عيد الحب: بهجة أم ورطة؟
تبدأ الحملات الإعلانية أسبوعين على الأقل قبل موعد عيد الحب، فيجتاح اللون الأحمر شاشات التلفزيون والمحالّ التجارية، كما قوالب الحلوى. "عبّر لها عن حبّك بعقد من الإلماس"، شعار أحد محالّ بيع الذهب الذي يركز كما غيره، على التوجه إلى الرجل الذي يقاس حبّه بكلفة الهدية التي سيشتريها. فكلما ازداد حبه، أنفق مبلغاً أكبر. فكر تجاري بامتياز، لكنه ما زال يلقى صداه في الشارع العربي، ليضع الرجل في مأزق بين اقتناعاته التي يمكن أن تتنافى مع هذا المبدأ، واضطراره لإرضاء شريكته التي ستفسّر غياب الهديّة ربما بغياب الحب. دراسة عمرها أعوام عدة الآن، كانت بحثت مسألة الترقّب والتأمل التي تدخل النساء العلاقة العاطفية على أساسها، وتشمل موضوع الهدايا خصوصاً في عيد الحب. وتوصلت نتائجها إلى أن توقّع أمور غير حقيقية، وربطها بمشاعر خاصة، من دون مشاركتها مع الشريك، سيؤدي حتماً إلى خيبة أمل مشتركة وكبيرة، من قبل المرأة، التي تعتقد أن عدم تقديم شريكها هدية لها، يعني أنه لم يعد يحبها، ومن قبل الرجل الذي سيفسّر تصرّفها على أنه مادّي غير ناضج. معادلة تفسّر حالات الانفصال، التي تكثر في الأسابيع الأولى بعد عيد الحب، والتي كانت موضوع دراسة بحثت في تأثير هذا العيد، واختبار المشاعر التي تنشأ أثناء تلك الفترة. راقب الباحثون صفحات فايسبوك لعدد من الأشخاص، وتحديداً وضعهم الاجتماعي، ولاحظوا التغيّر الذي حصل من "مرتبط" إلى "أعزب" خلال فترة عيد الحب، وأعادوا الأسباب إلى 3 نقاط أساسية: الترقب الواهم الذي يضع الشريكين في وضعية نفسية من الانتظار وقياس الحب بثمن الهدية. وغالباً، يفشل توقعها عندما تكون الهدية دون المستوى المطلوب، فتسعى إلى فسخ العلاقة. المقارنة بين طريقة احتفال الآخرين بالعيد، والطريقة التي تحتفل بها أنت. فبين أن تجد نفسك في فندق فخم تشاهد مطربك المفضل، أو الاكتفاء بسهرة غير مكلفة في المنزل وعشاء بسيط. أمر سيضعك في حالة من الإرباك، وربما الغيرة والتمني، لو كانت العلاقة تسير بشكل مختلف، أو مع شخص آخر، أكثر قدرة على الإنفاق. وهذا ما سيولّد حالة من عدم الاكتفاء والخيبة.التضخيم الإعلامي والتجاري الذي يحيط بفترة عيد الحب، والذي يجبر العشاق، ولو بطريقة غير مباشرة، على مجاراة الموضة السائدة، وإلا أصبحوا Old fashioned، أو غير مجارين للحداثة. تضخيم يجعل من ليلة 14 فبراير وهماً عن الليلة المثالية: الهدية والطعام والمظهر، وحتى الأمور التي لا يمكن أن نصطنعها كالمشاعر والعلاقة الجنسية.
فماذا لو كنا في تلك الفترة منهكين؟ ماذا لو كنا غير متفاهمين؟ هل نتصنّع الحب لمجاراة العيد.مشكلة أخرى يعانيها مروّجو هذا العيد، هي اختزال الحب بنهار واحد فقط. وهذا ما فسّرته الأستاذة في العلاقات العاطفية والجنسية نانسي دالي: الحب يبيع. الأفلام، المجلات، المحالّ التجارية... كلها تبيع الحب وتصنع منه ملايين الدولارات، وتحوّله من شعور صادق إلى تصرف مادي صرف. فتصبح الوردة غير ذات قيمة إلا في 14 فبراير، ويصبح للقبلة طعم آخر مختلف. كما السهرة والهدية. ذلك كله يساهم جزئياً في ربط الحب بالمناسبات والتواريخ، فينسى العاشق أن الحب تمرين يومي، وأن العلاقة العاطفية استثمار، يجب أن تتغذى يومياً بكلام إيجابي وسلوكيات بسيطة تشعر الآخر بالامتنان والفرح. وقائع كثيرة جعلت الكثيرين يتوقفون عن الاحتفال بعيد الحب، ومنهم من ذهب إلى تقدير العزوبة وحوّلها إلى عيد! إليكم 7 وقائع:حين يصل سعر باقة الورد إلى 100$، فذلك سبب أساسي للنقمة على عيد الحب والشعور بأن العزوبة أوفر على الجيب
غلاء المعيشة
الأزمات المالية التي تضرب المنطقة العربية، وتجعل من سكانها أسرى الأسعار، التي ترتفع تدريجياً، وبشكل هستيري، جعلت من الكثيرين أكثر حذراً في صرف المال، خصوصاً على الأمور الترفيهية أو غير الضرورية. فإذا كنا نحتفل بالأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية كأعياد الميلاد، فما ضرورة الاحتفال بشعور الحب الذي نختبره يومياً وفي كل لحظة؟ارتفاع نسب الطلاق
تشهد البلدان العربية ارتفاعاً في حالات الطلاق، التي يرافقها الاحتفال بالحرية التي سلبهم إياها الزواج، وبالتالي أصبح الأجدر الاحتفال بالعزوبة، وليس بالحب، الذي شكّل مأزقاً لهؤلاء، وباتت ذكراه أليمة.عدم المساواة بين الجنسين
لماذا التركيز على الرجل الذي يجب أن يقدم هدية في عيد الحب؟ أصبح ذلك اليوم امتحاناً لحب الرجل لشريكته، ويشكل عامل ضغط عليه بوجوب التحضير لتلك المناسبة. والأسوأ أن لا ترضى الشريكة عن الهدية. عيد الحب يكرس بوضوح سلطة الرجل على المرأة، على أنه القوي الذي يهدي ويعطي، فتصبح المرأة غير ذاتت قيمة من دونه. بينما العلاقة الناجحة هي التي يعطي فيها الطرفان بالمقدار نفسه.احتكار الحب
أن يكون للحب عيد، وأن يقتصر العيد على العلاقة الغرامية بين شريكين، يجعل الإنسان يعتقد أن لا حب خارج تلك العلاقة. أي لا رغبة ولا شعور بالذات ولا إرادة بالاستثمار في علاقات خارج تلك العلاقة. تكريس واضح للذوبان في الشريك. أن تحب ذاتك أو عملك أو أصدقاءك، أو حتى أهلك، ذلك أيضاً حب جدير بالاحتفال.ارتفاع نسب الانتحار خلال فترة عيد الحب
ما زالت الدراسات تشير إلى أن زمن عيد الحب هو الأكثر ارتفاعاً في نسب الانتحار عالمياً. ويعود ذلك إلى الخيبة التي يشعر بها بعض الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية، حين يشعرون أنهم غير محبوبين وغير مرغوب بهم، قياساً إلى غياب الهدايا، أو تلقي هدية غير تلك التي يرغبون بها، أو ببساطة، في حال كانوا خارج علاقة عاطفية، فيشعرون بالوحدة، التي تصبح أكثر ألماً خلال تلك الفترة. وما يزيد الوضع سوءاً، هو الوهم الذي يجبرهم على الوقوع في الحب خلال شهر فبراير، وكأن الحب فرض مدرسي. كل ذلك يزيد الشعور بالإحباط، وعدم القدرة على السيطرة، ما يدفعهم إلى الانتحار.ارتفاع نسبة الاكتئاب
1 من 10 أشخاص يشعرون بالحزن أو الإحباط، أو بأنهم متروكون أو مهملون، ما يجعلهم عرضة للاكتئاب وفقدان الشعور بالمتعة. هذا ما أشارت إليه دراسة أثبتت أن 40% من الذين أجابوا عن سؤال "ماذا يعني لك عيد الحب؟"، ربطوا العيد بمشاعر وأفكار سلبية. أفكار لها علاقة بتجارب عاطفية سابقة فشلت، أو بذكرى أليمة، أو بعدم شعورهم بالاطمئنان والرضى عن علاقتهم الحالية.باقة الورد الأحمر بـ100$؟
حين يصل سعر باقة الورد إلى 100$، وحين تصبح أي هدية مهما كانت قيمتها، ناقصة دون تلك الباقة. فذلك سبب أساسي وراء تلك النقمة على عيد الحب، والشعور بأن العزوبة أوفر على الجيب وأكثر راحة للبال.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع