متى تدخل الدول العربية النادي النووي؟
الأحد 9 يوليو 201710:32 ص
فجر السادس من أب 1945 ألقت طائرة تابعة لسلاح الجو الأمريكي قنبلة نوويةً على مدينة هيروشيما اليابانية وغابت وسط الدخان، مخلفةً أكثر من 70 ألف قتيل. هذا ما تبقى في ذاكرة الإنسانية حول كل مشروع نووي، طاقةً وسلاحاً.
وبدا للعرب، منذ منتصف القرن العشرين، أن هذا السلاح السحري، الذي أخضع الإمبراطورية اليابانية وأعادها إلى ما قبل التاريخ في أربع وعشرين ساعة، قادر على دحر غريمهم الإسرائيلي في المنطقة، وأقله، إحداث نوع من توزان القوة معه.
لكنهم لم يفكروا في المغانم السلمية من الطاقة النووي، في منطقة تسبح فوق بحر من الغاز والنفط ولا تعير كبير اهتمام بتنويع مصادرها الطاقية أو لسدّ احتياجاتها المستقبلية.
وفي ظل الحاجة لمزيد من الطاقة، أعلنت دول عربية عديدة خلال السنوات الأخيرة نيتها إنشاء مشاريع نووية لأغراض سلمية. لكن هذه النيات بقية حبراً على ورق. فباستثناء الإمارات العربية المتحدة، لم يرَ أي مشروع عربي النور حتى اليوم.

مصر
عقب الحرب العالمية الثانية، تشكلت حركة عدم الانحياز، التي كانت ثمرة تعاون بين الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الهندي، جواهر لال نهرو. امتد هذا التحالف ليشمل مجالات التصنيع الطاقة. بدأت مصر والهند مشاريعهما النووية بتنسيق وتعاون في الفترة نفسها. في العام 1975 أنشأت مصر مؤسسةً للطاقة الذرية ثم افتتحت في العام 1961 مفاعلاً نووياً للبحث والتدريب بمنطقة أنشاص، تم توريده من الاتحاد السوفياتي. بدت المحاولات المصرية الأولى المعلنة في المجال النووي، تهدف إلى إنتاج طاقة نوية ذات أغراض سلمية، لكنها كانت غطاءً للمساعي الناصرية لامتلاك سلاح يضاهي أو يفوق ما تملكه إسرائيل. فالمشروع النووي المصري بنسخته الناصرية لم يكن إلا جزءاً من استراتيجية المواجهة الشاملة مع إسرائيل، والدليل أنه توقف في إثر هزيمة حزيران 1967. بعد حرب أكتوبر 1973، عاود السادات التفكير في استئناف المشروع النووي، وحاولت مصر تركيز محطة نووية في منطقة سيدي كرير الساحل الشمالي الغربي في العام 1974. لكن أحلام السادات اصطدمت بشروط أمريكية تعجيزية منها إخضاع مصر للتفتيش، ليتوقف المشروع نهائياً.بين أحلام التسلح والحاجة إلى الطاقة، المشاريع النووية العربية تراوح مكانها...
باستثناء الإمارات العربية المتحدة، لم يرَ أي مشروع نووي عربي النور حتى اليوم، رغم المحاولات الكثيرةبعد رحيل السادات، قررت مصر في عهد مبارك استئناف برنامجها النووي، لكن لسد احتياجاتها من الكهرباء هذه المرة، ووضعت خططاً لإنشاء ثماني محطات نووية، لكن المشروع توقف مرةً أخرى عقب الانفجار الذي هز مفاعل تشيرنوبيل الأوكراني في عام 1986. لاحقاً، أعلنت مصر استئناف دراسة المشروع في 2007. وفي تشرين الثاني 2015 وقعت مع روسيا اتفاقية لبناء محطة للطاقة النووية في الضبعة شمال غرب البلاد، تضم أربعة مفاعلات، على مدى 12 عاماً، تبلغ طاقة كل منها 1200 ميغاواط.
الإمارات
في العام 2009 أطلقت الإمارات برنامجها للطاقة النووية، وفي السنة نفسها تأسست مؤسسة الإمارات للطاقة النووية التي ستشرف على أربعة مفاعلات نووية في منطقة براكة، موجهة حصراً لإنتاج الطاقة. ووفقاً للمؤسسة، فإن "تزايد الطلب على الطاقة في الدولة بمعدل سنوي قدره 9%، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي يجعل توفير مصدر موثوق به للطاقة الكهربائية أمراً في غاية الأهمية للنمو المستقبلي في الدولة، كما سيوفر المشروع طاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 5.6 جيغاواط، وستبدأ الوحدة الأولى بتوليد الكهرباء في العام 2017.السعودية
واجهت السعودية سابقاً شكوكاً حول حيازتها أسلحة نووية في مواجهة غريمها الإيراني في المنطقة، لكن ذلك بقي في دائرة الشك فقط. ورغم الثراء الطاقي التي تتميز به المملكة فإنها تسعى لإنشاء مشروع نووي لتأمين احتياجاتها المستقبلية من الطاقة. في عام 2010 دشنت السعودية مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لتعمل على "اقتراح سياسة وطنية للطاقة الذرية والمتجددة وتنفيذ الخطة الاستراتيجية اللازمة لها". وأعلنت في 2011 عزمها إنشاء 16 مفاعلاً نووياً بتكلفة إجمالية قدرها 300 مليار دولار بحلول العام 2030.