"أطباء بلا حدود" أو MSF - Medecins sans Frontieres، هي منظمة دولية إنسانية، أسستها مجموعة من الأطباء والصحافيين في فرنسا عام 1971. تقدم هذه المنظمة المساعدات الطارئة في نحو 70 بلداً حول العالم إلى الشعوب المتضررة من العنف أو الإهمال أو الأزمات. ويعود ذلك أساساً إلى النزاعات المسلحة، أو الأوبئة، أو سوء التغذية أو الحرمان من الرعاية الصحية، أو الكوارث الطبيعية. وحصلت المنظمة عام 1999 على جائزة نوبل للسلام".
لكن ما نجهله عن تلك المنظمة، يستحق أن نترك كل شيء ونتبعها. هذا ليس مقالاً هدفه أن يقنعكم أن "أطباء بلا حدود" هي إحدى المنظمات الأفضل إنسانياً في العالم، أو أن العمل ضمنها هو الوظيفة المثالية. بل أن يدفعكم للانضمام إلى أي منظمة، غايتها الإنسانية، وفي أي بلد في العالم، من بينها "أطباء بلا حدود" كخيار يساعدكم أن تصبحوا أفراداً فعالين في المجتمع، أياً كان ذلك المجتمع ولونه وعرقه ودينه وانتماؤه ولغته.
إليكم 7 دوافع لاعتناق أسلوب حياة "أطباء بلا حدود"، اليوم قبل الغد.
1. لأن الاستقلالية من أهم قوانينها
90% من إجمالي تمويل "أطباء بلا حدود"، يأتي من التبرعات الخاصة وليس من حكومات، يقدمها نحو 3 ملايين متبرع من حول العالم. ذلك يخولها تقديم المساعدات من دون تمييز، وبطريقة محايدة ومستقلة عن كل القوى السياسية. وكبرهان على تلك الاستقلالية أعلنت المنظمة في يونيو الماضي أنها سترفض أي تمويل مصدره الاتحاد الأوروبي، احتجاجاً على السياسات التي ينتهجها الاتحاد بشأن المهاجرين، من تكثيف الجهود لإبعادهم عن الشواطئ الأوروبية، واعتماد منهج طرد الناس من أراضيها. استقلالية ساعدت المنظمة في عدم الرضوخ وعدم الانحياز لأي طرفٍ في أي نزاع، وفي تكريس طاقتها لإنقاذ ومساعدة الإنسان، وتأمين العلاج الطبي المناسب لكل فرد. وحملت إحدى حملات المنظمة عام 1991، شعار "نهتم أيضاً بالأفراد الداكني البشرة والعرب، فإن كان ذلك يزعجك فلا تعطينا المال".2. لأنها تنقذ الذين لا يملكون أحداً لينقذهم
لا يخلو العالم الرأسمالي من القرارات التي تسيء للأفراد غير التابعين لذلك النظام، وغير المؤهلين لحماية أنفسهم من القوى التجارية والاقتصادية العملاقة، فتقف "أطباء بلا حدود" بوجه المكنات المالية، مطالبةً بمراعاة ظروف الضعفاء اقتصادياً على تلك الأرض. بلغةٍ أكثر علمية، قامت المنظمة بشن حملة "الدواء ليس رفاهية" منذ بضعة أعوام، لتسليط الضوء على احتكار بعض شركات الأدوية لجزء من منتجاتها، والاستفادة من مكانتها، لتبيع الأدوية بأسعار لا يمكن لجميع الشعوب دفعها ومعالجة أمراضها. في السياق نفسه، رفضت المنظمة الشهر الماضي منحة مليون جرعة لقاح من شركة الأدوية العالمية فايزر، كرسالة واضحة لاستيائها من سياسة الشركة، التي تبيع دواء الالتهاب الرئوي في بلاد العالم الثالث بأسعار تفوق أسعار البيع في البلاد المتقدمة اقتصادياً. عوضاً عن ذلك، أسست المنظمة مراكز أبحاث للعمل على أدوية أمراض "مهملة" كما يسمونها، أي أمراض لا تثير اهتمام شركات الأدوية العالمية، بسبب عدم وجود عدد كبير من الإصابات حول العالم، وبالتالي لا تشكل مصدر أرباح تذكر لها.3. لأن الحيادية عندها مقدسة
