دخل الفلسطينيون لبنان قبل أكثر من ستّين سنة، تتالت أجيالٌ وتغيّرت في بعض الأحيان العادات الفلسطينية واللبنانية، واندمجت الثّقافتان في مدنٍ لبنانيةٍ عديدة. فما بين المخيّم ومحيطه، فروق بسيطة، وعاملٌ، بالرّغم من مرور عشرات السّنين، لا يزال موجوداً، هو العنصرية الظّرفية، ولو بسبب خلافٍ فردي على بيت "الكلب".
قبل قرابة عشرة أيام، أي مع بداية شهر آذار، انتشرت مقاطع فيديو لاشتباكاتٍ بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في منطقة الضّاحية الجنوبية لبيروت. الاشتباكات لم تكن بين الجيش أو قوى الأمن وعصابات تهريب أو مجموعاتٍ إرهابية، بل كانت نتيجةً لإشكالٍ عائلي طرفاه عشيرتا حجولا وزعيتر. الاشتباك ليس الأول من نوعه، بل واحدٌ من سلسلةٍ مستمرّة بسبب تفلّت السّلاح وسطوة القانون العشائري على القانون المدني.
إشتباكات حجولا – زعيتر إستفزّت الرّأي العام، توحّد الأخير على رفض السّلاح المتفلّت، وظواهره اللاحقة، كإطلاق النّار إبتهاجاً او حزناً، وصولاً إلى الإشتباكات الفردية، بدا المجتمع اللبناني وكأنه إتفق على موقفٍ واحد.
كأس العالم وبيت "الكلب" سببان كافيان للاشتباك
لم يعرف لاعبو المنتخبين، الألماني والبرازيلي، أنهم سيكونون سبباً في اشتباكاتٍ بالأسلحة الخفيفة والمتوسّطة، قبل أعوام، أي تزامناً مع كأس العالم، رفع شبّان من آل جعفر في برج البراجنة – ضاحية بيروت الجنوبية، علماً للمنتخب الألماني على شرفتهم، بينما رفع شبّانٌ لاجئون فلسطينيون، من آل القفاص، يسكنون مخيم البرج، علماً للبرازيل على شرفتهم المقابلة. الحماسة في التّشجيع لم تنعكس روحاً رياضيةً بين الطّرفين. فخلافٌ على إزالة أحد الأعلام كان كفيلاً بإشعال اشتباكٍ ناري سقط جرّاءه ضحايا مدنيون. طويت الصّفحة بفضل جهودٍ ومساعٍ لبنانية – فلسطينية، لكنها فُتحت مجدّداً، هذه المرّة، من نافذة بيت الكلب.
بدأ الإشكال برفض شبّانٍ فلسطينيين السّماح لشابٍ من آل جعفر، ببناء منزلٍ لكلبه على سطح منزله المقابل للمخيّم، التّلاسن كان سيّد الموقف، ولأن التّشابك بالأيدي ليس مغرياً بما يكفي لشبّانٍ مسلّحين، كان الرّصاص هو البديل الحاضر، مع قذائف صاروخيةٍ متنّوعةٍ كانت كفيلةً بإحراق منازل وسياراتٍ وممتلكات، تَدَخُل الجيش وتعهّده بملاحقة مطلقي النّار، كما في كلّ مرّةٍ، أوقفا الاشتباكات قبل أن تبدأ جولةٌ جديدةٌ لا نعلم موعدها.
أطردوا اللاجئين
تبدّل الموقف اللبناني الموحّد من خلاف عشيرتين لبنانيتين بتبّدل جنسية العائلات، تناسى البعض أن آل جعفر مشاركون في الاشتباكات، وركّزوا على آل القفاس الفلسطينيين، مع أن الطّرفين يُلامان ويُدانان. سلاح المخيّمات ليس ذا فائدةٍ مرجوّة، لا خلاف على ذلك، ولبنان ليس ساحةً مفتوحةً لعملياتٍ فلسطينيةٍ تنطلق من حدوده، لا خلاف أيضاً على ذلك. سحبُ السّلاح الفلسطيني هو قرارٌ اتُخذ بالإجماع على طاولة الحوار الوطني ولا خلاف على ذلك أيضاً، سلاح العشائر يندرج في الإطار ذاته، لا لزوم له ولا معنى.
موجة العنصرية التي تجتاح مواقع التّواصل الاجتماعي، وذلك عند كل حدثٍ أمني، تنبش أفكاراً يُفترض بالمجتمع اللبناني تجاوزها، فالإشكال الفردي، يمثّل مفتعليه فقط لا المحيط ولا حملة الجنسية الفلسطينية أو السّورية أو غيرها، يا حبّذا لو عرف العنصريون، أن تحريضهم- الذي رافق تأييداً غير مباشرٍ من البطريرك الرّاعي، الذي دعا لترحيل الفلسطينيين واتهمهم بأنهم المسبب الوحيد للحرب الأهلية، في جهلٍ وأميّة بالسّياسة- سببه خلافٌ على...بيتٍ للكلب.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياميخلقون الحاجة ثم يساعدون لتلبيتها فتبدأ دائرة التبعية
Line Itani -
منذ 6 أيامشو مهم نقرا هيك قصص تلغي قيادات المجتمع ـ وكأن فيه يفوت الأوان عالحب
jessika valentine -
منذ اسبوعينSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع