آخر العنقود ستغادر بيت والدها بعد يومين على الأكثر، ونسوة العائلة استرحن للتو من فرش جهاز العروس وملابسها، ترتيب غرفة النوم بالألحفة والملاءات ذات الألوان الساخنة، الستائر، القلل والماء المنعنع. وفي طريقهن للعودة، مررن بالأحباب والجيران لتأكيد الدعوة. ماذا تبقى يا ترى؟ جلسة استراحة نسوية بامتياز، لتحضر الهمسات والنميمة والضحكات والغمز واللمز... ها قد حضرت الحفّافة، "ما تتكسفيش يابت".
قبل عصر البيوتي سينتر أو مراكز التجميل، والكوافير، وأدوات التجميل ومستحضراته التي يمكن أن تأتي من آخر بلاد العالم في غضون أيام، اعتمدت النساء على أدوات ووسائل تجميلية بدائية بطبيعة الحال. وعلى الرغم من التقدم وسهولة التسوق، إلا أن هناك نساء يعتمدن الطرق التقليدية حتى يومنا هذا، في المدينة كما في الريف. ولعل المغرب يتمتع بشهرة عالمية في جودة المواد التجميلية الطبيعية والتقليدية، التي لم تحافظ على مكانتها فقط، بل قدمها الشعب المغربي للعالم كبديل عن المستحضرات المضرة. وهذا ما يجعل أكبر شركات العالم تعتمدها كمواد أساسية في تصنيع منتجاتها، مثل زيت أركان، الذي تنبت شجرته في جنوب المغرب، ويسمى الذهب السائل. يستخدم هذا الزيت في علاج فروة الرأس وتساقط الشعر، ويدخل في صناعات التجميل والعناية.
الحفّافة
مهنة لم تنقرض حتى الآن، ولكن خفت بريقها. هي المرأة التي تقوم بتجميل العرائس والسيدات. وفي زمن ليس ببعيد، كان عيباً على من هن دون الزواج أن يتجملن أو يزلن شعر الجسم، أو الوجه، أو يقمن بتجريب "الفتلة والحلاوة". الحفافة كانت تقوم بذلك كله. باختصار هي "بيوتي سنتر وكوافير خاص متنقل".سكر و"حلاوة"
لا تزال الكثير من النسوة العربيات لا يعترفن بمزيلات شعر الجسم، سواء أجهزة أو دهانات، حتى وإن كانت ذائعة الصيت، بل يعتمدن على "الحلاوة". خليط السكر والماء والليمون، تعدها النسوة وتضبط كثافتها وقوامها، ومن ثم تقمن بتبريدها، لتصبح جاهزة قبل أن تأتي الحفافة، وتبدأ عملها. تمتاز الحلاوة بقوتها في إزالة شعر الجسم، ولكنها مؤلمة إلى حد يجعل الضحكات ممزوجة بشيء من الصراخ بالنسبة للمستجدات، والتي يقابلن التشجيع من الأم أو الجدة بطريقة عكسية: "بلاش محن يا بت".الدلكة السودانية
لها نوعان رئيسيان: السوداء للمتزوجات، والبيضاء للبنات، وإحداها عبارة عن خليط من الأرز والدقيق وطحين العدس الأصفر والترمس والمسك، وزيت الزيتون والسمسم وقشر البرتقال وثمرتي بطاطا وجزر مسلوقتين. تزيل الخلايا الميتة والقشور، وتعطي نعومة ولمعة للجسم تؤخر نمو الشعر، ومع المداومة تساعد في تفتيح البشرة خصوصاً مناطق الكوع والركبة وبين الأفخاذ.خُمرة الضفرة
وتشتهر السودانيات بإبداعهن المتوارث في صناعة العطور الطبيعية القوية والنفاذة التي تدوم في الملابس، وتمنح الجسد رائحة مميزة. ومن بين تلك العطور الخمرة أو خمرة الضفرة، التي يدخل في صناعتها كائن الضفرة البحري، إضافة إلى بعض العطور الجافة كخشب الصندل، المسك التركي، المحلب، القرنفل والحبهان، وبعض العطور الزيتية كالصندلية والسرتية. ولها عدة وصفات تختلف بحسب الأماكن، إلا أن غالبيتها صناعاها معقدة بعض الشيء.البيغودي ومثبت الشعر على الطريقة اللبنانية
قبل السبراي وحتى قبل مكواة الشعر النحاسية. كانت اللبنانيات يشترين حجرة الفونة من محال دهانات الحوائط. تمزجنها بالسبيرتو (الكحول الأبيض)، ويعبئنها في بخاخ أو "طساسة"، لتثبيت الشعر حسب التسريحة. أما للحصول على تسريحة مموجة "كيرلي" curly، كانت النسوة ينقعن شعرهن في البيرة.السواك التونسي
استخدمته السيدات قبل أحمر الشفاه، وهو عبارة عن نبتة مستطيلة توضع على اللثة، وتجعل الأسنان بيضاء ناصعة والشفاة واللثة ذات لون شديد الحمرة.زيت الزيتون
يتربع على قائمة الزيوت الطبيعية سواء في التجميل أو الطهو. وفي تونس ما تزال الكثيرات يحافظن على الحمام الزيتي. ينقع الشعر في زيت الزيتون لمدة ساعة، قبل الذهاب إلى حمام السبت أو الأحد، حرصاً على تغذية الشعر وإضفاء اللمعة الطبيعية عليه.الحرقوص، الفتلة، الدلكة... وأدوات تجميلية بدائية أخرى ما زالت النساء في العالم العربي يعتمدنها
بدائل طبيعية لكل هذه المستحضرات التجميلية التي نستخدمها يومياً...وقبل الذهاب إلى الحمام، كانت المرأة التونسية، التي تميزت بتقطير عطر الياسمين والفل، تصنع قناع الوجه أو الماسك الذي يصنع من خليط صفار البيض مع العسل والليمون، ويحافظ على بشرة الوجه نضرة وغير عابئة بمخاوف التجاعيد.
كحل العين
عرف الكحل في العصور القديمة واستخدمه الفراعنة وغيرهم، كما عرفه العرب، كمسحوق للتجميل وتوسيع العين، وإرضاء الآلهة حسب ما تعتقد بعض الشعوب. ومع انتشار الكحل السائل والأقلام الجافة وبدائلها، مثل الآي لاينر وغيره، فإن الكثيرات ما زلن يشترين مسحوق الكحل من العطارين، ويفضلن تجهيزه منزلياً. يخلط بالماء مع الحفاظ على كثافة مناسبة، ويحفظ في "المرود" النحاسي المزخرف غالباً.تراب الفرن
في بعض القرى المصرية، لم تكن النساء على قدر مادي يتيح لهن شراء الكحل، لذا لجأن إلى رماد الفرن أو الكانون. يستخدمن بواقي الحطب المتفحم، يجمعنه ويقمن بتنقيته، ثم تجهيزه ليصبح مثل الكحل.الحجر الأسود "الخفاف"
يشبه الإسفنج وتتعدد ألوانه، إلا أن أشهرها على الإطلاق هو الأسود، الذي لم يخلُ حمام منزلي منه، حتى مع ظهور الأدوات الحديثة. إذ اعتمدت عليه النسوة في تنظيف الكعبين والحفاظ على نعومتهما. تنقع الأقدام في الماء المغلي المضاف إليه الملح، ثم يفرك باطن القدمين والكعبين بحركات دائرية ولطف، بواسطة ذلك الحجر، لتقشير الجلد الميت، والوصول إلى درجة من النعومة، وأخيراً التهيئة للحناء.كعب الغزال يا متحني
عرف المرأة النظيفة من كعبها. هكذا قالوا قديماً، فمن نظرة خبيرة واحدة، يمكن التكهن بنظافة المرأة أو الفتاة الشخصية ومستقبل جسمها. اتسمت النساء اللواتي اهتممن بأنفسهن بصبغ الكفين والكعبين بالحناء الحمراء. إذ تمنح القدمين والكفين نعومة ولوناً فاتناً، وتقول الأغنية الشهيرة "كعب الغزال يامتحني بكعب الغزال.. ما تبطل تمشي بحنية لا يقوم زلزال". غير أن استخدامات الحناء لا تقتصر على ذلك، ففي تونس يخلط الحناء بقشر الرمان المخزن على مدار العام، ليعطي لوناً أحمر للشعر. وحتى الآن، تعتمد الكثيرات على صباغة الشعر باستخدامها، ومع التطور أصبحت الحناء متعددة الألوان، بدءاً من الأسود الليلي، مروراً بالأحمر القاتم وغيرها من الألوان. ولكن للحناء فؤائد أخرى غير الصبغة، وهي ترطيب فروة الرأس، وتليين الشعر وتغذيته.الحرقوس
خليط تونسي شهير، ذو لون أسود ورائحة خرافية، وهو عبارة عن عجين يتم صناعته بطريقة بدائية معقدة، تنتهي بدفنه ساعات طويلة في الرمال. يرسم به التاتو والوشم، وغالباً تستخدمه العروس قبل ليلة العرس، قبل أن تلجأ العربيات إلى الحناء لرسم الوشم أو التاتو في الرقبة والكفين مثلاً.الفتلة والملاقط
لا تستغني عنهما السيدات حتى الآن، ولكن على الرغم من سهولة استخدام الملاقط، من المستحيل أن تقوم إحداهن باستخدام الفتلة بنفسها. يلتف الخيط على ثلاث أصابع من كل يد، ويكون الطرف الأخير في فم الحفافة، ولا يقتصر استخدام هذه التقنية على النساء، فإن حلاقي الرجال أيضاً يستخدمونها لتهذيب شعر الحاجبين وزوائد الشارب. وبالنسبة للنساء. تحدد الفتلة مهارة حفافة عن غيرها، في ضبط الحاجبين، وإزالة شعر الوجه والأذنين،الكولونيا
ظل العطر الذي يعود إلى بداية القرن الـ18، وسمي "عطر الملوك والقياصرة"، هو الأشهر بين النساء والرجال. وفي مصر، اشتهر بماركة كولونيا 55555 (خمس خمسات)، إذ لم تكن العطور المصنعة منتشرة بين الطبقات الدنيا والمتوسطة في المدن والريف، وظلت لوقت طويل تنافس العطور الطبيعية كالمسك والصندل والعنبر.مزيلات العرق قديماً
بينما تتنوع مزيلات رائحة العرق، وموانع التعرق، بين الدهانات والبخاخ وغيرهما، ظل حجر الشبة أو الشب الأبيض، مزيل العرق الوحيد الذي تستعمله النساء، وقاية من الرائحة السيئة، ولشد بشرة الوجه. لذلك استخدمه الرجال أيضاً، بعد حلاقة اللحية، فيقوم بترطيب الوجه ومنع التهاب البشرة/الصابون البلدي
في المغرب يستخدم الصابون البلدي كحل أمثل لإزالة الخلايا الميتة، وتفتيح البشرة، كما يستخدم في التدليك. وفي مصر، ما يزال صابون نابلسي شاهين يتمتع بشعبية نوعاً ماً، خصوصاً في الطبقات المتوسطة والفقيرة، ويباع لدى العطارين، على الرغم من سيطرة الأنواع الجديدة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه