شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
نعرف 19 نوعاً من الابتسامات، 6 منها فقط تدل على السعادة

نعرف 19 نوعاً من الابتسامات، 6 منها فقط تدل على السعادة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201711:21 م
ما بين القرنين الخامس والسادس عشر، عاش الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي جوزف إديسون الذي كرّس عدداً من كتاباته لفهم كنه المشاعر وأسسها. حازت الابتسامة، وقوة تأثيرها، على جزء غير يسير من أفكاره، فكتب مرة "ماذا تعني أشعة الشمس للزهور، وماذا تعني الابتسامة للبشرية؟ إنها الأساس الذي تقوم عليه الحياة". احتفى العالم بالابتسامة في مناسبات عدة فجعلها بداية للسلام وانطلاقة يوم جديد. كرسها كذلك فعل مقاومة (ابتسامة معتقل في وجه سجانه) وفعل عطاء. رأى فيها دليل صلابة وجدارة بالحياة، رمز براءة وحرية، ووضعها على رأس أدوات التغيير، حتى مصممي الملابس استخدموا فكرة الابتسام في فلسفة تصاميمهم، معتبرين أن المرأة يكفيها أن ترتدي ابتسامتها لتصبح جميلة. مع الزمن، اتخذ الاحتفاء بالابتسامة بعداً تجارياً، فجاب الوجه الأصفر المبتسم بعيون مفتوحة (سمايلي فايس)، الذي ابتكره في العام 1963 الفنان هارفي بيلا بطلب من شركة تأمين أمريكية، العالم عبر بطاقات البريد والقمصان والهواتف واللوحات الإعلانية وغيرها. لكن للابتسامة تاريخ طويل لم يكن مشرقاً في جميع مراحله، إذ اعتُبرت فعلاً مشيناً لسنوات ممتدة، ومُنعت وحُكم على من "ارتكبها" بالعقاب. في المقابل، تعد المبالغة السائدة اليوم في تبجيلها وقراءتها باعتبارها فعل سعادة بحت، إجحافاً بحق ما بينته دراسات متلاحقة عن أنواع الابتسامة المختلفة، والتي يمكن تفنيدها في 19 نوعاً، ليس هناك سوى 6 أنواع منها تعبر عن سعادة صاحب الابتسامة.

تجربة سادية... وابتسامة

لنبدأ من تلك التجربة التي تعود للعام 1924، عندما جمع كارني لاندس عدداً من الطلاب والأساتذة والمرضى النفسيين، بينهم طفل في الثالثة عشر من العمر، في غرفة صغيرة، للقيام باختبار سادي النزعة. أراد لانديس أن يعرف من خلاله ما إذا كانت مشاعر الصدمة والخوف والألم ترسم على الوجه التعابير نفسها. للغاية، قام بوضع الأشخاص على كراسي مريحة، ورسم على وجوههم خطوطاً واضحة تمكنه من قياس تعبيراتهم وتقلصات ملامحهم، مهما كانت بسيطة. أطلق ألعاباً نارية متفجرة تحت كراسيهم، عرّضهم لصعقات كهربائية، ثم أتاهم بفئران بيضاء حية طلب منهم أن يقطعوا رؤوسها. وصف كثر هذه التجربة بأنها غير أخلاقية، لكن المربك أكثر بشأنها كان، على الأرجح، ما أظهرته نتائجها. حتى في أكثر اللحظات دموية، التي تعرض لها من خضعوا للاختبار، لم يكن رد الفعل المشترك بينهم البكاء أو الغضب، بل الابتسام. وكتب لانديس قائلاً "كلما أوغلت في القسوة أثناء هذا الاختبار، لم أكن أجد تعبيراً سوى الابتسامة، التي كانت حاضرة في عدد كاف من الصور الفوتوغرافية التي التقطتها، لاعتبارها نموذج تعبير مشترك في ظروف مختلفة".

