شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
غيوم حمراء فوق غزة... الربيع يدقّ طبول الحرب؟

غيوم حمراء فوق غزة... الربيع يدقّ طبول الحرب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 11 مارس 201703:50 م
هل تندلع حرب جديدة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة خلال أشهر الربيع الوشيكة؟ هل هناك ما يشير إلى هذا الاحتمال؟ ما الدوافع الأمنية والسياسية التي قد تقود أباطرة الحرب في تل أبيب للتورط في مغامرة جديدة بالقطاع؟ وما الأسباب التي قد تدفع حماس لخوض هذه الحرب؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة في حال اندلاعها؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها بقوة في وقت يتوقع محللون إسرائيليون اندلاع شرارة الحرب الأولى خلال وقت قصير مع وصول الحصار الخانق للقطاع إلى ذروته، وتنفيذ إسرائيل غارات محدودة على أهداف لحماس داخل القطاع رداً على إطلاق تنظيمات سلفية صواريخ تجاهها. تسفي برئيل، محلل الشؤون العربية بصحيفة هآرتس، كتب في الثالث من مارس الجاري تحليلاً مطولاً بعنوان "غزة 2017: يمكنهم في مكتب مراقب الدولة البدء في إعداد مواد للتقرير المقبل"، استعرض فيه مقدمات الحرب المرتقبة، وأسبابها، وطموحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى شن حرب "ناجحة" على غزة للإطاحة بنتنياهو من قيادة الائتلاف اليميني الحاكم، واحتلال موقعه. يقول برئيل: "العديد من مكونات الخليط المتفجر الذي جر إسرائيل وحماس للحرب في صيف عام 2014، واستُعرض هذا الأسبوع  بالتفصيل في تقرير مراقب الدولة حول عملية الجرف الصامد، عاد  يحلق في هواء ربيع 2017 “."ينقل التقرير تحذيرات سمعها وزراء الكابينت (مجلس وزاري أمني مصغر) من منسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية اللواء إيتان دنجوت، وخليفته يوآف مردخاي، في العام ونصف العام اللذين سبقا الحرب بقطاع غزة. حذّر كلاهما من تبعات الوضع الإنساني المتفاقم بالقطاع وأوضحا أن الظروف في غزة بما في ذلك المشكلات الهائلة في البنية التحتية، والصعوبات الكبيرة في إمدادات المياه والكهرباء، والبطالة الحادة والشعور بالاختناق والحصار، يمكن أن تؤدي إلى انفجار. ويضيف برئيل "المصاعب اليومية بالقطاع بمثابة قنبلة موقوتة، من شأنها أن تدفع نظام حماس لمواجهة جديدة مع إسرائيل. لا يمكن لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزرائه أن يدّعوا أنهم لم يكونوا على علم بذلك. في تقرير مراقب الدولة عن الحرب القادمة لن يكون هناك نقص في عدد المرات التي طرح فيها الوضع الإنساني في القطاع خلال مناقشات الكابينت". ويشدد محلل "هآرتس" على أنهم في إسرائيل يعرفون جيداً تقرير الأمم المتحدة الذي يقضي بأنه بحلول عام 2020 سوف يتحول القطاع إلى مكان من المشكوك فيه أن يكون مناسباً للعيش البشري، ملقياً الضوء على تصريحات رئيس جهاز أمان (المخابرات الحربية) اللواء هاراتسوي هاليفي في لجنة الأمن والخارجية بالكنيست بتاريخ الأول من مارس الجاري، والتي قال فيها إن قطاع غزة يواجه أزمة اقتصادية حادة. "هاجم مراقب الدولة يوسف شابيرا في التقرير الكابينت الذي لم يبحث مطلقاً عن بديل سياسي للحرب عشية اندلاعها. لا يتحدث شابيرا عن معاهدة سلام مع حماس، بل اقتراحات طُرحت ورُفضت لتخفيف بعض من معاناة غزة. خلال الشهور الأخيرة تم فحص اقتراحات مماثلة تماماً في إسرائيل دون أي تقدم. تمسك نتنياهو خلال النقاشات بصيغة ‘نزع السلاح مقابل إعادة الإعمار’، لكن لا أحد في المنظومة الأمنية يعتقد أن الأمر ممكن. فحماس على ما يبدو لن توافق على التنازل عن أسلحتها الثقيلة، أياً كان المقابل الذي يعرض عليها”، يؤكد برئيل.

