العراق بعد داعش: اختلاف الرؤى بين السنة والشيعة
السبت 25 مارس 201702:20 م
يتسابق ساسة المذهبين الشيعي والسُني إلى طرح أنفسهم قادة تعايش سلمي يسعون إلى إنهاء الصراعات وتحقيق المصالحة الوطنية المنتظرة في بلاد ما بين النهرين.
وفي آخر النقاشات حول مستقبل العراق، قدم الشيعة ورقة سمّوها "التسوية التاريخية"، ليأتي السُنة بعدهم ببضعة أشهر ويطرحوا ورقة قد تكون مشابهة بالمضمون والإسم تحت مسمى "التسوية السياسية".
"التسوية التاريخية" التي طرحها التحالف الوطني الشيعي قبل ستة أشهر، تضمنت 41 فقرة تحدثت عن أهمية "تسوية" الأزمات بين الأطراف السياسية والاجتماعية العراقية، بمتابعة من بعثة الأمم المتحدة في العراق. أما "التسوية السياسية" التي قدمها تحالف القوى العراقية السُني، وتجاوزت الـ100 نقطة، فقد ركزت على المسائل التي نادى بها السنة طوال السنوات الماضية، وهي التوازن في مؤسسات الدولة وملف المعتقلين وإنهاء الاعتقالات العشوائية.
من هو التحالف الوطني الشيعي؟
التحالف الوطني يترأسه عمار الحكيم منذ ستة أشهر تقريباً، هو تحالف سياسي يضم الكتل الشيعية التي تُشارك في العملية السياسية بعد العام 2003. أسس هذا التحالف في العام 2010 بعدما كان يُسمى الائتلاف الوطني ولم يكن يضم حينها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر. بعد عامين من دخول القوات الأمريكية إلى العراق شُكل ما يُعرف بالتحالف الوطني العراقي الموحد الذي لم يكن يضم التيار الصدري آنذاك، لأنهم لم يكونوا حينها تكتلاً سياسياً بل عسكرياً. وترأس التحالف العراقي الموحد، عبد العزيز الحكيم (توفي عام 2009) والد رئيس التحالف الوطني الحالي عمار الحكيم. كتل التحالف الوطني هي المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمار الحكيم، ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري الذي يُعتبر أحد قادة الحشد الشعبي، وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، وحزب الفضيلة بزعامة رجل الدين محمد اليعقوبي، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتيار الإصلاح بزعامة رئيس الوزراء الأسبق وزير الخارجية الحالي إبراهيم الجعفري، وكتلة مستقلون بزعامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي حسين الشهرستاني، وكتلة صادقون برئاسة قيس الخزعلي الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق.
ما هي أبرز النقاط التي تضمنتها ورقة التحالف الوطني؟
الورقة ركزت في نقاطها الأولى على عراق "موحد"، وتحدثت عما أسمته "التنازل الأحادي الجانب" الذي عدته مرفوضاً إذا ما طُرح من قبل الأطراف المشاركة في العملية السياسية أو التي تُريد الانضمام إليها، داعيةً إلى أن يكون "التنازل" متبادلاً. وجددت الورقة تأكيد الأحزاب الشيعية على ضرورة عدم "التفاوض" مع حزب البعث العربي الاشتراكي ولا "القبول" بعودته. وأيضاً ركزت على رفض الحوار مع ما أسمتها "الكيانات الإرهابية" أو "العنصرية". وهناك نقطة غريبة في الورقة تحدثت عن "تصفير الأزمات"، وهذا ما يخشى منه المجتمع العراقي إذ قد يكون القصد منه عدم محاسبة الذين تسببوا بإراقة الدماء خلال السنوات الماضية أو الذين أهدروا الأموال العراقية أو حتى أولئك الذين وصلوا إلى السلطة عبر طرق عنفية، رغم أن إحدى نقاط التسوية تُشير إلى ضرورة "رفض استخدام العنف كورقة سياسية لتحقيق التسويات السياسية". وأشارت الورقة أيضاً إلى سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح بوجود كيانات مسلحة أو ميليشيات خارج إطار الدولة، والالتزام بقيم التعايش والتسامح والتآخي وقبول الآخر والانتماء الوطني ونبذ العنف واللاتسامح والتآمر والعدوان في حل المشكلات المجتمعية والسياسية، وإدانة ورفض نهج التكفير والتخوين بحق أي كان من مكونات المجتمع العراقي.على ماذا يتفق وعلى ماذا يختلف السنة والشيعة في نظرتهم للعراق بعد داعش؟
يتسابق ساسة المذهبين الشيعي والسُني إلى طرح رؤيتهم للعراق بعد الخلاص من داعش... هل يتوصلون إلى حل مشترك؟
التحالف الوطني: "التسوية من أجل المواطن"
قال المتحدث باسم كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الذي يترأسه عمار الحكيم، حبيب الطرفي، لـرصيف22 إن "التسوية التاريخية مشروع مهم يجب أن يعمل الجميع وفقه لتخليص البلاد من الأزمات والصراعات وفتح باب الحوار بشكل جدي بين أطراف العملية السياسية". وأكد الطرفي أنه "ليس وراء التسوية أية مصلحة انتخابية أو حزبية، وإنما هي رؤية وطنية يُراد من خلالها تحقيق ما يصبو إليه الشعب العراقي للعيش بسلام بعيداً عن الصراعات والمشاكل التي عانى منها طوال السنوات الماضية". وقالت النائبة السُنية عن محافظة الأنبار لقاء وردي لرصيف22 إن "ورقة التحالف الوطني حول التسوية التاريخية همشت مطالب سُنة العراق ولم تركز على الكثير من القضايا التي عانوا منها طيلة السنوات الماضية، ومنها المخبر السري الذي اعتقل بسببه عشرات الآلاف، وملف المعتقلين، والمشاركة في القرارات والتوزيع المتوازن للسلطة". لكن الطرفي ردّ قائلاً إن "الورقة مُتاحة للجميع ويُمكن عبر الحوار والاجتماعات أن تُضاف عليها نقاط أخرى من الإخوة في الكتل السُنية، وإذا ما كانت تلك النقاط تتوافق مع الرؤية الوطنية العراقية، فلا مشكلة معها، ولا يُمكن أن تُعدّل تلك الورقة دون حوار".من هو تحالف القوى السُنية؟
القوى السنية ليست مثل الكتل الشيعية التي تُظهر توحداً قبل الانتخابات وربما بعدها أيضاً، فالكتل السُنية لم تجتمع في يوم ما بقائمة واحدة تُمثل المكون السني بشكل عام، لكن هناك كتلاً بارزة منذ العام 2003 وحتى الآن، منها الحزب الإسلامي وقائمة التوافق ومتحدون والقائمة العراقية وكتلة الحل. يضم تحالف القوى السُنية الذي يترأسه رئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي، كتلة الحل برئاسة رجل الأعمال العراقي جمال الكربولي، ومتحدون برئاسة أسامة النجيفي، وائتلاف العربية برئاسة نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك، والوفاء للأنبار برئاسة وزير الكهرباء الحالي قاسم الفهداوي، وديالى هويتنا برئاسة عامر خيزران، وعمل برئاسة رئيس مجلس النواب الحالي سليم الجبوري، والجماهير برئاسة عضو مجلس النواب أحمل المشهداني.