ثورة الابتسامة

على غلاف كتابه، الذي حمل عنوان "ثورة الابتسامة"، اختار الكاتب كولن جونز لوحة الرسامة الفرنسية المشهورة إليزابيث لويز فيغ لوبرون التي أحدثت ما يشبه الفضيحة في باريس عندما شاركت في معرض في متحف اللوفر. في تلك اللوحة، بدا وجه الأم التي تحمل طفلتها منفرجاً عن ابتسامة، الأمر الذي جعل صاحبتها تتهم بالوقاحة. كيف لا؟ وقد كان الابتسام محظوراً بأمر من البلاط. يعزو المؤرخون السبب إلى أن أهم الشخصيات السياسية حينها كانوا بأسنان سوداء بسبب الإفراط في تناول الحلوى، الأمر الذي جعل البلاط يصدر مثل هذا الأمر الصارم. أياً تكن الأسباب، إلا أن الابتسام كان ينتمي للمراتب الدنيا كالضحك والتثاؤب وإطلاق الغازات، والمبتسمون كانوا من السوقيين والمجانين. وبحسب الكتاب، كانت الأمور قد بدأت تتغير في العام 1760، عندما بدأ البلاط يتخلى عن هيبته، وانتشرت عدوى الابتسام بين النبلاء وتقلصت الفجوات الاجتماعية بفضلها. وفي العام 1762، حازت رواية "هيلواز الجديدة" لجان جاك روسو على جماهيرية واسعة بين النساء اللواتي أردن التشبه ببطلتها جولي، التي حاولت بث السعادة بين الجميع من خلال ابتسامتها وهي على فراش الموت. بدأ الناس يحتفون بالابتسام بموازاة تطور تقنيات معالجة الأسنان وتنظيف اللثة ثم اختراع الرذاذ المنظف للفم، وصولاً إلى العصر الحالي الذي أصبحت فيه "الابتسامة الهولييودية" مدعاة فخر. ولكن تلك الابتسامة التي أصبحت مطلباً جماهيرياً باعتبارها التعبير الأشهر عن السعادة والإشراق، باتت تستخدم كقناع في أحيان كثيرة. كيف ذلك؟

الابتسامة "غير السعيدة"

في مقال نشرته شبكة "بي بي سي"، تقول الكاتبة زاريا غورفيت إن الابتسامة السعيدة تعد بمثابة مكافأة طبيعية لقيامنا بفعل مفيد لوجودنا، أما الابتسامة "غير السعيدة" فهي ليست تعبيراً عما يجول بداخلنا بقدر ما هي إشارة نريد أن نبثها للآخرين. وفي هذا الإطار، تقول أستاذة علم النفس باولا نييدينتال بأن "البعض يحاول أن يبث إشارات حول تعاونه أو كونه لا يشكل تهديداً، والآخرين يحاولون عبر الابتسام أن يظهروا، بشكل لا تشوبه العدائية، أنهم متفوقون على الآخر في تلك اللحظة الانفعالية بينهما". في مناسبات أخرى، يستخدم البعض الابتسامة للتعبير عن تهذيبهم وإظهار اتباعهم للقواعد، وآخرون للسيطرة على غيرهم، أو لتشتيت الانتباه عن مشاعرهم الحقيقية.

بعض أشهر أنواع الابتسامات "غير السعيدة"

