بدأت الكويت تعيش أجواء المعركة الانتخابية النيابية المقررة في 26 نوفمبر الجاري. ففي الدوائر الانتخابية الخمس يتنافس 454 مرشحاً، بينهم 15 امرأة، للفوز بمقاعد مجلس الأمة (البرلمان)، وعددها 50.
وجرت العادة أن يترشح في كل دورة انتخابية وجوه جديدة، وأخرى قديمة، إلا أن اثنين منها أثارا الدهشة.
الطبطاني داعم التسليح في سوريا
لم يكن متوقعاً أن يعود النائب السابق د. وليد الطبطبائي ليترشح في الدائرة الثالثة، وهو عُرف بأفكاره التي تميل إلى التشدد الإسلامي، واشتهر بالدعوة للتسلح للقتال في سوريا. وقد شارك الطبطبائي في حملة حلب لتجهيز 12 ألف مقاتل، وانتشرت له صور وفيديو برفقة محاربين معارضين للنظام السوري. كذلك عُرف الطبطبائي بمعارضته القوية لإيران ومواقفها. وقال في أحد تصريحاته إن من يسيء لإيران يؤجر "من الله عز وجل ومن رسوله ومن المؤمنين". وقد سبق أن قُبض عليه بسبب تغريدة قال فيها إن إيران تضغط على الكويت لتعيين ولي عهد جديد، وتمت تبرئته من التهمة لاحقاً. وتباينت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض لخوض الطبطبائي الانتخابات البرلمانية. فأيده بعضهم على صفحته الشخصية في تويتر، مؤكدين أن الكثيرين من الناخبين لا يقدّرون جهد الطبطبائي الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل المواطن، وأن تاريخه الحافل يشهد له بالإنجازات، وأن الشعب الكويتي مدرك للأسماء التي لم تخذله داخل المجلس. في حين علق البعض الآخر على تغريدة نشرها الطبطبائي عن دفاعه عن الحريات العامة، وعن حقوق الإنسان، وحرمة المال العام، بأنها وعود كاذبة تجافي حرية المعتقد والدين، التي كفلها الدستور وتشمل حرية كل الطوائف الكويتية، بما فيها المسيحية واليهود من الكويتين. ووصفوه بالـ"الكارثة على المجتمع"، وأنه في حال دخوله إلى المجلس سيتراجع المجلس بإنجازاته.المرشح "الكوميدي"
المفاجأة الأخرى كانت بترشح الفنان "شعبولا"، وهو ممثل كوميدي اسمه شعبان عباس. ويعتقد الكثيرون أن الفنان الكوميدي الذي رشح نفسه في الدائرة الخامسة، يتميز بعدد وافر من الصفات الحميدة التي تؤهله ليكون نائباً في مجلس الأمة، ويملك رصيداً لا بأس به من محبة الناس نظراً لشعبيته. في بداية ترشحه، اعتقد البعض أنها مزحة، إذ اشتهر شعبولا بالمزاح الدائم مع متابعيه على صفحة انستغرام، لكن بعد تأكيد الخبر، تتالت التهانئ من المعجبين، مؤكدين أن أمثاله يستحقون أن يصلوا إلى المجلس، ونصحوه بالتركيز على الصحة والتعليم في برنامجه الانتخابي.حين يترشح ممثل كوميدي ونائب شارك "المجاهدين" في سوريا لتمثيل الشعب... إنها الانتخابات الكويتية
سعر التغريدة 1300 دولار، وسعر المقابلة مع قناة معروفة 80 ألف دولار... أجواء المعارك الانتخابية في الكويتفي حين رفض البعض الآخر دخوله المجال السياسي، الذي لا يصلح لفنان عُرف بـ"طيبة القلب وخفة الدم"، لأن الساحة السياسية تحتاج لشخص "منافق".
