شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"اغتصبوني وضربوني لأصبح رجلاً"... أن تكون مثلي الجنس في تونس ومصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 19 أغسطس 201709:18 ص
لا يطاردهم القانون والشرطة فقط، بل هم مهددون من مجتمعات لا تقبل دياناتها أو تقاليدها اختياراتهم، وتعاني من رهاب قد يودي بحياتهم. أن تكون مثليَّ الجنس في مصر أو تونس يعني أن تخفي هويتك بين جدران بعض الشقق وصفحات الإنترنت أو التطبيقات المخصصة للتعارف. ينتابك الرعب من كشف هويتك الجنسية كي لا تنال عقاب أفراد الدولة وعقاب أفراد في المجتمع الذي قد يكون أشد وطأة.

عنف واغتصاب وابتزاز

يقول علي، وهو اسم مستعار لشاب تونسي، أن والدته وشقيقاته فقط ساندنه حين أخبرهن بميوله الجنسية، أما والده وأشقاؤه فأوسعوه ضرباً لكي "يصبح رجلاً"، على حد قولهم. "أفراد عائلة والدي معروفون في تونس فكانوا يتعاملون معي كأنني عار أسير على قدمين"، يقول علي لرصيف22. حتى أفراد الأمن الذين رأوه يوماً يسير في إحدى الأسواق "بطريقته المختلفة"، انهالوا عليه ضرباً ثم تركوه. لم تتوقف مأساته عند هذا الحد، ففي أحد الأيام اختطفه ثلاثة شبان، من ضمنهم زميل له في المعهد الثانوي، واصطحبوه إلى منزل وتناوبوا على اغتصابه، ثم هددوه بالفضيحة إذا كشف أمرهم. انتابه الرعب وشعر بالاكتئاب حتى إنه حاول الانتحار، لكنه لم يفلح. مرت سنوات والمعاناة تلازمه، فلم يجد حلاً في النهاية سوى السفر إلى إحدى دول الخليج، ولم يستطع العودة إلى بلده منذ خمس سنوات، خشية تعرضه للقتل من قِبل أفراد عائلته.

قانونياً... سجن وفحوصات شرجية

يقول المحامي منير بعطور، رئيس جمعية شمس للدفاع عن حقوق المثليين في تونس أن المضايقات التي يتعرض لها المثليون كثيرة، تتمثل في الاعتداءات اللفظية في الشارع، وقد تصل إلى الاغتصاب والعنف، إضافة إلى ملاحقتهم من قبل الشرطة والأحكام بالسجن بعد إخضاعهم لفحوصات شرجية، وهي أقرب إلى التعذيب، وفيها انتهاك كبير لحقوق الإنسان وكرامته. قانونياً، تنص المادة 230 من القانون الجنائي التونسي على حبس المثليين لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات. وتحاول الجمعية العمل على إلغاء هذه المادة من خلال إثبات عدم دستوريتها في المحكمة الدستورية.
المثليون في تونس ومصر لا تطاردهم القوانين فقط، بل هم مهددون من مجتمعات لا تقبل وجودهم
"اصطحبوني إلى منزل واغتصبوني، ثم هددوني بالفضيحة" هذا ما حصل مع علي لأنه مثلي
أما اجتماعياً، فيقسم بعطور الناس إلى فئتين، تتعامل كل منهما بطريقة مختلفة مع المثلية بشكل عام. فالمجتمع الفرنكفوني المثقف وكذلك الفنانون ورجال الثقافة يتعاملون مع المثليين باحترام، بل ويدافعون عنهم. أما "المجتمع العروبي" القريب من الإسلاميين، فيتعامل معهم بالوصم والاحتقار، وقد بلغ الأمر إلى حد مطالبة أحد أئمة المساجد بإعدامهم بإلقائهم من علو شاهق. وتردّ الجمعية أن حالات اغتصاب وعنف، كحالة علي، تترك المثلي مدمراً وغير قادر على استرداد حقه وكرامته. فيساعده أعضاؤها بتقديم العون الطبي والاستشارات القانونية اللازمة والدفاع أمام المحاكم إذا لزم الأمر. يؤكد بعطور أنه لا توجد إحصاءات بعدد المثليين في الدول العربية، إلا أن منظمة الصحة العالمية قدرت نسبتهم في المغرب ما بين 7 و10%، حسب تعداد السكان، مضيفاً أن هناك من يطلب مساعدة الجمعية في الجزائر والعراق وبعض الدول الأفريقية، لكنها غير قادرة على مساعدتهم بأكثر من النصح.

