ليس من المستغرب أن تكون الفتاة أكثر ما يشغل بال الشاب، خصوصاً في فترات المراهقة والنضوج. لكن لماذا يميل بعض الشباب إلى تقليد الفتيات؟ ولماذا يجعلون منهنّ مادة دسمة للسخرية في جلساتهم الخاصة والعامة؟
في الآونة الأخيرة، تنامت ظاهرة "تقليد الشباب للفتيات" في اللبس ونبرة الصوت والتصرفات أيضاً. وفي ما يلي، عددٌ من أبرز تلك النماذج.
برشومي وغدر البنات
دأب أحمد البرشومي عبر صفحته على فيسبوك، على تقليد الفتيات في المناسبات المختلفة مرتدياً "الطرحة" رغم لحيته الطويلة. واعتاد السخرية من "أفورة"، البنت المصرية عند انفصالها عن حبيبها، وتغير طباع الفتيات وتفكيرهن في فترة الخطوبة وبعد الزواج، كما تعرض لهوس البنات بـ"الدايت". وركز أيضاً على "مُحن" البنات، و"نفسنتهن" بعضهن على بعض، وأفكارهن الوردية عن الزواج واصطدامهن بالواقع. ولم يفته بالطبع تقليد شخصية الأم في مواقف ودول عربية عدة، خصوصاً أثناء فترة دراسة الأبناء. &t=27s وقد اختارته mbc للترويج لحملتها #فكر_وردي، للتوعية بسرطان الثدي، وليرفع شعار #أنتي_قوية رغم تقليده الساخر للنساء.سرور والانتقاد اللاذع
شادي سرور الكوميدي الأكثر شهرة على مواقع التواصل في مصر، والذي تخطى عدد متابعيه حاجز الأربعة ملايين ونصف المليون عبر فيسبوك، اعتاد تناول القضايا المجتمعية، والتطرق للسياسة والفن في الغالب. إلا أن ما قدمه في السخرية من الفتيات يمكن اعتباره الأشد نقداً. كما أنه تناول قضايا معقدة جداً في حياتهن. ولعل أهم ما قدمه، تناول البنات للفسيخ في شم النسيم، تعامل الشرطة مع الفتيات، مأساة الفتاة في انتظار العريس، ما تعانيه الفتاة عند افتضاح علاقتها بالحبيب السري. وقد اعتاد ارتداء الشعر المستعار أو الحجاب وخفض نبرة صوته عند تقليدهن. &feature=youtu.be سرور ركز كذلك على التغيرات التي تطرأ على شخصية كل من الرجل والمرأة عقب الزواج، وكذلك التعامل مع الأم في المواقف المختلفة. &index=9&list=PLtXvDj1Q15yYkXpvlRkJumws6adaCd3KI ولم ينس بالطبع التعبير عن معاناة الفتاة مع الأعمال المنزلية، والتمييز بينها وبين إخوتها الذكور، وتقديم النصائح التوعوية لمواجهة التحرش.كوميديون يقلدون الفتيات، ويرسخون في موادهم صورة سلبية وساذجة للمرأة
شغلهم الشاغل تقليد الفتيات... ما الذي يريده هؤلاء الشباب؟
سعيد وسذاجة البنات
على الرغم من أن شهرة أحمد سعيد كانت من خلال فيديو ساخر عن معاناة الفتاة من تسلط حبيبها في اختيار أصدقائها وحياتها خارج المنزل، وهو الفيديو الذي جلب له آلاف المتابعين عبر فيسبوك وسناب شات، إلا أن فيديوهاته حظيت بمئات الآلاف من المشاهدات، وقد طورها وركز فيها على تقليد الفتيات بشكل ساخر وكوميدي. يرسخ سعيد في مواده الساخرة صورة سلبية وساذجة للفتاة، فهي كاذبة، وضعيفة، وبلا شخصية، وكثيرة الشكوى والبكاء، وقليلة الحيلة أيضاً. ولطالما سخر من طاعة البنات العمياء للشريك، ومغالاة بعضهن في تتبع أخبار النجوم. وكان للأم ومواقفها و"قفشاتها" حضور قوي في فيديوهات سعيد، خصوصاً في ظهور النتيجة ومواقف التربية المختلفة، كما حذر كثيراً من خطورة "الفضفضة" مع الأمهات.حفناوي و"سهوكة" البنات
مصطفى حفناوي موهبة كوميدية صاعدة، وجد قبولاً عند تقليده للفتيات، فاستمر في تقديم فيديوهات عديدة على الشاكلة نفسها عبر حسابه على فيسبوك، تناول فيها الكثير من تفاصيل مظهر الفتاة وطباعها. حفناوي بدا مستفزاً في انتقاده وبشكل أساسي من "سهوكة" البنات (الدلع الزائد)، في كل أمور حياتهن. كما تحدث عن موضة الحواجب، واستهتار البعض بالحجاب، واستغاث من انتشار موضة الجسم الكيرفي، وعرض لصفات "البنت الكول".بريده والخروج على تقاليد المملكة