مهدئات إسرائيلية

على الجانب الإسرائيلي، يقول محلل هآرتس، أولئك الذين يسعون إلى منع الحرب يستعينون بمبدأين: الخوف في قطاع غزة من خسائر جديدة، بعد الدمار والقتل الواسعين اللذين خلفهما الجيش الإسرائيلي عام 2014، والتغير المعين الذي طرأ على موقف مصر. قبل عامين ونصف العام كان الجنرالات في القاهرة هم أسوأ أعداء حماس، بشكل حتى يفوق إسرائيل. أبقت مصر على القطاع محاصراً حتى عندما اندلعت الحرب، لم يتحرك المصريون بشكل عاجل يدل على رغبة في إنهاء المسألة على وجه السرعة". ويواصل الكاتب "حدث خلال الشهور الأخيرة تقارب، يوصف بأنه تكتيكي، بين القاهرة وغزة. تفتح مصر معبر رفح في كثير من الأحيان، تسمح بتحرك الكثير من الأفراد، وتسهل حركة مرور البضائع. حقيقة أن الجيش المصري من خلال شبكة واسعة من الشركات الاقتصادية التي يملكها يتكسب من نقل البضائع، ليست ضارة بالتأكيد”.

السنوار

يرى برئيل أن تطورات أخرى حدثت تزيد من خطر الحرب. أهمها فوز يحيى السنوار، القيادي بالجناح العسكري لحماس (كتائب عز الدين القسام)، في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي، بمنصب زعيم التنظيم في القطاع. يوصف السنوار الذي أطلق سراحه من السجن الإسرائيلي في صفقة (جلعاد) شاليط، بعد 22 عاماً قضاها خلف القضبان، في الملف الذي أعدته أجهزة المخابرات الإسرائيلية كرجل صلب ومتطرف. ويسود الاعتقاد بأنه في ظروف الأزمة يمكن أن يحاول دفع تنظيمه إلى مواجهة عسكرية جديدة. لن يحدث ذلك فقط بسبب الرغبة في إطلاق سراح مزيد من الأسرى مقابل رهائن إسرائيليين جدد، مثلما وعد السنوار حين أطلق سراحه.
محللون إسرائيليون يتوقعون اندلاع الحرب خلال وقت قصير، مع وصول الحصار الخانق لقطاع غزة إلى ذروته
هل تفرغ إسرائيل دفعة جديدة من إجرامها الدموي على غزة؟
فالهدف الأكثر إلحاحاً بالنسبة له، كما يقول الكاتب الإسرائيلي، يمكن أن يكون كسر الحصار عن قطاع غزة، والأمل في إجبار إسرائيل على القيام بما رفضته في المواجهات السابقة من خلال ضغط دولي يمنح حماس السيطرة على المعابر الحدودية للقطاع.

الأنفاق الهجومية

تغير جوهري آخر يتعلق بالمشروع الهندسي والتكنولوجي الذي شرعت إسرائيل في إقامته على حدود القطاع، ضد الأنفاق، بتكلفة يمكن أن تصل إلى ثلاثة مليارات شيكل (815 مليون دولار تقريباً)، لكن دون أن يكون بمقدور منظومة الدفاع الإسرائيلية التعهد بأنها ستقضي بهذا المشروع على خطر الأنفاق نهائياً. "مع ذلك، يمكن لتلك الأعمال أن تحفز حماس للتساؤل هل كان ينبغي شن هجوم لاستغلال الثروة التي لديها، الأنفاق الهجومية، قبل اكتشافها نهائياً وتدميرها. هجوم كهذا هدفه حملات قتل واختطاف في البلدات والمواقع بمحيط غزة، من شأنه أن يتضمن أيضاً استخدام طائرات بدون طيار، كتلك التي أسقطها الأسبوع الماضي سلاح الطيران قبالة شاطئ غزة، ووابل كثيف من الصواريخ وقذائف الهاون القصيرة المدى التي تصنعها حماس بالجملة”. يواصل برئيل.

التنظيمات السلفية في القطاع

مع اندلاع المواجهة المقبلة يمكن أن يلعب دوراً أيضاً سلوك التنظيمات السلفية المتشددة. في الشهر الماضي أطلقت تلك التنظيمات أربعة صواريخ من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية. وأطلقت صواريخ أخرى على إيلات والنقب الجنوبي على يد جناح داعش بسيناء. ترد إسرائيل على تلك الاستفزازات بالهجوم على مواقع حماس، بما في ذلك خط المواقع التي أقيمت على طول الحدود، والتي تهدف في الأساس إلى منع نشاطات هجومية غير متفق عليها ضد إسرائيل. وتلفت هآرتس إلى أن السنوار يمكن أن يقرر أنه لم يعد مستعداً لتحمل ضربات باسم المسؤولية العامة لتنظيمه عن القطاع. لكن بدلاً من ذلك يمكن أن يحفز نجاح عارض للسلفيين في قتل إسرائيليين بالصواريخ عملية رد إسرائيلية حادة.

أباطرة الحرب

لا يمكن إغفال التغيرات التي شهدتها إسرائيل خلال العام الماضي، ويمكن تلخيصها في نقطتين، بحسب برئيل، الأولى تتعلق بأوضاع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من أزمات خانقة قد تدفعه للانسياق وراء حرب جديدة على القطاع، أهمها التحقيقات التي تلاحقه وأسرته في قضايا فساد وتلقي رشى وهدايا بخلاف القانون من رجال أعمال إسرائيليين، فضلاً عن التوترات المتصاعدة بينه وبين أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم الذي يقوده، بل حتى داخل حزبه الليكود نفسه. يتعلق التغير الثاني بوزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي سبق وهدد باغتيال إسماعيل هنية القيادي بحماس، وعاد مؤخراً وأعلن أنه بحال "فُرضت" حرب على إسرائيل في غزة، سوف يعمل على أن تكون الحرب الأخيرة، وألا تستمر حماس في السيطرة على القطاع مع نهاية المعارك. وحول طموحات ليبرمان الذي ربما لن يتورع عن شن حرب وحشية على القطاع، يقول صحافي هآرتس: "في الخلفية يمكن الافتراض أن هناك أيضاً اعتبارات سياسية. بصعوبة يحاول ليبرمان إخفاء نيته لخلافة نتنياهو، عندما يخلي مكانه في قيادة اليمين. في الوقت نفسه يرسخ صورته كشخصية أمنية، لكن هل الطريق إلى بلفور (شارع بلفور بالقدس ويضم مقر الإقامة الرسمي لرؤساء الحكومة الإسرائيلية) يمر عبر غزة؟ بعض من الضباط الذين عملوا معه يعتقدون أنه يتسلى بالاعتقاد بأن عملية عسكرية في القطاع، بمبادرته وقيادته، سوف ترفع رصيده العام، في وقت تتزعزع مكانة نتنياهو”.

الأوضاع العربية والدولية

ويعتبر برئيل أن "إغراء إسقاط نظام حماس يرتبط أيضاً بالفوضى العالمية: ست سنوات من الاضطرابات والحروب الأهلية بالعالم العربي، والفظائع التي ترتكب في سوريا واليمن، والفوز المفاجئ لدونالد ترامب في انتخابات الولايات المتحدة، وسلسلة المعارك الانتخابية في أوروبا، التي يتوقع فيها تحقيق إنجازات لليمين المتطرف”. ويتابع :"في الظاهر، هذا المناخ الدولي قد يكرس اهتماماً أقل وإدانات للتحركات الإسرائيلية بالقطاع. وكلما تزايد تثمين القيادة الإسرائيلية لاستعراض القوة المتواصل من قبل روسيا، بقوات محدودة نسبياً، في الحرب بسوريا، تزايد الخطر من محاولة استيراد إستراتيجية بوتين سواء في غزة أو لبنان”. لكن، والكلام للمحلل الإسرائيلي، فإن أي اجتياح بري واسع ومستمر من قبل الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة سيكون مصحوباً أيضاً بخطر كبير على حياة المقاتلين. سيكون في انتظارهم في المنطقة المزدحمة أنفاق، ومخربون انتحاريون، وعبوات ناسفة وقناصة، تهديدات مماثلة لما وصفه هذا الأسبوع الصحافي إيتي أنجيل في تحقيق من مدينة الموصل العراقية، بثته القناة الثانية في برنامج "عوفدا”. ويخلص الكاتب إلى أن "قدرة الجمهور الإسرائيلي على تقبل خسائر فادحة قد تراجعت خلال العقود الماضية. في تلك الظروف ستكون هناك حاجة لسياسة عدوانية جداً للدفاع عن حياة المقاتلين. وبحسب ما يؤكده عدد من الأشخاص الذين يعرفونه، لن يتردد ليبرمان في مثل هذه الحالة في اتباع نهج أكثر عدوانية. ويذهبون إلى أن خياله قد يدفع إسرائيل إلى أن تحذو حذو الأب والابن قاديروف، الرئيسين الشيشانيين الموالين للروس اللذين قصفا بلا رحمة في حرب الشيشان الثانية التي اندلعت عام 1999 مدن البلاد لإخضاع المتمردين بتعليمات من موسكو”. ويختم برئيل تحليله: "احتلال القطاع فكرة سيئة. وليس مصادفة أن نتنياهو استبعده لسنوات طوال. قال وزير الدفاع السابق موشيه يعالون هذا الأسبوع إنه إذا ما استجاب لدعوات إسقاط حماس عام 2014، لكانت إسرائيل تنزف في غزة لشهور طويلة. إذا كان هناك أحد على الجانب الإسرائيلي يعتقد أن محمد دحلان، أو أي فلسطيني آخر، سيتولى الحكم في القطاع بعد طرد حماس من هناك فإنه على ما يبدو يعيش في الأوهام. وإذا كان هناك من يعتقد أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال حرب بلا قيود أو حدود مع العدو المتخفي بين السكان المدنيين الفلسطينيين، ومع لجنة غولدستون (لجنة رسمية شكلتها الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن العدوان على غزة صيف 2014)، فسوف تصبح إسرائيل دولة مختلفة تماماً في نهاية تلك المعركة”.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image