شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

ملف خيارات الناس المرّة... حكم الزبائنية في لبنان

ليس سراً أن معظم اللبنانيين، في أحاديثهم ضمن الأطر الضيّقة، ينتقدون السياسيين، ولكن عندما يأتي استحقاق الانتخابات يُعيد المقترعون انتخاب نفس الوجوه. كثيرون من المعارضين يرددون فكرة "بتستاهلو. إنتو لي انتخبتوهن"، محمّلين الناس مسؤولية عدم إيصال وجوه سياسية جديدة إلى البرلمان. ولكن الأمور ليست بهذه البساطة.

تنجح الطبقة السياسية اللبنانية في التجديد لنفسها دورياً لأن النظام اللبناني نظام زبائني يربط الناس بالأحزاب الطائفية الكبرى عبر آليات التوظيف وعبر توزيع الخدمات والمشاريع العامة، وكل ما يتخللها من فساد، ما يخلق جيشاً من الناس الذين لا يستطيعون الابتعاد عن المتحكّمين بحاضرهم ومستقبلهم ولقمة عيشهم.

وتستطيع الأحزاب التقليدية تصدّر المشهد السياسي دائماً، رغم فشلها المدوّي في إدارة شؤون البلد، عبر استغلال تاريخ من خوف الطوائف على مصيرها، وإثارة العصبيات في الوقت اللازم لتجييش الأغلبية في طوائفها لمصلحتها، مغيّبةً أي نقاش جدّي حول التفاصيل المهمة لحياة الناس، وفارضةً مكانه أحاديثَ عامة عن الوجود والفناء.

لا يقتصر الأمر على ذلك. آليات حماية المواطنين القانونية غير فعالة، ما يمنعهم من ممارسة حرياتهم في معارضة قوى الأمر الواقع. فالأحزاب الطائفية حاضرة من مستوى أصغر مخفر درك في أصغر قرية وصولاً إلى القضاء. هذا الواقع المدعّم بآلاف القصص التي اختبر كل مواطن بعضها يولّد قناعة بأن مؤسسات الدولة غير قادرة على حماية الناس، خاصة من الأحزاب التي تحمل علناً السلاح، ويدفعهم إلى خيار التسليم بالأمر الواقع ليسلموا.

من طبيعة تكوين الدولة اللبنانية، إلى استثمار الأحزاب في الخوف الطائفي، وإحيائها عداءات قديمة، وتخويفها من الديموغرافيا، إلى ممارسة القمع العاري ضد المحتجين، وتطويع البنى الاجتماعية التقليدية، وتدخّل الأحزاب في عمل الأجهزة الأمنية والقضاء، إلى آليات التوظيف والترقي الوظيفي، وتحكم الأحزاب بأرزاق الناس، يسعى هذا الملف عبر مجموعة تقارير معمّقة وفيديوهات إلى تفكيك النظام الزبائني اللبناني وما يرتبط به من عوامل تمنع التغيير.

فلا يمكن الاكتفاء بإخبار المواطن بأن "زعيمه" فاسد ليتخلى عنه. كل المواطنين يعرفون ذلك. ولا يمكن القول لهم "بتستاهلو. إنتو لي انتخبتوهن"، لأن واقع الأمور يختلف كثيراً عمّا هي عليه "على الورق".

كل تقرير وكل فيديو وكل مقال في هذا الملف هو نتيجة لجهد جماعي أشرف عليه رئيس التحرير المشارك لرصيف22 حسن عبّاس والمحرر السياسي في رصيف22 أيمن شروف.

Website by WhiteBeard