ساعات قليلة تحوّل خلالها موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى ساحة مطالبة بالحرية للناشطة السعودية في حقوق المرأة مريم العتيبي، إذ تصدرت التغريدات حول قضيتها قائمة "أبرز الأحداث"، تحت هاشتاغ "#كلنا_مريم_العتيبي".
وانتشر خبر اعتقال مريم قبل يومين، بعد أن رفع والدها دعوة عقوق ضدها، ما أثار غضب الناشطين السعوديين، الذين اعتبروا أن اعتقال العتيبي يأتي أيضاً رداً على نشاطها الفاعل جداً في حملة المطالبة بإسقاط الولاية على المرأة، التي تنشط في السعودية في الأشهر الأخيرة.
ولا تزال قضية مريم تثير الكثير من التساؤلات، بعد أن نفى البعض خبر اعتقالها. إلا أن مدير النشر والإعلام في هيئة حقوق الإنسان في السعودية محمد المعدي، أكد الخبر في حديث هاتفي مع قناة العربية، مشيراً إلى أن مريم أُرسلت إلى مركز رعاية الفتيات وليس إلى السجن لكونها تحت سن الثلاثين.
كيف بدأت القصة؟
بدأت القضية، بحسب الناشطات على تويتر، عندما تعرضت مريم العتيبي للضرب والتعنيف من قبل أحد أشقائها، ما دفعها إلى رفع قضية تعنيف ضد شقيقها. لكنها كرمى لوالدها، عادت وتنازلت عن القضية مقابل تعهد شقيقها عدم التعرض لها مجدداً. أزعج الأمر شقيقها فهددها، ما حضّها على رفع قضية “قذف وذم” ضده. لم تلقَ شكواها آذاناً مصغية، وراح شقيقها يمارس الضغوط عليها، فغردت قائلة: “عندما تقدمين بلاغاً لدى الشرطة ضد شخص قام بقذفك أو تهديدك ثم يقوم بالضغط عليك حتى تتنازلي، فهذه تعتبر جريمة أخرى". طالب والد مريم ابنته بالتنازل عن القضية مرة أخرى وهددها برفع قضية "عقوق" إذا لم تستجب لطلبه، إلا أنها رفضت التنازل عن الشكوى، معتبرةً أنها تنازلت كثيراً. عندئذ رفع والدها القضية، وتم اعتقالها.بين الفخر بالولاية والمطالبة بإسقاطها
تأتي الحملة الداعية لإنقاذ مريم من المحاكمة، متزامنة مع حملة انطلقت منذ حوالي أربعة أشهر في السعودية، تطالب باسقاط ولاية الرجل على المرأة، تشنها مغردات يطالبن بهذا الإجراء مدعومات بعدد كبير من الناشطين والناشطات، في مواجهة نساء ورجال دين قرروا التصدي لهذه الدعوة. وكانت البداية مع وسم انتشر على موقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان: #سعوديات_نطالب_بإسقاط_الولاية، السبت، 30 تموز 2016، تحركه نساء أكدن تمسكهن بتلك الخطوة بأساليب مختلفة. ?ref_src=twsrc%5Etfw ?ref_src=twsrc%5Etfw في المقابل، رفضت أخريات تبني الحملة، وأطلقن حملة لمواجهتها تحت هاشتاغ #سعوديات_ضد_اسقاط_الوﻻيه وتحت هاشتاغ #سعوديات_نفخر_بولاية_اهلنا_لنا. وتعدّ الأكاديميّة أميرة الصاعدي من أبرز المعارضات لدعوة إسقاط الولاية. ودخل رجال الدين على خط النقاش، فعلق الشيخ سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام على الحملة عبر تويتر قائلاً: "طلب إلغاء ولاية الرجل على المرأة مُضاد للشرع؛ فإن الله الذي لم يبعث امرأة قط (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إَلَّا رِجَالًا) هو القائل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)”. ولعبت مريم العتبيني دوراً أساسياً في تحريك الحملة عبر حسابها على تويتر، وكانت من أولى المشجعات لاسقاط #حكم_الولاية مهاجمة قوانينها. وقبيل اعتقالها، أكدت العتيبي أنها لن تتراجع عن قضيتها التي وصفتها بالنبيلة والصادقة. وتنوعت ردود الفعل الغاضبة من اعتقال مريم والمطالبة بالإفراج عنها.هل نحن على باب توجه جديد للمملكة؟
نالت المرأة السعوديّة بعض الحقوق عام 2009، عندما أمر العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود بتولّيها بعض المناصب الحكومية، وعيّن نورة الفائز نائباً لوزير التربية والتعليم، بالإضافة إلى قرار الملك في سبتمبر 2011 السماح بمشاركة المرأة في مجلس الشورى، والسماح لها باختيار العمل الذي تريده من دون موافقة وليّ أمرها (في وظائف محددة). ولكن رغم هذه التحسينات البسيطة، لا زالت المرأة السعودية عُرضة لانتهاكات اجتماعية عدّة، أبرزها داخل أسرتها، على يد من يتولّى شؤونها كالأب أو الزوج أو الأخ. وبين تلك الانتهاكات، الاعتداء عليها جسديّاً، ومنعها من الزواج للحصول على مالها، ومنعها من التصرّف في إرثها. ولا تتوقف معاناتها عند هذا الحد، بل تواجه في الدوائر الحكوميّة أو في مكان عملها، التحرّش والابتزاز، إذا لم يكن برفقتها رجل. إلى ذلك، تستمر معاناتها في ما يتعلق بحرية الحركة، مع إعلان إدارة الجوازات السعوديّة في 26 يوليو من العام 2016 أنّه "لا يسمح للزوجة بالسفر إلى الخارج من دون إذن زوجها حتّى لو كان السفر مع والدها"، وفي الوقت الذي لا تزال فيه المرأة السعودّية الوحيدة في العالم الممنوعة من قيادة السيّارة داخل بلدها. وعلى الرغم من تضييق الخناق، فإن السعوديات لم يستسلمن. ففي تحدٍ واضح للقوى الدينية والقبلية، تبدو صاحبات الدعوة لإسقاط ولاية الرجل متفائلات بالتوجهات الجديدة لمدينة الرياض في شأن مطالبهن، على خلفية ارتباط ملف المرأة برؤية المملكة 2030، كما يظهر في حساب "سعوديات ضد التهميش". فهل ترى هذه المساعي ولادة نظام يتعاطف مع حقوق المرأة السعودية والحريات بشكل عام، في ظل المطالبات المحلية والعالمية الداعية لمساواة الرجل والمرأة، ومناهضة العنف ضد النساء؟رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...