حرية التعبير، حرية النقاش، حرية الوجود، حرية التفكير... كلها مبادئ تعطي الحق لأي منتسبٍ للمنظمة، أن يناقش ويعارض آراء أي منتسبٍ آخر، مهما علا شأنه. ومثال على ذلك، الرد على مقال مسؤولة "أطباء بلا حدود" في المملكة المتحدة، الذي قالت فيه: "نحن أوروبا علينا أن نفعل أكثر من ذلك"، إذ نشر مقال آخر يتحدث عن التعددية في المنظمة، "التي ليس لها لون واحد وانتماء واحد"، واستمر النقاش أمام الجمهور الكبير كدلالة على شفافية المنظمة ودقة مهمتها، الـ"بلا حدود". نقاشٌ حر ساهم في جعل مهمات المنظمة أكثر نجاحاً وفعالية، مثل النقاش الذي دار عدة أعوام، حول افتتاح مستشفى عمان الجراحي منذ نحو 10 سنوات. فاعتبر البعض أنه قد يكون مضيعة للوقت والأموال، لأن عملية ترميمية للوجه مثلاً تكلف أكثر من 10000 دولار. بينما يمكن لهذا المبلغ تأمين اللقاح لآلاف المحتاجين. ومع مرور الأيام والصراعات والحروب، أخذ ذلك المستشفى يستقبل أفراداً مصابين بأنواع من العجز، من فلسطين واليمن وسوريا وليبيا، ليصبح من أهم المراكز العلاجية في المنطقة.4. لأنها تعيد ابتكار نفسها
أمضت "أطباء بلا حدود" أشهراً طويلة وصعبة على الحدود التي يصل إليها اللاجئون عبر بحر الشرق المتوسط، إذا وصلوا، لتقديم المساعدة الطبية والدعم الإنساني. وقرروا خوض مغامرة البحار، والذهاب بسفنٍ عملاقة لإنقاذ الأرواح. ذلك القرار تم أخذه، رغم تحديات مهمة، وسبّب نقاشات متتالية داخل المنظمة، تضع الإنسانية في مقدمتها، لتطوير مهماتها. وذلك التطور في المهمات هو الذي يخدم فعلاً الإنسان. التفكير خارج "نطاق الراحة"، خارج العلبة، خارج المألوف، يعرف كيف يتحدى قهر الحياة.5. لأنها عائلة كبيرة متعددة الثقافات
أن تكون "أطباء بلا حدود"، هو أن تتفاعل مع عشرات الثقافات، وتتبادل تجاربك، وتتعايش وتتجادل معهم، وتحبهم وتنال حبهم. هو أن تكون في وكرٍ من الثقافات تتحدث اللغة نفسها: الإنسانية. هو أن تزور جنوب السودان وعدن ومدغشقر، وتفهم الحضارة كما هي، وأن تزور بلادك حضارات أخرى، ويفهوا أنك لست إرهابياً. أن تكون "أطباء بلا حدود"، هو أن تضع قلبك بأكمله في مهمتك، وتعود وتسترجع طاقتك كلها، في لحظةٍ واحدة، حين تلامس ابتسامة، وتستدرك أن لوجودك أهمية كبيرة في حياة الآخرين. أن تكون "أطباء بلا حدود"، هو أن تكون مرتبطاً بعنصر "أطباء بلا حدود" آخر في أي مكانٍ وأي زمانٍ في العالم، حتى لو لم تره في حياتك سابقاً. أن تكون "أطباء بلا حدود" هو ليس أن تكون بطلاً خارقاً، يطير في الأفق لإنقاذ الأرواح، بل أن تكون شخصاً عادياً مثلك ومثلي. شخصٌ لا ينتظر أزمة منتصف العمر ليبحث عن معنىً لحياته وحياة غيره.6. لأنك لست بحاجة إلى أن تكون طبيباً لتنتسب إلى "بلا حدود"
يكفي أن تكون "بلا حدود"، أي أن لا شيء ولا أحد يحدّك ويقوى على حرية تفكيرك لتنتسب إلى المنظمة. جزءٌ هام من الأعضاء قد انتسبوا للمنظمة لتقديم الدعم اللوجستي والتقني والإداري والإعلامي، وهم ليسوا فقط ذوي خلفية طبية. يكفي أن ترغب بأخذ مهنتك إلى مستوىً آخر، حيث حس التحدي والمغامرة عالٍ، حيث إقامة عملية ترميمية لوجهٍ بأكمله لا يقارن بعملية تجميلية بسيطة لأنفٍ، حيث العمل هو مدرسة ومجتمع ومهمة ورسالة.7. لأن العمل الإنساني ليس وظيفة بل أسلوب حياة.
ماذا تنتظرون؟ترغبون بالعمل مع منظمة "أطباء بلا حدود"؟ ندعوكم لزيارة هذا الرابط.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين