تتحدث بعض المصادر التاريخية عن أن عدداً من قبائل ليبيا القديمة عرفت مشاعية النساء بشكل أو بآخر. رغم أن هناك من يرد على هذه المصادر، ويؤكد أنها ربما لم تدرك طبيعة النظام الاجتماعي أو العقائدي عند هذه القبائل قديماً، خصوصاً ما يرتبط بوضع النساء، وهذا ما دفعهم للإشارة إلى هذه المشاعية.
قبائل النسامونيس
كانت قبائل النسامونيس تقيم على شواطئ خليج سرت، وهم كثيرو العدد. قال عبد الحفيظ عبد الله أبو لموشة، أستاذ التاريخ في جامعة سرت الليبية في دراسته "خليج سرت في العصر الفينيقي الروماني. السكان والنشاط الاقتصادي"، إنهم كانوا في فصل الصيف يتركون قطعانهم بجوار البحر، ويذهبون إلى واحة في الداخل، يقال لها أوجلة، لجني البلح من النخيل الذي ينمو هناك بكثرة. كما كانوا يقنصون الجراد، ثم يجففونه في الشمس، وبعد طحنه ينثرونه على اللبن ويشربونه. وأوضح أبو لموشة في دراسته المنشورة في العدد الأول من مجلة جامعة سرت العلمية في يونيو 2015، أن المؤرخ اليوناني هيرودوت ذكر أن رجال القبيلة كانوا يتخذون عدداً من الزوجات، وكان الاتصال بالنساء مشاعاً، وكانوا يغرسون عصا أمام أماكن إقامتهم ثم يباشرون النساء. وكان الرجل من النسامونيس، عندما يتزوج للمرة الأولى، يجب على عروسه، بحكم العرف، أن تضاجع كل فرد من أفراد الجماعة، وكان كل رجل بعد معاشرتها يقدم لها الهدية التي أحضرها معه من بيته.قبيلة جيندانيس
كانوا يقطنون أقصى غرب الساحل الليبي. ونقل الدكتور مصطفى كمال عبد العليم في كتابه "تاريخ ليبيا القديم"، عن هيرودوت، أن كل امرأة في قبيلة جيندانيس كانت تضع حول ساقيها حلقات من الجلد، بعدد الرجال الذين يتصلون بها. وتلك التي يكون لها أكبر عدد من الحلقات، تعتبر خير نساء القبيلة، لأن معظم رجال القبيلة يؤثرونها بحبهم.قبائل الأوسيس
ذكر عبد العليم أن أفراد هذه القبائل كانوا يقيمون على سواحل بحيرة تريتونيس، ويسدلون شعرهم إلى الأمام، وكانوا كل عام يقيمون عيداً للربة الوطنية أثينا. وكان الاتصال بين الرجال والنساء داخل القبيلة مشاعاً، وكانوا لا يتزاوجون، وعندما يكبر ابن المرأة، يجتمع الرجال طوال ثلاثة شهور، وينسبون الولد لمن هو أشد به شبهاً بين الرجال، بحسب ما ذكر الكتاب.جنوب المغرب
مشاعية النساء مورست أيضاً بشكل أو بآخر في أماكن قريبة من ليبيا. في كتابه "موسوعة الزواج"، تحدث إدوارد ويستر ماك عن مدينة قديمة جداً، تقع على الطريق الذي ينطلق من صفرو جنوبي فاس باتجاه الشمال الشرقي. كان فيها معبد كبير، وكان الرجال والنساء يقيمون فيه علاقات إباحية في ليلة معينة من السنة، بعد تقديم الأضاحي وإطفاء الأنوار.يحكى عن أن كل امرأة من قبيلة جيندانيس الليبية القديمة كانت تضع حول ساقيها حلقات من الجلد، بعدد الرجال الذين يتصلون بها
في قبائل ليبيا القديمة، يذكر التاريخ أن الرجل الواحد كان يستطيع أن يقتني أي عدد يريده من الزوجات، ما دام قادراً على إعالتهنولم يكن للنساء اللواتي يشتركن في ذلك العيد الحق بالنوم مع أزواجهن، إلا بعد التأكد إذا كن قد حملن أم لا. أما الأولاد الذين يتم الحمل بهم من تلك العلاقات المشاعية، فكانوا منذورين لخدمة الهيكل. وأشار الكتاب إلى أن العرب قاموا بتدمير تلك المدينة وهيكلها، عند بلوغهم بلاد المغرب.
