شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
لماذا أجمع السوريون على محبة فارس الخوري؟

لماذا أجمع السوريون على محبة فارس الخوري؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأحد 23 أكتوبر 201608:28 ص
مسيحي بروتستانتي تولى وزارة الأوقاف الإسلامية، خطب باسم بلاده في الجلسة التأسيسية للأمم المتحدة ووقع قرار جلاء الفرنسيين عن سوريا، ترأس مجلس الأمن الدولي، وشغل منصب رئيس الوزراء مرتين. أحب سوريا قبل كل شيء، وأحبه السوريون فوق كل شيء. الثورات والمظاهرات والاضطرابات التي تهز العالم اليوم تذكرنا بأن قلة قليلة من سياسي العالم خدموا شعوبهم وأخلصوا لها، فأحبتهم وتمسكت بهم حتى بعد رحيلهم. من تاريخ سوريا الحديث، الذي اتسم بالغنى والتنوع في المجال السياسي، ليس هناك ما يضاهي حبّ السوريين لفارس الخوري (1873 - 1962)، فقد أجمعوا على احترامه على اختلاف آرائهم ومذاهبهم وأحزابهم. فمن هو وما سر شعبيته التي لم تمت؟ أشهر ما عرف عن الخوري تمثيله الاستثنائي لسورية في منظمة الأمم المتحدة، إذ ترأس وفداً للدفاع عن حق بلاده بالاستقلال وجلاء الفرنسيين. دخل الاجتماع الذي حضره رؤساء العالم بطربوشه الشامي الأحمر، وكانت الجلسة التي كسبت فيها سوريا استقلالها، وكان استقباله عند عودته في مطار دمشق من أجمل احتفالات سوريا بالخوري. اشتهر عنه حبه واحترامه لزوجته أسماء، فكان ذلك مكملاً، من حياته الشخصية، لحبه واحترامه لسوريا وشعبها.
لماذا أجمع السوريون على محبة فارس الخوري، المسيحي الذي تولى وزارة الأوقاف الإسلامية ومثل سوريا في الأمم المتحدة؟
في أيام الخراب المزلزل الذي تعيشه سوريا، يستحق فارس الخوري أن نتوقف عند شخصيته التي احترمها السوريون باختلاف مذاهبهم وأحزابهم

إليكم بعض المحطات الرئيسية في حياته:

  • في عام 1908 انتسب لجمعية الاتحاد والترقي، أول التزام له بالسياسة.
  • في 1914 عيّن نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان العثماني.
  • في سنة 1916 سجنه جمال باشا بتهمة التآمر على الدولة العثمانية، ثم برّئ ونفي إلى اسطنبول.
  • في 1919، عاد إلى دمشق بعد انفصال سوريا عن الحكم العثماني.
  • عيّن عضواً في مجلس الشورى الذي أسسه الشريف فيصل.
  • أسس معهد الحقوق العربي، وكان أحد أساتذته.
  • شارك في تأسيس المجمع العلمي العربي بدمشق.
  • تولى وزارة المالية في الوزات الثلاث التي تألفت خلال عهد الملك فيصل.
  • مع بداية الانتداب الفرنسي على سوريا في 1920، انتقل الخوري للعمل كمحام ومدرس في معهد الحقوق.
  • أسس مع عبد الرحمن الشهبندر حزب الشعب رداً على تعسف السلطة الفرنسية.
  • اعتقل في 1925 مع قيام الثورة الكبرى، ونفي إلى معتقل جزيرة آرواد، ثم نفي إلى خارج سوريا.
  • شارك في تأسيس الكتلة الوطنية التي قادت حركة المعارضة ضد الفرنسيين.
  • في عام 1936، بعد الإضراب الستيني الذي عمّ البلاد، شارك كنائب لرئيس الوفد الذي فاوض باريس لإنهاء الانتداب.
  • انتخب رئيساً للمجلس النيابي السوري عام 1936، ومرة ثانية في 1943.
  • تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري، وكان وزيراً للمعارف والداخلية في 1944.
  • تولى السلطة التنفيذية في سوريا، وهو مسيحي بروتستانتي، فكان لذلك صدى عميق داخل سوريا وخارجها.
  • تولى وزراة الأوقاف الإسلامية، وحين اعترض البعض، دافعت عنه الكتلة الإسلامية في المجلس، إذ قالت على لسان نائبها عبد الحميد الطباع: "إننا نؤمن بك فارس الخوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا".
  • ترأس الخوري الوفد السوري باسم سوريا أمام منظمة الأمم المتحدة، لبحث جلاء الفرنسيين. وألقى خطبة نالت إعجاباً واحتراماً. تعهد برغبة سورية واستعدادها لاحتضان حس عالمي بالتفاهم والتعاون، وعبّر عن إيمانه بأهداف المنظمة الإنسانية.
  • انتخب عضواً في مجلس الأمن الدولي (1947 - 1948)، ثم أصبح رئيساً له في آب 1947، وكان أول ممثل دائم لسورية في الأمم المتحدة.
مجلس الأمن تحت رئاسة الخوري، ديسمبر 1947[/caption] [/half_column]إن فارس الخوري أكبر من أي مديح، وإن اللغة وحدها لا تؤرخه، فهو قامة استثنائية، ليس على مستوى وطنه فحسب، بل على مستوى التاريخ البشري كله. والآن، في أيام الخراب المزلزل الذي يخيم على سوريا، يستحق فارس الخوري تحية من أعماق القلب؛ باسم كل السوريين. غادر فارس الخوري الحياة في يناير عام 1962. لعل ليس من المهم أن نذكر أن هذا العملاق الإنساني لم يترك أي ثروة مادية من أي نوع، بل أهدى في عمله وحياته الحافلة إرثاً وطنياً لكل السوريين.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image