يجب القاطعة؟
وعن الوضع الانتخابي بشكل عام والمرشحين بشكل خاص، تحدثت الإعلامية والمحللة السياسية عائشة الرشيد لرصيف22. وقالت إنه يجب مقاطعة الانتخابات البرلمانية الحالية، نظراً لعدم أهلية المرشحين لمجلس الأمة بسبب غياب رؤية واضحة لبرنامجهم الانتخابي، ولانتماء عدد منهم لأجندات خارجية واضحة. وأضافت أنه منذ فتح باب الترشح للمجلس لم يستطع أحد من المرشحين إقناعها لتغيير رأيها، مؤكدةً أن هناك من لا يزال اسمه على قائمة الإرهاب الدولية، ومن ينتمي لحزب الله والقاعدة أو قيادات من جماعة الإخوان المسلمين. ومن عادوا من المجالس السابقة، يريدون أن يعيثوا في الكويت فساداً وحراكاً من أجل مصالحهم الشخصية. وأضافت: "قلة يعدون على الأصابع يستحقون أن يصلوا، والبقية نقول لهم: الكويت بحاجة لمخلص وليس لمخ لص".اقتصاد "المعركة الإنتخابية"
من جانب آخر، تؤثر الانتخابات على جوانب من السوق بطرق مختلفة. فموسم الانتخابات يمثل فترة ذهبية للعديد من أصحاب المهن الذين يحتاج إليهم المرشحون في التخطيط للمعركة الانتخابية، بدءاً من أصحاب الصالات لشركات تأجير معدات الصوت والصورة، إلى أصحاب المواشي وشركات الدعاية والإعلان. وتراوح أسعار بدل إيجار المقارّ الانتخابية بين 20 ألف دينار و 35 ألفاً، أي ما يعادل 66 ألف دولار و115 ألفاً، حسب طلب المرشح وموازنته. أما عن الصوت والشاشات والإضاءة، فقد تصل كلفتها إلى 12 ألف دينار (40 ألف دولار)، وقد تزيد بحسب المدة، أما الضيافة، التي تشمل الماء والشاي والقهوة العربية مع التمر فقط، فتتخطى الـ5 آلاف دينار (16 ألف دولار). ومع تحضيرات المقر الانتخابي، يبدأ المرشح بـ"تسويق الذات" من خلال اللافتات التي تكلفه 50 ديناراً (160 دولاراً). ويشهد سوق المواشي ارتفاعاً ملحوظاً في حركة الشراء. فيصل سعر رأس الخروف المحلي إلى 120 ديناراً (400 دولار)، بعد أن كان دون 90 ديناراً، وذلك بسبب الموائد التي يقيمها المرشحون. ولأن معظمهم يفضل الإبل في الموائد الكبيرة، فقد كان سعر الواحد منها سابقاً لا يتجاوز الـ200 دينار (620 دولاراً) ليصل اليوم إلى نحو 350 ديناراً (1150 دولاراً) ومن المتوقع أن يصل إلى 400 خلال الأيام المقبلة، أي ما يعادل الـ1300 دولار.المغردون ينتفعون
لم تعد الدعاية الانتخابية تقتصر على اللافتات في الشارع أو اللقاءات الانتخابية في المقارّ، بعد أن قدمت التكنولوجيا خدمة جليلة، وأوجدت منابر لمرشحي الانتخابات النيابية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فأصبح المغرد على تويتر يتقاضى 8 آلاف دينار على 20 تغريدة، تتزايد مع العدد المطلوب. ويبلغ سعر التغريدة الواحدة نحو 400 دينار كويتي ويرتفع مع قرب موعد الانتخابات، بحسب أسعار أشهر المغردين، إذ طرح أحدهم لرصيف22 بأن الأسعار قد تصل إلى 500 دينار كويتي، نظراً للإقبال الكبير على تويتر. كما يقدم مختصون خدمات البث الحي، لندوات المرشحين مقابل 3 آلاف دينار. وفي الوقت الذي لا تزال فيه المنافسة مشتعلة على كل الجهات، سواء في العالم الافتراضي أو على أرض الواقع، يحرص الكثير من المرشحين على إيصال صوتهم، من خلال وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، وتبلغ تكلفة المقابلة التلفزيونية في قناة "مشهورة" 25 ألف دينار، والمقابلة الصحفية تراوح بين آلفي دولار و6 آلاف، بحسب حجم الصفحة وعدد الأعمدة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...