شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
قتلى العرب بين شهداء وفطائس

قتلى العرب بين شهداء وفطائس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 17 أكتوبر 201610:42 ص
"كل من يُقتل دفاعاً عن الدين والمذهب الحق، أو يتم اغتياله لإيمانه، أو لسبب له علاقة بالدين فهوشهيد حتماً، والذي يُقتل ظلماً وعدواناً ولو بصورة عشوائية ولم يكن المقصود شخصياً فهو أيضاً ممن يعامل معاملة الشهيد إن كان مؤمناً في عقيدته (...) يُعطيه الله أجر الشهيد وإن مات على فراشه" بحسب قول الشيخ صالح الكرباسي. هكذا يعرف الإسلام الشهداء، فيما يسوّغ البعض لنفسه اليوم أن يرسل الموتى إلى الجنة أو النار حسب اتفاقه واختلافه معهم. فاعتبار شخص ما شهيداً يختلف اليوم وفقاً لأي الجبهات يقاتل أو لأي طائفة ينتمي، أو حتى وفقاً للأرض التي يُقتل عليها. أما الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، فتعرف الشهيد بأنه "من أهرق دمه وعقر جواده، المطعون، المبطون، الغريق، صاحب الهدم، صاحب ذات الجنب، من مات حرقاً، المرأة التي تموت بجمع (أي حامل)، من قتل دون دمه، من قتل دون ماله، من قتل دون أهله، النفساء، من مات بالسل، من صرع عن دابته، من قتل دون مظلمته". ولكن رغم ذلك، وخاصة في البلدان التي تشهد صراعات مسلحة وحرباً دامية في هذا الجزء من العالم، فإن تسميات مثل "شهيد"، "فطيس"، "قتيل" و"متوفي" تطلق على كل من صعدت روحه للسماء، بحسب المعسكر الذي ينتمي له، حتى لو كان مدنياً لا علاقة له بالصراع السياسي أو العسكري، وجاء صاروخ أو برميل متفجرات ليهدم بيته فوق رأسه، فتناله الألقاب وهو تحت الركام. وتكشف عادة مانشيتات الصحف عن توجهاتها وسياساتها. فعناوين القتلى والشهداء تملأ الصفحات الأولى لتشي بمن يقف مع النظام السوري ومن ضده ومن مع تنظيم الدولة الإسلامية ومن ضده، ومن مع الحوثيين ومن ضدهم... ولا يغيب عن الزائر لمواقع التواصل الاجتماعي هذا السجال اللامنتهي بين المعسكرات المختلفة، حول ما إذا كان القتلى شهداء أم “فطائس"، كما يحلو للبعض نعت جثث خصومه السياسيين أو خصومه في الدين أو المذهب. لا ينتهي تصنيف القتلى من الذاهبين للجنة والنار عند التسميات فقط، بل يتعداه إلى الصور ومقاطع الفيديو التي يتم تداولها لجثث الضحايا من المعسكر المضاد بأبشع أشكالها، كجزء من التشفي وإعلان الظفر وإسعاد المناصرين، فيما تستر صور من يعتبرونهم شهداء احتراماً لـ"حرمة الجسد". المثير للانتباه كيف استطاعت الانتماءات السياسية والحزبية والدينية أن تتغاضى عن حرمة الإنسان وحقه في الحياة أو حتى في احترام جسده بعد الممات، خاصة أن جميع الأديان تدعو لذلك.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image