أن يمر شريط حياتك أمام عينيك في لحظات الموت ليس أمراً مقتصراً على الأفلام والمخيلة الروائية والشعرية. فقد أثبتت دراسة علمية حديثة لجامعة "هداسا" في القدس، هذه النظرية، بعدما استندت إلى أنّه في لحظات الموت، تكون أجزاء الدماغ التي تقوم بتخزين الذكريات آخر الأجزاء المتضررة، عندما تتوقف كل الأعضاء الحيوية عن العمل.
فكرة الفلاش باك Flash Back التي ظهرت بكثافة في الأعمال السينمائية والدرامية، وتنطبق على لحظات مفعمة بالحزن والقسوة، كانت مجرد صور خيالية مفترضة، من دون إثباتها أو إجراء أي بحوث أو دراسات مفصلّة للتأكد من حقيقتها، وما تنطوي عليه من تفاصيل وأفكار. فجاءت هذه الدراسة، لتثبت الظاهرة عبر اختبارات ومقابلات عدة.
عملت مجموعة من الباحثين في جامعة "هداسا" على كشف ما اعتبرته "الظاهرة العقلية الأكثر إثارة للاهتمام والتي فتنت البشر منذ الأزل" وأسمته "تجربة استعراض الحياة" Life Review Experience أو LRE.
أجرت المجموعة اختباراً على مجموعة 264 شخصاً كانوا في حالة طبية مرضية قريبة من الموت، أو تعرضوا لحوادث قاتلة حتماً، لكنهم نجوا منها بأعجوبة. فتبيّن لهم أن شريطاً مرّ أمام عيونهم، يظهر ذكريات الماضي من أحداث وشخصيات، جميلة كانت أو حزينة، خصوصاً اللحظات العاطفية، في ترتيب زمنيّ اعتباطي وغير منظم.
وقد عبّر المشاركون في الدراسة أنه خلال تلك اللحظات الصعبة فقدوا كل معنى للوقت، وبدأوا يعيشون بالرؤية ذكرياتٍ من جميع فترات حياتهم. وقال أحدهم: "تشعر أنك خارج الزمن، ولا تعرف إن كان كل ما عشته مجرد لحظة أو قرون طويلة".
دراسة تكشف أن مرور شريط حياتك أمام عينيك في لحظات الموت ليس أمراً مقتصراً على الأفلام والمخيلة الروائيةومع اختلاف الروايات والمشاعر، التي عبّر عنها المشاركون في الدراسة، إلا أنّ السمة المشتركة بينهم جميعاً، كانت الجانب العاطفي للذكريات. فأكد أحدهم: "خلال لحظات الاقتراب من الموت كان بإمكاني أن أشعر بما كان يشعر المقربون مني من ألم، ما سمح لي أن أفهم حقيقة ما في داخلهم، وأشعر بحقيقة ما كانوا يشعرون به". وهو ما ساعد المشاركين في تغيير نظرتهم إلى الحياة، ومكانة أشخاص كثيرين في حياتهم بعد النجاة من الموت، كما حصل مع أحد المشاركين، بعد أن تأكد من حقيقة مشاعر والده تجاهه، وما كان يعانيه خلال حياته. ويشرح الباحثون هذه النظرية بالقول إن أجزاءً من الدماغ تخزن ذكريات السيرة الذاتية للإنسان، كالفص الجبهي مثلاً. تلك الأجزاء من الدماغ ليست عرضة للأوكسجين وفقدان الدم أثناء إصابات مرضية أو حوادث خطيرة، وبالتالي هي تعمل وتكون مشاركة في تمرير الذكريات خلال تلك اللحظات. الدراسة، التي نشرت في مجلة "Consciousness and Cognition"، تشير إلى أن إعادة الأحداث أمام عينَيْ الإنسان، أو ما يسمّى LRE هي ظاهرة ذات خصائص محددة جيداً، ومكوناتها الفرعية قد تكون واضحة حتى لدى الأشخاص الأصحاء. وهذا يدلّ على أن إعادة تمثيل أحداث الحياة تتم بسلسلة متصلة موجودة في النظام المعرفي، ويعبر عنها في الظروف القاسية من الضغط النفسي والفزيولوجي. ويروي أحد الأشخاص في مقال تحت عنوان My Near Death Experience "تجربة الاقتراب من الموت"، كيف مرّ شريط حياته كاملاً أمامه، حتى مع بعض الذكريات والتفاصيل التي لم يكن يتوقع أن يتذكرها، أو أن تكون قد تركت أثراً حقيقياً في حياته، وقد حصل له ذلك خلال حادثة سقوط من مرتفع عالٍ كادت تقضي عليه. وأشارت دراسات سابقة إلى أن هذه الظاهرة تكون أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين يملكون نسبة عالية من ثاني أكسيد الكربون في التنفس والشرايين بعد تعرضهم لسكتة قلبية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع