وقفت ريما، 24 عاماً، قبالة المرآة تسرّح شعرها الطويل، وفجأة أصابها الذعر ولم تستطع أن تتمالك نفسها فهرعت الى أهلها لتخبرهم بـ"الكارثة الكبرى" التي حلّت بها: الشعر الأبيض بدأ يتسلل الى رأسها رغم صغر سنها.
اكتشاف أول شعرة بيضاء في الرأس، يعدّ كابوساً لمعظم السيدات اللواتي يهرعن إلى مزيّن الشعر لإخفائه من خلال صبغ الشعر. في المقابل يتردد دائماً على مسامعنا المثل الشعبي القائل "الشيبة هيبة"، حين يتم الحديث عن شاب يافع بدأ الشعر الأبيض يغطي رأسه، الأمر الذي يزيده جاذبية في عيون النساء.
بالتالي، يختلف منظور الجمال بين الجنسين، وتتباين وجهات النظر. فما هو مرفوض لدى معظم السيدات يعدّ ميزة استثنائية لدى الرجال. ما هو سبب الشيب المبكر؟ وما هي صحة المعتقدات التي تتحدث عن أن نزع شعرة واحدة بيضاء يؤدي إلى ظهور 7 مكانها؟ وما ارتباط الشيب بالجاذبية لدى الرجال؟ لماذا لم نعد نصادف نساء أطلقن العنان لشعرهن الأبيض كما كن يفعلن في الماضي؟
من أين تأتي أولى الشعيرات البيضاء؟
ويوضح الفيديو الذي نشره الموقع، وعنوانه: "لماذا يتحول لون الشعر اإلى رمادي في العمر الذهبي؟" أن الشعر كالبشرة، يكتسب لونه من مادة تعرف بالميلانين، ويظهر الشيب عندما لا تستطيع الخلايا الملونة التي تفرز مادة الميلانين الاستمرار في نشاطها، وبالتالي تفقد الشعرة لونها وتصبح بيضاء.
ويؤكد الموقع أن ظهور الشيب لا يعني بالضرورة التقدم بالعمر، إذ إن الشعر الأبيض قد يبرز في عمر مبكر نتيجة عوامل وراثية أو غير وراثية، كتغيّر الهرمونات وتعرض الشعر لبعض العوامل الخارجية كالشمس أو الهواء، أو نتيجة التعرض لبعض المواد الكيماوية.
الشيب: كابوس يلاحق الفتيات
في هذا السياق، تكشف "ريما" أنها لم تتقبل على الإطلاق خصلاً بيضاء في شعرها، وبالرغم من مساعي أهلها لحثها على عدم الدخول في دوامة الصبغة، فقد هرعت إلى مصفف الشعر، وطلبت منه أن يخلصها من هذه الورطة ويصبغ شعرها. تقول: "بمجرد رؤيتي للون الأبيض الذي بدأ يملأ رأسي شعرت باليأس، خوفاً من اقتراب معالم الشيخوخة، وأنا عزباء في بداية حياتي". وتضيف: "صحيح أن الصبغة أفقدت شعري حيويته وصحته، لكنها تبقى الحل الوحيد لمشكلة الشيب المبكر".
من جهتها تخبر لارا (26 عاماً) أن الشعر الأبيض بدأ يتسلل إلى رأسها منذ سنتين، فقصدت حينها الطبيب بغية إيجاد حل لمشكلتها إنما من دون جدوى. تقول: "رجّح الطبيب أن يكون الأمر عائداً إلى بضعةً عوامل كالتوتر والإجهاد، ووصف لي عدة أدوية، إلا أن المشكلة لم تحل، فقررت أن أجرّب وصفات شعبية موجودة على الإنترنت، وهنا كانت الكارثة، فوقعت في مشكلة أكبر وهي تقصف الشعر وتلفه".
الشيبة هيبة وسر جاذبية الشبان
في أغنيته الشهيرة يقول ناظم الغزالي "عيّرتني بالشّيب وهو وقار... يا ليتها عيّرتني بما هو عار". فالشعر الأبيض لدى الرجال دليل على الوقار والحكمة، وعلى غرار ما يقال إن"الشيبة هيبة"، إذ تعطي الشاب مظهراً أنيقاً ومميزاً، يسحر قلوب الصبايا ويخطف أنفاسهنّ.
من هذا المنطلق، يرفض معظم نجوم السينما العالمية صبغ شعرهم، ويفضلون الاحتفاظ به رمادياً لاعتقادهم أن شيبتهم هذه تشكل سر نجاحهم وجاذبيتهم. فريتشارد غير مثلاً، محبوب النساء، لم يحاول على الإطلاق إخفاء شيبته التي فاجأته في وقت مبكر من عمره، كونه أدرك أن هذه الخصلات البيضاء تحمل في طيّاتها جاذبية وسحراً. تماماً كحال الممثل جورج كلوني، سارق قلوب السيدات، والذي اشتهر بشعره الرمادي المميز الذي أعطاه هيبة ووقاراً.
نذكر أيضاً راغب علامة الذي يدرك أن شعره الرمادي يجذب السيدات من حوله، عمرو دياب بدوره يخشى علامات الكبر في شعره فتظهر بضع شعيرات بيضاء من حينٍ لآخر، رفيق علي أحمد أو شون كونري العرب فخورٌ بكل شعرة بيضاء عمل الزمن على إزالة اللون منها. لن نقترب كثيراً من عاصي الحلاني أو وليد توفيق، لأنهما لا يحبذان أبداً الشعر الأبيض، ولا حتى شعرة واحدة!
يبدو أن الشعر الرمادي ينال إعجاب غالبية النساء، فمنذ اللحظة الأولى، تحكم المرأة على الرجل ذي الشعر الرمادي بأنه شخص ناضج، صارم ومتوازن عقلياً وعاطفياً. وفي استفتاء أجرته صحيفة مترو البريطانية مع أكثر من 4500 امرأة، تبيّن أن 88٪ منهن يجدن الشعر الرمادي للرجل أكثر إثارة وجاذبية.
يذكر كريم (30 عاماً) من لبنان، ممازحاً: "شيّبتني زوجتي..." ليستطرد: "أحب الخصل البيضاء في رأسي، ولا أجد في شيبتي أي عيب على الإطلاق، بل أعتبر أن اللون الرمادي هو ما يميزني عن سائر الشبان من جيلي". وتكشف زوجته أن شيبته المبكرة كانت وراء انجذابها إليه: "حين قابلته للمرة الأولى لفتت نظري هذه الخصلات البيضاء التي تغطي رأسه، فهي تعطيه كاريزما وتجعله ساحراً في نظري".
لماذا يشيب الزعماء في سن مبكرة؟
يحكى أن شعر ملكة فرنسا ماري انطوانيت تحول إلى اللون الأبيض في الليلة التي سبقت إعدامها، ما جعل البعض يعتبر أن التوتر هو الذي أدى إلى ذلك، فما صحة ارتباط القلق بالشيب المبكر خصوصاً لدى الزعماء؟ هناك عدة أسباب تجعل الشعر الأبيض يتسلل إلى فروة الرأس، من بين هذه العوامل الحالة النفسية المضطربة. بيّنت دراسة أميركية أن الضغط النفسي قد يسبب ظهور الشعر الأبيض، وأن ظاهرة الشيب المبكر ليست محصورة بالتقدم في العمر، إنما تعود إلى عوامل لعل أبرزها العامل النفسي. بدورها، كشفت صحيفة الهافينغتون بوست عن مدى ارتباط الشيب بالقلق والضغط النفسي، وأوضحت أن التوتر يساهم في تساقط الشعر وتغير لونه. ولتأكيد هذه النظرية عرضت الصحيفة صور رؤساء الجمهورية في أميركا، مشيرة إلى أن منصبهم الرفيع وعملهم الدقيق ساهما في إضافة اللون الرمادي على شعرهم في غضون سنواتٍ قليلة، أمثال جيمي كارتر، ورونالد ريغان وغيرهما. كذلك تحدثت النيويورك تايمز عن تبدل لون شعر الرئيس الأميركي باراك أوباما جرّاء الضغط النفسي، فقالت: "لم يمر 44 يوماً على توليه المنصب، حتى أصبح شعر أوباما رمادي اللون". وأوضحت الصحيفة أن هذه الحالة تنطبق على معظم الرؤساء في أميركا.
عن خرافات الشعر الأبيض
هل نزع شعرة واحدة بيضاء يؤدي الى انتشار الشعر الأبيض في الرأس؟
عندما تكتشف المرأة أول شعرة بيضاء في رأسها تحاول نزعها، لكنها تتردد ولا تقدم على هذه الخطوة خوفاً من أن ينتشر الشعر الأبيض فى جميع رأسها. إنما هذا الاعتقاد خاطىء، فلكل شعرة بصيلة خاصة، تنبت من خلالها، ونزع شعرة واحدة بيضاء من البصيلة يعني أن شعرة واحدة بيضاء أخرى ستحلّ مكانها. وبالتالي كل ما يقال عن أن انتزاع شعرة بيضاء سيؤدي إلى ظهور الكثير غيرها، أمر غير صحيح، مع العلم أن نزع الشعر يعد من العادات الخاطئة، لأنه قد يدمر بصيلات الشعر، ويتسبب بعدم إنباته مرة أخرى.هل من علاقة بين التدخين والشيب؟
في الواقع كشفت دراسة أن التدخين يساعد في ظهور علامات التقدم المبكر في العمر، ويضيف المزيد من التوتر إلى الجسم، ما يعني أن التدخين قد يكون سبباً غير مباشر لتطور الشيب.هل من رابط بين الشيب والفزع؟
الجواب هو لا إذ لا يمكن أن يشيب الشعر في ليلة وضحاها، حالما يصاب المرء بالهلع، أو يسمع خبراً صادما، لكن التوتر يساهم في بروز الشعر الأبيض بوتيرة أسرع.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...