1- ابتسامة دوشيني

سميت هذه الابتسامة نسبة إلى طبيب الأعصاب دوشيني دو بولوغن، وهو يعد من مؤسسي مدرسة العلاج بالكهرباء. وكان بولوغن من المهتمين بدراسة تعبيرات الوجه، وبالتقلصات التي تحدث فيه عندما يبتسم المرء. وعمد إلى إخضاع الوجوه لشحنات كهربائية، ومراقبة كيفية تفاعل عضلاتها. كانت هذه العملية مؤلمة، ولذلك لم يتمكن بولوغن من تجربتها سوى على رؤوس الثوريين المقطوعة حديثاً، حتى التقى في أحد الأيام برجل مختل عقلياً، لا يمكنه التحكم بعضلات وجهه. بدا الرجل من حركة وجهه سعيداً بشكل غبي، حيث افتر ثغره عن ابتسامة عريضة، وتقلصت الدوائر حول عينيه. ومنذ ذلك الوقت، تعرف الابتسامة العفوية التي تنتج عن مشاعر متعة غامرة، وتكون طويلة وكثيفة، تتمظهر بفتحة فم عريضة وتقلص في العينين، بـ"ابتسامة دوشيني". Duchenne de BoulogneINSIDE_smiles1

2- ابتسامة الخوف

قد يعد الشمبانزي أشهر مخلوق اكتشف الباحثون من خلاله ابتسامة الخوف، فالشمبانزي عندما يخاف يفتح فمه عريضاً ويظهر أسنانه على شكل ابتسامة. تستخدم اليوم تلك الابتسامة العريضة التي تظهر معظم الأسنان بشكل صامت على بطاقات أعياد الميلاد كتعبير عن المحبة، لكنها في الحقيقة تعود إلى الخوف والشعور بالخضوع والميل لإرضاء الجماعة، ولا سيما الأعضاء المسيطرين في داخلها، بحسب ما أظهرت الدراسات على سلوك القردة.

صعقهم بالكهرباء وطلب منهم قطع رؤوس فابتسموا... أحد الاختبارات التي أظهرت الابتسام كرد فعل غريزي يصاحب الخوف والبؤس والإحراج أيضاً

وفي هذا الإطار، يعتقد داروين الذي اهتم بـ"علم الابتسام" أن تعبيرات الوجه غريزية، وقد تطورت مع الزمن لخدمة وظائف عملية. فعلى سبيل المثال، رأى أن رفع الحاجبين الذي يدل اليوم على المفاجأة، قد ورثناه عن أسلافنا الذي اعتادوا رفع حواجبهم لتوسيع مجال الرؤية، وبالتالي الهرب من كمائن الحيوانات المفترسة. وكذلك الحال بالنسبة للشمبانزي، فهو قد اعتاد عندما يخاف إظهار أسنانه، وتثبيتها على بعضها البعض، ليؤكد أنه لن يقدم على الهجوم أو العض. INSIDE_smiles2INSIDE_smiles2

3- ابتسامة البؤس

هي ابتسامة خفيفة ترسمها الشفاه لا تتناسب مع الحزن البادي في العينين، وقد تطورت لتصبح طريقة مقبولة اجتماعيا للتعبير عن الحزن أو الألم. على امتداد عقود، اعتقد العلماء أن هذه الابتسامة غير بديهية بل يجري اكتسابها مع الوقت كسلوك اجتماعي، لكن في العام 2009، كشف فريق من جامعة "سان فرانسيسكو" أنها مبرمجة في الحمض النووي للإنسان. وعبر دراسة أكثر من 4800 صورة لمشاركين في الألعاب الأولمبية في أثينا، رأى الباحثون أن من يحظون بالميدالية الفضية يميلون لرسم تلك الابتسامة، حتى من كان كفيفاً منهم منذ الولادة. مع الوقت، أخذت ابتسامة البؤس منحى آخر، لتصبح في بعض الأحيان تجسيداً لابتسامة رعب. كان ذلك مع الرجل الأمريكي جورج ميتسكي الذي تعرض لاستنشاق الغاز المسرب في مقر عمله، ما أدَّى لإصابته بمرض مزمن، وبدلاً من تعويضه طُرد من العمل. حينها بدأ بالانتقام من المجتمع بكامله، إذ زرع العديد من القنابل المتفجرة في المرافق العامَّة لمدينة نيويورك، واستغرق الأمر 16 عاماً ليتم القبض عليه. هذه القصة ألهمت الكثير من المؤلفين، وكانت وراء ابتكار شخصية "الجوكر" الشهيرة في الأفلام الهولييودية، والتي كرست الابتسامة الأكثر رعباً في التاريخ. pexels-photo-247954pexels-photo-247954

4- ابتسامة الإحراج

يمكن تمييز هذه الابتسامة بسهولة من خلال الظرف الذي تحدث فيه، ومن خلال شكل الخدين أثناء ارتسامها على الوجه. كما يمكن الاستدلال عليها من الرأس المائل إلى الأسفل، باتجاه اليسار قليلاً.

5- ابتسامة "موظف الاستقبال"

هي تلك الابتسامة التي يرسمها موظف تصل إليه بعدما شاهدك تنتظر في الطابور مدة طويلة ليقول لك إن ما تنشده في مكان آخر، والابتسامة التي يرسمها موظف آخر وهو يقول لك إن أقرب موعد متوفر بعد عام تقريباً. هي ابتسامة الشخص المؤهل أن ينقل لك "أخباراً سيئة". تبدأ هذه الابتسامة برفع الشفة السفلى قليلاً، يرافقها أحياناً تحريك الرأس جانباً أو إلى الأسفل، وربما تعد الأكثر إزعاجاً بين الابتسامات، إذ توقع المتلقي بدوره في فخ الابتسام  لمن ينقل له الأخبار السيئة. وتستدعي هذه الابتسامة ثلاث أنواع من الابتسامات، هي "ابتسامة الامتثال" التي يرد بها الشخص على الموظف موحياً بأنه لن يحدث أي ضوضاء بعد سماعه الخبر المزعج، و"ابتسامة التنسيق" التي تدل على اقتناعه بما يسمع، و"ابتسامة الاستماع" التي يصاحبها همهمات تعني أن صاحبها يستمع لما يقال دون أن يولي ذلك اهتماماً.

6- ابتسامة الازدراء

تجمع هذه الابتسامة مزيجاً من الاشمئزاز والاستياء، وهي تشبه إلى حد ما الابتسامة الحقيقية، باستثناء زوايا الشفاه التي تظهر مشدودة قليلاً.

الابتسامة كرسالة سياسية

وفي معرض الحديث عن الابتسامات لا يمكن سوى المرور على ابتسامة الموناليزا الغامضة التي شغلت العالم، كما شغلته عيناها، والتي بحسب ما ذكر مقال "بي بي سي"، إنها ناجمة عن فعل مغازلة تبعه إحراج. 548px-Leonardo_da_Vinci_043-mod548px-Leonardo_da_Vinci_043-mod في جانب آخر، تلعب الابتسامة دوراً محورياً لدى الساسة خلال إطلالاتهم الإعلامية ولقاءاتهم الرسمية، فيتدربون عليها ويمارسونها كفعل إرادي، بين من يبتسم لإيصال رسالة ومن يمتنع عن الابتسام لإيصال رسالة أيضاً. وتختلف الابتسامة كذلك بحسب اختلاف الثقافات والطبيعة البشرية. وفي الإطار، يذكر تحليل لمجلة "بسيكولوجي توداي" الأساليب التي تساعد على تمييز صحة الابتسامة من زيفها، ومنها مدة الابتسام حيث تمتد الابتسامات الزائفة لوقت أطول. يأتي كذلك التحكم بالعينين والشفتين معاً، إذ يغيب التنسيق بين هذين الطرفين في الابتسامات الزائفة على عكس الحقيقية، وموقع الابتسامة في الوجه، ففي تلك الزائفة يكون الأمر إرادياً بحيث يتحرك بشكل أساسي القسم الأسفل من الوجه، أما الابتسامة الحقيقية، اللاإرادية، فتضم كذلك القسم العلوي من الوجه حيث تتقلص العينان والحواجب. ومن الوسائل كذلك للتمييز بين الابتسامات هناك التوازن، فإذا ظهرت الابتسامة على جانب واحد من الوجه (في الغالب الأيمن)، فيُرجح أن تكون زائفة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image