رفض أنس الباشا، وهو ناشطٌ سوري حلبي مغادرة مدينته، مفضّلاً البقاء فيها بعدما غادرت عائلته المدينة قبل بدء الحملة العسكرية عليها. تفرّغ أنس، 24 عاماً، لزرع الضحكات على وجوه الأطفال المحاصرين، واجتهد من خلال عمله كناشطٍ ميداني، في متابعة الرّعاية الاجتماعية لقرابة 365 طفلاً ممن فقدوا أهاليهم، أو فرداً أساسياً من عائلاتهم.
عمل أنس مديراً لمركزٍ تابع لمؤسسة "فضاء الأمل"، بالتّنسيق مع 12 مدرسةً و4 جمعياتٍ تُعنى بالشّأنين الاجتماعي والإنساني في المناطق المحاصرة في حلب، وقد نجح "مهرّج حلب"، وهذا لقبه، مع أصدقائه، في مساعدة الأطفال الذين يعيشون في قلب الصّراع على التّأقلم معه، وسعوا للتخفيف من وطأة الآثار الجانبية التي تخلّفها القذائف. حاول "المهرّج" أن تتغلّب أصوات الضّحكات على هدير الطّائرات الحربية، إلى أن قتلته غارةٌ "روسية - أسدية" في حي مشهد يوم الثّلاثاء الماضي، بحسب أخيه محمود، الذي غرّد ناعياً إيّاه على تويتر.
يعيش في الأحياء المحاصرة، بحسب المتابعين، 250 ألف مدني بينهم 100 ألف طفل يفتقرون لأبسط مقومات العناية الطّبية والنّفسية، مع نقص المواد الطّبية وعديد الكادر الطّبي اللازم، إضافةً إلى النّقص الحاد بالمواد الغذائية، كما أكّدت الامم المتحدة مراراً.من بين كل ضحايا الغارات في أحياء حلب المحاصرة، مهرّجها الذي كان وحده يصنع ابتسامات أطفالها...تقتصر المبادرات بمعظمها على مبادراتٍ شبابية، عمادها الشّباب الحلبيون المؤهلون، وأنس كان واحداً منهم. طبع شخصيته، كمعالج اختصاصي بألوان ثوب المهرّج، عابراً الشّوارع، ليوزع المساعدات والأدوية، والأمل تحت سماء تُمطر حمماً، وبرز بعد أن لقي حتفه، كبطلٍ حلبي فضّل البقاء حيث الحاجة إليه أكبر، مع أن الفرصة كانت متاحةً له للفرار مع عائلته. قضى الشاب عريساً، إذ تزوج قبل شهرين فقط، وأباً لمئات الأطفال الذين اعتادوا انتظاره كي يضحكوا. "محمود الباشا"، وهو أخو أنس، كتب على صفحته على فيسبوك أن أخاه "عاش ليسعد الأطفال ويضحكهم في واحدة من أحلك المناطق وأكثرها خطراً"، مضيفاً أن "أنس رفض مغادرة حلب وقرر البقاء لمواصلة عمله كمتطوع لمساعدة المدنيين وتقديم هدايا للأطفال في الشوارع عساها تعيد لهم بعض الأمل"، وسط حصار عمره 114 يوماً ولا يزال مستمراً. كان أنس يعي أن مهمّته صعبة جداً، فزرعُ الفرح وتحويله إلى مادّة قوّة في منطقة تصنّف كمقبرةٍ ضخمة، هما ضربٌ من الجنون، وهذا ما جعل منه أسطورةً في نظر الصغار، بحسب "سمر حجازي"، المسؤولة عن المركز والمشرفة على الراحل الضاحك، الذي، بموته، خسرت حلب صانع ابتسامتها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Sohila Amr -
منذ يومينتعود من جديد شعلة ثورة في نفوس، وكأنها لعنة كلما كذبنا وقلنا انها صدفة او خدعة اصبنا بها ولكن لقد...
Yusuf Ali -
منذ 3 أياملن أعلق على كل كلامكِ والكثير من المغالطات التي وردت، وسأكتفي بالتعليق على خاتمتكِ فقط:
قلتِ:...
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامThis media body is clearly within the circles of the Makhzen. Otherwise, it would not have been...
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 3 أيامفي اللاذقية قصص مثيرة للدهشة وللمزيد من البحث. اللاذقية مدينة القصص عير المكتشفة. شكرا
Karen Borji -
منذ 4 أيامعين الأصالة شمس الحدود كتبي واحزاني دفعتني إلى الحدود سكر وملح من انا غياب شروق عنبرة كتاب...
Cat Angel -
منذ 5 أيامفعلا المقال شد انتباهي لقراءته بالكامل، الأسلوب الساخر ذكرني بالعملاقين أحمد رجب ومحمد عفيفي....