عادات بدائية
الدكتور فضل القريني عالم الآثار الليبي، قال لرصيف22 إن ما ذكره هيرودوت وأوردته المراجع التاريخية بشأن مشاعية النساء في عدد من قبائل ليبيا القديمة غير صحيح. موضحاً أن ما ورد بشأن قبائل النسامونيس، مجرد عادات بدائية مارستها كل الشعوب وليس الليبيون القدماء فقط، ولا يمكن اعتبارها مشاعية بالمعنى المفهوم. وأشار إلى أن ما ذكره المؤرخ اليوناني عن قبائل الأوسيس وجندانيس، هي أشياء سمعها ولم يشاهدها. وبعض هذه العادات لا تزال موجودة في المجتمعات الأفريقية البدائية حتى الآن وفي عدة مجتمعات أخرى. وهذه ليست مشاعية، إنما عادات قديمة ترتبط بالزواج. حتى الإغريق كانت لهم عادات مشابهة في الزواج والرقص وغيرها.تعدد زوجات
في كتابه "التاريخ الليبي القديم من أقدم العصور حتى الفتح الإسلامي"، قال الدكتور عبد اللطيف محمود البرغوثي، إن النقوش المصرية القديمة في الكرنك، أشارت إلى أن الفرعون مرنبتاح أسر 12 امرأة من نساء الأمير "مري بن ادد"، زعيم قبيلة الليبو، وهي إحدى قبائل ليبيا القديمة، التي كانت تهاجم دلتا مصر في فترات الجفاف. وهذا يوضح أن عادة تعدد الزوجات كانت شائعة على نطاق واسع بين الليبيين، ولعل ذلك أدى إلى وقوع عدد كبير من الكتاب الإغريق والرومان في الخطأ، عندما تحدثوا عن انتشار ما يشبه أن يكون إباحية جنسية. ويشير البرغوثي إلى أن المؤرخ الروماني سلوست ذكر أن الرجل الواحد كان يستطيع أن يقتني أي عدد يريده من الزوجات، ما دام ذلك متناسباً مع قدرته على إعالتهن، فبعضهن له 10 زوجات، والبعض الآخر له أكثر من ذلك. لكن الملوك هم الذين كانوا يأخذون من الزوجات أكثر من غيرهم. ويستند الكتاب إلى حجتين لدحض مشاعية النساء عن قبائل ليبيا القديمة. الأولى أن قبائل الأوسيس، التي ذكر هيرودوت أنها عرفت مشاعية النساء، كان أفرادها ينزلون عقوبة الموت بالفتاة المشتركة في بعض طقوسهم الدينية، إذا تبين لهم أنها فاقدة لعذريتها، وبالتالي لا يمكن أن يصح عليهم ما قاله المؤرخ اليوناني عنهم. الحجة الثانية هي أن نمطاً من قرابة الدم كان شائعاً في شمال إفريقيا، ما يدل على أن القوم كانوا متفقين على نوع من الزواج، يكفي لتحديد قرابة الدم في نطاق الأسرة والعشيرة والقبيلة. وأوضح الكتاب أنه إذا صح ما ذكره هيرودوت عن مشاعية النساء في قبائل ليبيا القديمة، فإن ذلك يشير إلى أن مكانة المرأة الليبية كانت منحطة وهذا غير صحيح، فالتقاليد البربرية والأدلة التاريخية تؤكد أن المرأة كانت تحتل مكانة مرموقة، ويكفي دليلاً على ذلك، أن نظام الإرث كان قائماً على أساس التسلسل من نسل الأم.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت