شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
وداعاً للنكتة المصرية؟

وداعاً للنكتة المصرية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 27 ديسمبر 201612:19 م
ذهب أبو لهب إلى سوق عكاظ ليشتري لاب توب لزوجته، فقال له البائع: واللات والعزة مافيش (لا يوجد)، فرد أبو لهب: ما فيش وتشبيه (الفيش والتشبيه = صحيفة الحالة الجنائية). نموذج عن الطرفة الجديدة التي تحل مكان النكتة التقليدية وربما ستضعها في نعشها الأخير، وتودعها متحف الذكريات. وبعد أن كان المصريون شعباً "ابن نكتة"، هل يصبحون شعباً "ابن ألشة".

ألف ألش وألشة

الألش هو رد فعل كوميدي سريع، يستخدم فيها قافية الكلام أحياناً مثل قول إسماعيل يس، حين قال له أحدهم "خطير" فرد: خطير مشلتت (فطير مشلتت= أكلة مصرية مخبوزة من العجين). وأحياناً يستخدم كتعليق ساخر على حدث ما مثل قول البعض: "يتردد أن الدول الأوروبية وافقت على إعادة الأموال المصرية المهرّبة لكن الأموال نفسها طلبت حق اللجوء السياسي". وتارة أخرى يكون باستخدام المتشابهات من اللغتين العربية والإنجليزية، مثل: القلب هج من قلة الـhug، وأحياناً باستخدام ظاهرة "التعريض" البلاغية كقول البعض تعليقاً على ظاهرة اختفاء لبن الأطفال "طب مشيتوا محلب ليه" (محلب = يقصد به إبراهيم محلب رئيس وزراء مصر، والمعنى البعيد هو "محلب" صيغة بلاغية مشتقة من حلب اللبن).

الألش VS النكتة

يختلف الألش عن النكتة التي يضطر صاحبها لتأليف قصة كاملة يكون آخرها طرفة، وحيث تسلمك دراما القصة لنهاية الحبكة الكوميدية، لولا الأحداث لما كانت النهاية المضحكة، وهو ما يصعب على الكثيرين فعله لذلك تفرّد مؤلفو النكت عن غيرهم من الشعب، وأصبح لتلك النكت سعر، وكتب، وحفلات... لكن الوضع يختلف في الألشة لأن تركيبها أسرع وأسهل وتعتمد على خفة دم قائلها وسرعة بديهته في ردود فعله على الكلام.

ألش السينما: نفرتيتي ونفرين تيتي

ظاهرة الألش ليست جديدة في مصر وإن كانت أكثر انتشاراً هذه الأيام، لكنها مع ذلك قديمة قدم السينما المصرية. وأبرز من قدم الألش كان الراحل إسماعيل ياسين في أكثر من فيلم، ومن أهم تلك الألشات هي التي قدمها مع الفنان عبدالفتاح القصري، عندما سخر الثنائي من تمثال للملكة "نفرتيتي" فقال ياسين: هي اسمها "تيتي" لكنهم حسبوها علينا نفر (شخص) فقالوا نفرتيتي، لكن لو هي في وزن حضرتك (يشير لامرأة بدينة) هتبقى نفرين تيتي. ويقول القصري: أبوها اسمه "علي بابا"، فتقول السيدة: لكن علي بابا من العراق، فيرد: ما هوّا أبوها بالمراسلة يعني غير شقيق (كلمة تقال للإخوات من الأم دون الأب أو من الأب دون الأم).
وكذلك ما قدمه الفنان يحيى الفخراني في مسلسل "أوبرا عايدة" من تلاعب بكلمة "اتلهي" التي وجهها في ظاهرها كسُبّة لممثل النيابة في المحكمة، وفي باطنها يقصد بها التصريف من فعل (تلا).

أسماء الأفلام... ألش مستمر

استخدم الألش كثيراً لاختيار أسماء الأفلام، عن طريق التلاعب بالكلمات، فهناك فيلم "زكي شان" المأخوذ من اسم لاعب الكونغ فو (جاكي شان)، وكذلك "أمن دولت" مأخوذ عن اسم جهاز (أمن الدولة = كان تابعاً لوزارة الداخلية وتم حله بعد ثورة 25 يناير)، و"لخمة راس" مأخوذ من اسم أكلة مصرية وهي (لحمة راس)، و"سامي اكسيد الكربون" مأخوذ من اسم غاز "ثاني أكسيد الكربون".

انتشار الألش... فتّش عن السوشال ميديا

محمد عبدالرحمن، كاتب ساخر، يفسر لرصيف22 سبب انتشار الألش، فيرجع الأمر لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بعد ثوة 25 يناير 2011، مؤكداً أنه لا يتماشى مع طبيعة السوشال ميديا السريعة القول "مرة واحد بلدياتنا" (مقدمة النكتة)، فالكوميكس (تركيب صور للتعليق على الأحداث) أصبح أسرع وسيلة للتعليق.
إنما للألش حدود... حين ذهبت النكتة المصرية في خبر كان
بعد أن كان المصريون شعباً "ابن نكتة"، هل يصبحون شعباً "ابن ألشة"؟
ويضيف عبدالرحمن: "الألش مستخدم منذ زمن إسماعيل يس. لكن بعد الثورة تحول من الألش في "اللا شيء" للألش السياسي، مثل الألش على جمل "البرادعي" و"مبارك" وغيرهما، وهناك جمل أثيرة ظلت متجددة داخل الألش مثل "خليهم يتسلوا (قالها الرئيس مبارك) ـ هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه (الرئيس السيسي) ـ وكأن ثورة لم تقم (الرئيس المعزول مرسي) ـ انتو نور عينينا (السيسي)".

الألش السخيف... هل يحطم أسطورة الشعب "أبو دم خفيف"

يؤكد عبدالرحمن أن ظاهرة الألش السخيف أصبحت تتنامى لأن هناك أشخاصاً يظنون خطئاً أن دمهم خفيف، كما أن السوشيال ميديا سمح للجميع بكتابة الألش. يضيف ناصحاً أصحاب الألش أن يبتعدوا عن المكرر منه، أو كما يسميه الألش الموسمي "مش كل ما ييجي الشتا نتكلم عن الشطّافة والبرد.. ومش كل ما تيجي سيرة فيروز نتكلم عن القهوة والعمر.. مش كل ما تيجي سيرة غلاء الأسعار نكتب: مصر هتفضل غالية عليا". ينصحهم أيضاً أن يبتعدوا عن الألش على خبر مغلوط، فهو أسوأ أنواع الألش، "لازم الألاش يصبر لحد ما يتأكد من صحة الخبر". يؤكد عبدالرحمن أن الوصول لألشة جديدة أمر صعب جداً، "أنا ساعات بكتب ألشة واكتشف إنها كانت مستخدمة من 3 سنين على موقف تاني من كتر ما المواقف بتتكرر".

ألش ملتزم بقيم مجتمعية

محمد، آدمن صفحة "كيرمت الضفدع" على فيسبوك (اسم مستعار، نظراً لرفضه الظهور باسمه)، وهي صفحة ساخرة تستخدم الألش بالكوميكس على الأوضاع الاجتماعية والسياسية، يُعرّف الألش بأنه طريقة للخروج من الواقع بشكل كوميدي. يضيف محمد لرصيف22 أن الألش أسلوب يخفف عن الناس حدة المشاكل والصعوبات التي يواجهونها، ويؤكد أن لهم رسالة يسعون لإيصالها وهي لفت نظر الشعب للأمور الخاطئة التي يمارسها، لكنهم يعتمدون الطريقة الكوميدية بدلًا من أسلوب التوجيه المباشر. ويشير إلى أن هذا الأسلوب التقييمي ليس وحده المتّبع، فالصفحة لا تخلو أيضاً من "الهزار لمجرد الهزار.. لكن بنستخدمه بشكل خفيف". يقول إنهم ملتزمون بلائحة أخلاقية في عملهم، فهم لا يتلفظون بألفاظ إباحية "مبنقولش كلام خارج أو أى إيحاءات"، ولا يناقشون قضايا المخدرات ولا التدخين ولا الجنس، لأن في ذلك تحفيزاً على فعل خاطئ.

الألش البلاغي

يقول محمد دومة، محامٍ مصري يعمل في الاستشارات القانونية بشركة قطرية، وهو ناشط في كتابة الألش: "إن الألش وليد لحظة. ففكرة الألشة في الغالب ألمحها وأنا أقرأ الأخبار ويبقى من أن أركب الجملة، وكلما تصبح مختصرة أكثر تصبح أكثر كوميدية". يستخدم دومة في ألشه فكرة التعريض البلاغي بالألفاظ من خلال استخدام كلمة لها معنى قريب من الأذهان ومعنى بعيد، وكذلك يستخدم المتشابهات بين العربية والإنجليزية، ويوكد أنه يسعى لإعمال عقل القارئ معه. يركّز دومة على الألش السياسي في كتاباته، ويقول: "في الفترة الأخيرة بقينا تايهين بين الخبر الصحيح والألش. والصعوبة فعلاً إنك تعلق على غرابة وتفاهة الأحداث بالألش". يرفض دومة استعادة النكت مرة أخرى في الواقع المصري، لأنها بحد قوله، بعيدة عن نمط الحياة ومتغيراتها السريعة، فالألش، أو التريقة، هو أفضل وسيلة للتعليق السريع على الحدث، عكس النكتة التي تستوجب اختلاق قصة.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image