دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. ما كان يعتبره البعض مستحيلاً أو كابوساً تحقق. الأميركيون قالوا كلمتهم وبقرارهم سيغيّرون شكل العالم. آخر نموذج ناجح لإدارة مجتمع متعدّد صار تحت الخطر.
حتى اللحظات الأخيرة، لم يكن ليصدق أحد أن تنتهي الأمور وفق هذا السيناريو. دونالد ترامب، رجل الأعمال الذي تحولت خطاباته وحركاته إلى مادة للسخرية خلال السنة الماضية، أصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.
وحسمت المعركة الانتخابية لصالح ترامب بعد ضمان حصوله على أكثر من 270 مندوباً من أصل 538. وتعتمد الولايات المتحدة نظاماً انتخابياً غير مباشر في الانتخابات الرئاسية. إذ يدلي الناخبون بأصواتهم ليختاروا المندوبين المخصصين لكل ولاية، ثم يقوم هؤلاء المندوبون بانتخاب الرئيس ونائب الرئيس. ولكل ولاية عدد مندوبين يساوي مجموع عدد ممثليها في مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ ما يعني أن الولايات الكبيرة لها مندوبين أكثر من الولايات الصغيرة. وللعاصمة واشنطن ثلاثة مندوبين.
وبصدور النتائج في معظم الولايات، يمكن القول إن إحدى أكثر المعارك الانتخابية تنافسية في الولايات المتحدة قد اختتمت، بعد أن شغلت ملايين الأميركيين وكل العالم على حد سواء، نظراً للتباين الكبير بين المرشحين في مقاربتهما للشؤون الدولية.
وكانت الأنظار متجهة إلى ولايات بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن التي كان على كلينتون الفوز بها إضافة إلى الفوز في ولاية من ثلاث ولايات هي أوهايو وفلوريدا (فاز أوباما فيهما عام 2012) ونورث كارولاينا لتصير رئيسة الولايات المتحدة.
ولكن ترامب فاز في أوهايو وفلوريدا ونورث كارولاينا وسحب من تحت كلينتون بساط ولاية بنسلفانيا وهو حالياً متقدم عليها في ولايتي ميشيغن وويسكونسن ومعظم الولايات التي لم تُحسم نتيجتها حتى اللحظة.
ومنذ ظهور مؤشرات على تقدم ترامب، أطلق أنصاره العنان لفرحتهم ورفعوا الأعلام الأميركية ولافتات كتبوا عليها "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً"، وهو الشعار الذي كان قد أطلقه رئيس الجمهورية الـ45 في بداية حملته الانتخابية.
العرب والانتخابات الأميركية
وفي حين يتفق الكثير من سكان العالم العربي على أن كلاً من المرشحين أسوأ من الآخر، ستتلقى الجماهير العربية، حين تستيقظ، خبر فوز ترامب بغضب نظراً للخطاب العنصري والمناهض للمسلمين الذي حمله طوال حملته الانتخابية. وقد حظيت الانتخابات باهتمام كبير في العالم العربي، ونشط هشتاغ #الانتخابات_الامريكية على امتداد النهار الانتخابي الطويل. وفي حين عبّر البعض عن رغبهم في فوز ترامب أو كلينتون، أو عن سخطه على كلا المرشحين، دعت بعض الأصوات الحكومات العربية إلى عدم الرهان على أيّ منهما والرهان فقط على قوة شعوبها. واختتم الكثيرون يومهم بتغريدات تعبّر عن رغبتهم في الاستيقاظ صباح اليوم الثاني على "الرئيس المناسب". وشهد اليوم الانتخابي مشاركة غير مسبوقة في مختلف الولايات الأميركية الخمسين. ولم يهدأ المرشحان على امتداد النهار محاولين دفع الأميركيين إلى الاقتراع. وكانت المنافسة حتى اللحظات الأخيرة حامية وصعبة، خاصةً مع تغيّر نتيجة استطلاعات الرأي بين يوم وآخر في الأيام القليلة الماضية.ما كان يعتبره البعض مستحيلاً أو كابوساً تحقق. الأميركيون قالوا كلمتهم وبقرارهم سيغيّرون شكل العالموتقدّم ترامب على منافسته في أوساط الشرائح العمرية الأعلى من 45 سنة بعكس الشرائح الأدنى. كما تقدّم عليها في أوساط الذكور بعكس الحال في أوساط الإناث. فيما تقدّمت عليه منافسته في أوساط الأميركيين من أصول أفريقية ولاتينية. وأثرت سلباً على حملة كلينتون عودة ملف الرسائل المسرّبة إلى الواجهة، وإعلان مكتب التحقيقات الفدرالي إعادة فتح التحقيق في طريقة وصول آلاف الرسائل الإلكترونية العائدة إلى كلينتون، أثناء توليها وزارة الخارجية، إلى جهاز كمبيوتر خاص بمساعدتها هُما عابدين. وأعطى ذلك دفعاً إضافياً لحملة منافسها، قبل أن يعود مكتب التحقيقات الفدرالي ويقول أنه لم يجد في الرسائل شيئاً يستدعي ملاحقة كلينتون، ولكن من دون أن يغير ذلك من موقف الناخبين من المرشحة الديمقراطية، التي اتهمت بالنفاق مراراً. ولم تمنع مجموعة الفضائح التي تضمّنت تصرفات وتصريحات معادية للنساء وممارسات تمييزية بحق غير البيض الناخبين من اختيار المرشح الجمهوري. وهذا الأمر يعود بشكل أساسي إلى توق الأميركيين الواضح للتغيير، في ظل معاناتهم على صعيد إيجاد فرص عمل، أياً كان شكل التغيير، فاختاروا ترامب على حساب مرشحة متواجدة في التركيبة الأميركية مند سنوات عدة. وهذه نقطة لعب عليها ترامب خلال حملته الانتخابية. وتنتظر الولايات المتحدة والعالم أياماً مثيرة للقلق، ستحمل حتماً الكثير من المفاجآت، لأنه من الصعب توقّع ما هي القرارات التي سيتخذها الرئيس الجديد الشهير بانفعالاته. وكان سعر أسهم البورصات الأميركية قد بدأ بالانخفاض منذ خروج مؤشرات على تقدّم ترامب في الانتخابات وارتفع سعر الذهب. لا شيء مؤكد مع ترامب رئيساً للولايات المتحدة. هو يشبه عالمنا المجنون والانفعالي. الأمر الوحيد الثابت هو أن الأميركيين والعالم، في ظل رئيس كترامب، سيشتاقون إلى باراك أوباما الهادئ والعقلاني. وكانت شابة قد قالت ساخرةً قبل انتهاء اليوم الانتخابي الطويل وقبل معرفة هوية الرئيس الجديد: "هل أنتم متأكدون أن أوباما لا يستطيع أن يبقى لولاية ثالثة؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.