولايات المتحدة.‏

يقول المسئولان السابقان في مقال منشور بجريدة ‏The Hill‏ الأمريكية، إن بإمكان أيّة دولة ‏لديها تكنولوجيا السلاح النووي أن تمتلك هذا النوع من القنابل الذي لا يستهدف قتل البشر بشكل ‏مباشر، ولكن يعمل على تدمير جميع الشبكات الكهربائية والإلكترونية في نطاق تأثيره.‏

وكشف "بري" في مقال له بصحيفة واشنطن تايمز في فبراير الماضي، أن خبراء روس أكدوا ‏للجنة عام 2004 تسريب التصاميم الخاصة بقنبلة النبضة الكهرومغناطيسية EMP لكوريا الشمالية، وأن علماء من روسيا ‏والصين وباكستان يعملون على تطوير القنبلة وستكون بحوزة بيونغ يانغ "في غضون سنوات ‏قليلة".‏

ولكن كيف سيتم توجيه هذه القنبلة إلى الولايات المتحدة؟ أحد السيناريوهات طرحه جيم أوبرغ ‏الخبير في علوم الفضاء بوكالة ناسا سابقاً، والذي قال إن هناك احتمال استخدام كوريا ‏الشمالية قمراً صناعياً لحمل القنبلة وإلقائها على الولايات المتحدة.‏

وأطلقت بيونغ يانغ قمرين صناعيين هما ‏KMS-3‎‏ و‏KMS-4‎‏ في ديسمبر 2012 وفبراير ‏‏2016 على الترتيب، في مدار قريب من الولايات المتحدة، ويمكن تتبع مداريهما عبر هذا الرابط.

وأضاف "أوبرغ" في مقال بموقع The Space Review‏ المهتم بأبحاث الفضاء، أن أحد ‏القمرين يمكنه حمل رأس نووية صغيرة، وتوجيهها في مجال الولايات المتحدة لإحداث هجوم ‏بالنبضات الكهرومغناطيسية.‏

ما مدى خطورة هذا النوع من القنابل؟ وكيف يمكنها أن تعود بالعالم إلى عصر ما قبل الحضارة ‏الحديثة وقتل 9 من كل 10 أمريكيين بحسب تحذيرات الخبراء الأمريكيين.

النبضة الكهرومغناطيسية Electromagnetic pulse‏ والتي تختصر لـ‏EMP، هي عبارة ‏عن موجات راديو عملاقة يمكنها تدمير أي نوع من الشبكات الكهربائية والإلكترونية. هذه ‏الموجات لا تؤثر على حياة الإنسان بشكل مباشر، ولكنها تدمر البنية التحتية الحديثة مثل ‏الكهرباء والاتصالات ووسائل الانتقال، الأمر الذي قد ينذر بحدوث "مجاعة".‏

يوضح الفيديو التالي كيفية تأثير المجال الكهرومغناطيسي على الطائرات والسيارات.

الطبيعة أيضاً تطلق هذا النوع من الموجات التي تؤثر على الشبكات الكهربائية، فالتوهج الشمسي ‏يمكنه إثارة عاصفة كهرومغناطيسية، ولكن هذا النوع من العواصف يحدث كل 150 عاماً، فآخر ‏عاصفة مسجلة لدينا كانت عام 1859.‏

وتوضح وثيقة صادرة عن معهد إيدسون للكهرباء في فبراير 2015، ثلاثة أنواع من الهجوم ‏الكهرومغناطيسي: الأول ينتج عن تفجير قنبلة نووية في الغلاف الجوي وهو أخطرها على ‏الإطلاق، والثاني ناتج عن أسلحة ‏EMP‏ تكون موجهة لأجهزة بعينها ونطاق تأثيرها ضيق، مثل ‏الهجوم على أجهزة رادار قاعدة عسكرية، والثالث هو ما تطلقه العواصف الشمسية.‏

سيناريوهات الحرب العالمية الثالثة تتجدد كلما أقدمت كوريا الشمالية على إجراء تجربة نووية ‏جديدة، ولكن...
"كيف تستطيع كوريا الشمالية أن تقتل 90% من الأمريكيين؟" عن أحد أخطر الأسلحة المتوفرة اليوم...

البداية صدفة

ظهر تأثير النبضات الكهرومغناطيسية للمرة الأولى خلال التجارب النووية التي أجريت خلال ‏الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، والتي لم يكن يقصد بها في البداية توليد ‏مجال كهرومغناطيسي.‏

في إحدى التجارب التي أجريت فوق جزيرة جونستون بالمحيط الهادئ عام 1962، تم تفجير ‏قنبلة نووية على ارتفاع 400 كيلومتر فوق الجزيرة، ولوحظ تأثّر بعض الأنظمة الإلكترونية ‏والكهربائية في جزر هاواي والتي تبعد 1400 كيلومتر عن الجزيرة.‏

وأدى هذا الانفجار إلى توقف أعمدة الإنارة وإلحاق أضرار بالغة بشبكات الاتصال السلكية، ‏بالإضافة إلى أعطال في إمدادات الطاقة.‏

كيفية حدوث الهجوم

يؤدي انفجار نووي في الغلاف الجوي على مسافة قريبة من سطح الأرض إلى إطلاق أشعة ‏غاما التي تولد موجات راديو ذات ترددات عالية، يمكنها تغطية المنطقة التي وقع فيها الانفجار ‏وإحداث آثار بالغة على ثلاثة مستويات.‏

مع انفجار القنبلة في الغلاف الجوي، يتولد في جزء من الثانية مجال حر من الطاقة يسمى ‏‏"الصدمة الكهرومغناطيسية"، هذه الصدمة قادرة على تعطيل وإلحاق الضرر بأجهزة الاستشعار ‏ونظم الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر، على نطاق واسع وهو ما يطلق عليه ‏مرحلة ‏E1‎‏.‏

ما مدى خطورة أسلحة النبضات الكهرومغناطيسية؟ وكيف يمكنها أن تعود بالعالم إلى عصر ما قبل الحضارة ‏الحديثة؟

المستوى الثاني من الانفجار‎ ‎‏ويسمى ‏E2‎‏ يتضمن نطاق عمله المستوى الأول نفسه تقريباً ويشبه ‏في تأثيره البرق، وهذا المستوى لا يؤثر بمفرده على الشبكات الكهربائية التي لديها أنظمة دفاع ‏ضد البرق.‏

ولكن خطورة هذا العنصر تتمثل في التآزر مع العنصر الأول، إذ يبدأ تأثيره بعد أجزاء من ‏الثانية، فإذا كانت محطات الكهرباء لديها القدرة على التعامل مع البرق، فإن ‏تضررها بسبب التأثر بمستوى ‏E1‎‏ سيجعلها عاجزة عن التعامل مع المرحلة الثانية من الانفجار ‏E2‎، ما يؤدي إلى زيادة التدمير.‏

أما المستوى الثالث ‏E3‎‏ فيمثّل الخطر الأساسي للهجوم، وهو عبارة عن نبضة طويلة الأمد تخلق ‏تيارات مدمرة لخطوط نقل الكهرباء، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على أنظمة توزيع الكهرباء.‏

نهاية الولايات المتحدة

إذا كان الهجوم بالنبضات الكهرومغناطيسية لا يستهدف قتل البشر بشكل مباشر، فكيف يمكن لهذا ‏الهجوم أن يؤدي إلى فناء ثلثي الأمريكيين على الأقل بحسب تقديرات الخبراء؟

يوضح تقرير لجنة الكونغرس الصادر عام 2004 التأثيرات المتوقعة على الولايات المتحدة ‏في حالة حدوث الهجوم، ويفنده في عدة نقاط:

  • البنية التحتية للكهرباء

تدمير محطات توليد الكهرباء وشبكات توزيعها هو التأثير الأهم والأخطر للنبضات ‏الكهرومغناطيسية، وهذا يعني شلّ الاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد بالأساس على إمدادات ‏الكهرباء.‏

المشكلة الأخطر في هذا الهجوم أن تأثيره يحدث بشكل لحظي، فالصدمة الكهرومغناطيسية ‏ستدمر كافة الشبكات الإلكترونية والكهربائية دون أن تتواجد فرصة لاتخاذ أيّة إجراءات وقائية، ‏في هذه اللحظة ستعود الولايات المتحدة إلى عصر ما قبل الثورة الصناعية.‏

  • شبكة الاتصالات

سيؤدي الهجوم إلى تعطيل وإتلاف الدوائر الإلكترونية الخاصة بالهواتف وأجهزة الكمبيوتر، ‏وكذلك تدمير الشبكات السلكية واللاسلكية، الأمر الذي يعني انقطاع كافة أشكال الاتصالات التي ‏تربط الولايات المتحدة بعضها ببعض.‏

حتى وإن نجت بعض الأجهزة من التأثيرات الخطيرة للنبضات الكهرومغناطيسية، فإن تدمير ‏الشبكات الكهربائية سيحولها إلى مجرد قطعة من الحديد التي لا نفع لها.‏

  • المعاملات البنكية والمالية

في ظل توقف إمدادات الكهرباء وانقطاع الاتصالات، ستتوقف بالتبعية كافة المعاملات البنكية ‏وتداول الأوراق المالية والأسهم وكل ما يتعلق بالشأن المالي والاقتصادي.

سيكون هذا التأثير كارثياً أكثر مما حدث في وول ستريت عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، ‏ففي هذه اللحظة سيعاني الاقتصاد الأمريكي بشدة، الأمر الذي سيؤثر على الاقتصاد العالمي ‏بشكل عام.‏

  • وسائل النقل والمواصلات

كافة وسائل النقل والمواصلات من سيارات وشاحنات وطائرات وقطارات ستتأثر بشكل بالغ إذا ‏حدث هجوم بالنبضات الكهرومغناطيسية، والتقديرات الأولى لضحايا هذا الهجوم قد تصل لـ‏‏200 ألف قتيل بسبب سقوط الطائرات واصطدام السيارات التي ستتوقف جراء هذا الهجوم.‏

في هذه الحالة ستتوقف حركة النقل بين المدن والولايات المختلفة، ما يعني أن كل مدينة ستكون ‏بمعزل عن الأخرى بسبب فشل وسائل المواصلات الحديثة في العمل.‏

  • إمدادات الماء والطعام

الخطر الأكبر الذي ينتظر ضحايا الهجوم هو توقف إمدادات الطعام والشراب بسبب الشلل الذي ‏سيحدث في النقل والاتصال بين المدن المختلفة، ما ينذر بوقوع كارثة قد تصل إلى حد المجاعة.‏

فإذا كنت تحتفظ بمخزون وافر من الطعام في ثلاجة منزلك، فهذا المخزون سيتلف في غضون ‏بضعة أيام بسبب انقطاع الكهرباء، وسيتقاتل المواطنون للحصول على المواد الغذائية من ‏الأسواق، وبعد مدة قصيرة ستنفد كافة الإمدادات.‏

هذه الكارثة الإنسانية ستكون أخطر من قتل البشر بشكل مباشر عن طريق تفجير بالقنابل أو ‏ضرب بالصواريخ البالستية، وإذا تكرر هذا الهجوم في مناطق مختلفة قد يؤدي ذلك لفناء ‏الحضارة الإنسانية الحديثة والعودة 200 عام للوراء.‏


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image