في مصر...

في مصر، يُعاقَب أي مثلي في حال وقوعه في قبضة الشرطة، وهذا ما تؤكده داليا عبدالحميد مسؤولة ملف النوع الاجتماعي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لرصيف22. وتوضح أن القانون المصري لا يمنع الممارسات المثلية بعينها بشكل صريح، لكنها تندرج تحت الاعتياد على ممارسة الفجور الذي قد تصل عقوبته إلى الحبس 3 سنوات. ويقتصر دور المبادرة على توثيق الانتهاكات والتعذيب التي يتعرض لها المثليون في أقسام الشرطة، والتواصل مع أطباء نفسيين مختصّين لمتابعة حالاتهم.

الخوف من مواجهة المجتمع والأهل

يحكي أحمد، الشاب المصري الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه الكامل، قصته مع المثلية، قائلًا أنه منذ عمر الـ12 عاماً وهو يشعر بالانجذاب إلى الأولاد الذين يتمتعون بالجمال، وبعد ذلك مارس الجنس المثلي، لكنه حرص على ألا يعلم أي من المحيطين به بميوله حتى لا يتعرض لمضايقات. "أنا عايش شخصيتين شخصية مع المجتمع وشخصية لها ميولي المثلية"، يقول أحمد لرصيف22. ويخاف بعض مثليي الجنس من الدخول في علاقة مع رجال، على رغم إيقانهم بمثليتهم، خوفاً من عقاب الدين والمجتمع. وهذا ما اختبره حسام الذي لم يفصح عن اسمه الكامل، والبالغ من العمر 28 عاماً، حيث شعر بحب يتدفق من قلبه تجاه صديقه في الكلية، لكنه كتم مشاعره ولم يستطع البوح بها، وظل على حب صديقه طوال سنوات. "أنشأت حساباً مزيفاً على فايسبوك لمجرد الفضفضة مع من يحملون ميولي الجنسية نفسها التي لا أستطيع ممارستها على أرض الواقع في مصر، فلا يمكن أن أطلق العنان لمشاعري لأنها ضد الدين والعرف"، يقول حسام لرصيف22.

ما زال البعض يعتبرها مرضاً نفسياً

أما حسن، والذي لم يقبل بالإفصاح عن اسمه أيضاً، فيبلغ من العمر 18 عاماً، وقد اكتشف انجذابه إلى الرجال منذ 3 سنوات، فاعتقد في البداية أنه أمر عادي إلا أن ذلك الشعور بدأ يتنامى عنده، ما دفعه إلى البحث على الإنترنت، فعرف أنه ليس الوحيد في هذا العالم، بل يوجد كثر مثله. حرص على ألا يعلم أهله أو أصدقاؤه بهذا الأمر، ودخل عالم المثليين من خلال فايسبوك والجريندر، واستطاع التعرف إلى أمثاله من خلالهما. يقول حسن: "أحياناً أشعر بأنني أريد التوجه إلى طبيب نفسي لتلقي العلاج وأشعر بالاكتئاب، لكنني أنام وأستيقظ لأجد نفسي نسيت ذلك الأمر، لأنني لا أرى ميلي الجنسي مرضاً". وعلى رغم إلغاء منظمة الصحة العالمية المثلية الجنسية من جدول الأمراض النفسية، إلا أن بعض مجتمعاتنا العربية ما زالت تحاول البحث عن "حل" و "علاج" لما تراه مشكلة ومرضاً. وقد تعامل الدكتور جمال فرويز، مستشار الطب النفسي في مصر، خلال تجربته مع الأمر على أنه مرض في بعض الحالات التي وردته. وقال لرصيف22 أن هناك من يأتي بملء إرادته، راغباً في تغيير هويته الجنسية. فيخضع لعلاج نفسي تتفاوت مدته بحسب اقتناعه الشخصي بما يقوم به، وقد تُوصف له أدوية مساعدة. وهناك من يضغط عليهم الأهل ويُلحّون على تلقيهم العلاج، من دون أن يكونوا مقتنعين بأن ما يعيشونه ويشعرون به أمر مستهجن لا بد من تغييره. فهم يوقنون بأن مشاعرهم حقيقية وصادقة، وأن هويتهم ثابتة ولا بد من احترامها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image