من يصدق أن مدينة دبي الإماراتية تشهد ازدحاماً واختناقات مروريةً أكثر من العاصمة المصرية القاهرة. بل إن هذه الأخيرة قد غابت تماماً عن قائمة الدول الأكثر ازدحاماً في العالم، والتي كشف عنها مؤشر TOMTOM، الذي يحدد مستوى الازدحام والاختناقات المرورية سنوياً.
ووفقاً للمؤشر فإن المدن الخليجية قد احتلت المراكز الأولى في عدد وحجم الاختناقات المرورية سنوياً في العالم العربي، والذي يعتبر من المناطق ذات الازدحام المروري المنخفض قياساً لمدن الصين والولايات المتحدة الأمريكية ودول جنوب شرق أسيا.
مدينة دبي الإماراتية تصدرت المدن العربية وجاءت في المركز الـ85 عالمياً، تليها الكويت في المركز 95 عالمياً ثم مدينة جدة السعودية ثم العاصمة الرياض ومدينة أبو ظبي، في مقابل غياب تام للمدن المصرية وخاصة مدينة القاهرة الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، والتي يتجاوز عدد سكانها 22 مليون نسمة. وكذلك غياب مدن المغرب الأقصى أيضاً.
وسجل المؤشر تدهوراً في الوضع المروري للعاصمة الكويت إذ ارتفع حجم الاختناقات المرورية في المدينة بنسبة 1% عن العام الماضي، وكذلك الشأن في مدينة أبو ظبي التي ارتفعت فيها النسبة بــ6%. في المقابل حسنت مدينة جدة السعودية من وضعها المروري بنسبة 1% فيما حافظت كل من الرياض ودبي على وضعهما للعام 2016.
مدن الخليج أكثر ازدحاماً من المدن المصرية... كيف ذلك؟
تخسر مصر سنوياً 8 مليارات دولار بسبب الازدحام في القاهرة لوحدهاويعود ذلك إلى كثرة اعتماد الناس على السيارات الخاصة، بسبب ارتفاع مستوى العيش والقدرة الشرائية والرواتب، حيث أن كثيرًا من العائلات تمتلك سيارات على عدد أفرادها، في مقابل ضعف استعمال شبكة المواصلات العامة الجماعية كالباصات والميترو والقطار أو انعدامها تماماً في كثير من مدن دول الخليج. من العوامل الأخرى المفسرة لارتفاع حجم الازدحام المروري في مدن الخليج هي النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته ومازالت هذه المدن، الأمر الذي رفع تعدادها السكاني أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه في السنوات السابقة بفعل قدوم اليد العاملة المهاجرة وذلك أدى بدوره إلى تفاقم الوضع المروري. أما على المستوى العالمي فقد حازت العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي لقب المدينة الأكثر ازدحاماً في العالم، حيث يخسر سكانها سنوياً أكثر من 227 ساعةً في الاختناقات المرورية. وجاءت العاصمة التايلاندية بانكوك في المركز الثاني، فيما حلت إسطنبول في المركز السادس عالمياً. وضمن العشر مدن الأكثر ازدحاماً في العالم، نجد ثلاث مدن صينية هي: تشونغتشينغ، أكبر مركز صناعي وتجاري في منطقة جنوب الصين الغربي، وتشنغدو قطب الاتصالات الصيني، والعاصمة بيكين، التي يهدر سكانها حوالي 179 ساعة سنوياً في التكدسات المرورية.
لماذا غابت القاهرة؟
ويبدو أن غياب العاصمة المصرية، المعروفة باختناقاتها المرورية المعقدة والكثيرة، وتقدم المدن الخليجية كان سببه عدم إدراج المدن المصرية في قياس مؤشر TOMTOM، الذي أخضع المعطيات المرورية لحوالي 380 مدينة في خمسين بلداً حول العالم للتحليل باعتماد الخرائط المرورية ونظام الملاحة بالأقمار الصناعية، المعروف بنظام التموضع العالمي (GPS). غياب القاهرة عن المؤشر لا يعني وضعاً مرورياً جيداً في شوارعها حيث تعاني منذ سنوات من مشاكل المرور، حتى تحولت من مجرد ازدحام عابر إلى ظاهرة تكدس مروري مزمن، تحولت معه قيادة السيارة في شوارعها إلى كابوس يسبب الضغط النفسي، إلى جانب الأثار الاقتصادية والبيئة السيئة التي يخلفها. وفقاً للبنك الدولي فإن الخسائر الاقتصادية التي يكلفها الازدحام والتكدس المروري في شوارع العاصمة المصرية يصل إلى 128 مليار جنيه أو ما يعادل 8 مليارات دولار، ويُشكِّل هذا ما يصل إلى 4 % من إجمالي الناتج المحلي المصري. وتشير دراسة أعدها البنك الدولي ونشرت تحت عنوان "الازدحام المروري في القاهرة" إلى أن التكدس المروري في العاصمة المصرية يكلف الاقتصاد المحلي خسائر مباشرة تعود أساساً على نقص الإنتاجية بسبب قضاء أوقات طويلة في المرور والانتقال بدلاً من العمل، وزيادة استهلاك الوقود من جراء طول فترات السفر والآثار البيئية الناجمة عن زيادة الانبعاثات من المركبات، كما يخلف أيضاً تكاليف غير مباشرة مثل آثار التدهور البيئي على الصحة العامة. وتلفت الدراسة إلى حجم الخسائر البشرية للازدحام المروري في القاهرة. فما لا يقل عن ألف من سكانها يموتون كل عام في حوادث متصلة بالمرور، أكثر من نصفهم من المارة، بينما يتعرض ما يزيد عن 4000 آخرين لإصابات. وهذه المعدلات أعلى كثيراً من تلك التي تم تسجيلها في معظم المدن الكبرى الأخرى في العالم.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...