واجه المجتمع السعودي المحافظ محاولات الشاب الساخر والذائع الصيت على سناب شات وإنستغرام، عبود بريده، لتقليد الفتيات، بكثير من الرفض والثورة، انتهت بالقبض عليه، عقب انتشار مقاطع مصورة له وهو يرتدي ملابس نسائية. بريده اعتاد في مقاطعه المصورة، ارتداء ملابس نسائية، والظهور وهو يضع الماكياج، وقد تناول بالكثير من التهكم ملابس السعوديات وأجسادهن، ودلالهن على أزواجهن، واستغراقهن وقتاً طويلاً في التحضير للخروج من المنزل، كما ظهر في عدد من المشاهد وهو يرقص بملابس نسائية.الكوردي وإهانة العراقيات
راغب الكوردي، الشاب العراقي الشهير على سناب شات، عرف بتهكمه الدائم على الفتاة العراقية. لم يرتدِ الملابس النسائية أو الشعر المستعار، ولم يستخدم مساحيق التجميل، أو يخفض نبرة صوته. اكتفى بـ"الشال" في أحيان قليلة، وغالباً عمد إلى الإسفاف في انتقاد الفتيات، واستخدم ألفاظ نابية في انتقادهن، فوصل الأمر حد الإهانة. يركز الكوردي في تقليده للفتيات على هوسهن بالموضة، والتقاط الصور مع كل شيء جديد عليهن، وتهويلهن للأمور وانبهارهن بكل جديد، وحرصهن على الارتباط بشخص غني، كما تناول حب الفتيات للمظاهر وادعاء الثراء. لكن الإساءة الأكبر للفتاة العراقية كانت في تناوله لقضية التحرش، فأشار إلى فرحتها بالمعاكسات وتجاوبها مع المتحرشين. كما أساء للمتأخرات بالزواج وتهكم عليهن بالتمادي في وصف رغباتهن الجنسية.الغربي والفتاة التونسية
كريم الغربي، موهبة تونسية شابة في مجال الكوميديا، له آلاف المتابعين عبر فيسبوك. ذاع صيته بتناول ورصد القضايا المجتمعية بأسلوب طريف وكوميدي، من خلال فقرة ثابتة له كـstand up comedy ببرنامج "لا باس"، على قناة التونسية، العام الماضي. الفتاة التونسية كانت مادة دسمة لمواد الغربي الساخرة، فاعتبرها متفردة في صفات عدة، مثل المبالغة في المكياج، وصبغ الشعر، خصوصاً وقت الأعراس، وافتراضها أن كل شخص يراها يقع في غرامها ويلاحقها. وتهكم على تصرفات الفتاة متى تمت خطبتها، وأفعالها التي تتباهى بكونها فازت بخطيبها، كما اعتاد السخرية من "أفورة" التونسية عبر فايسبوك. وفي فيديوهات عديدة، قارن الغربي بين الفتيات والشباب في الأفكار والتصرفات. لكنه حتى في تناوله للعلاقات بين الرجال والنساء، مال إلى إلقاء اللوم على النساء، وسخر منهن، ومن رومانسيتهن الزائدة، وضعفهن أمام الشريك، وكذبهن وادعاءاتهن، واهتمامهن بالتفاصيل الصغيرة، وحتى افتعالهن للمشكلات، وحبهن للمظاهر وجنون الشراء، بحسب ما يرى.ماذا عن تقليد"هن"؟
بقي أن نوضح أن الفتاة لم تكن مستفزة للذكور فقط بتركيبتها وتصرفاتها، بل عكفت فتيات كثيرات على السخرية من سلوك "بنات اليومين دول". لكن ما يقدمنه كثيراً ما يأتي من قبيل "النقد البناء"، أو نصيحة المجرب للتخلص من الأفعال المذمومة والأفكار المغلوطة. إسراء ذكي، مساعدة منتج بقناة الجزيرة مباشر، قدمت مجموعة كبيرة من الفيديوهات الساخرة التي تنتقد الكثير من أفكار الفتيات، والقليل من السلوكيات. مثل فوبيا الحسد، ونفسنة البنات، وهوس الرجيم، والخبث بين الصديقات، و"السهوكة" الزائدة. وأوضحت اختلاف نبرة صوت الفتاة مع صديقتها وحبيبها، وأنواع البكاء لديهن. &list=PL5v_vDwVyTF56XhQ8fpvClm1Gif05Jva0&index=6 لكنها عبّرت في الوقت نفسه عن المعاناة التي تقاسيها الفتاة في المواصلات، ولدى تطفل القريبات والتدخل بحياتها، وعند انتهاء علاقتها العاطفية. أما مي إبراهيم فقد اختارتها إدارة فيسبوك ضمن أكثر الشخصيات تأثيراً على موقع التواصل الاجتماعي. واشتهرت بفيديوهاتها الساخرة من أوضاع المجتمع بشكل عام، وتصرفات الفتيات بشكل خاص، وفي الوقت نفسه تحدثت بلسان الفتيات. انتقدت إبراهيم نكد البنات، وضعفهن أمام الحبيب، واتباعهن الموضة السخيفة، وقصر اهتماماتهن على الولد. كما دأبت على تقديم النصح للفتيات في مواقف الانفصال عن الحبيب، ووضع المكياج والآيلاينر، والطبخ. وتناولت مأساة المطلقة، وتحكم الأسرة في الفتاة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...