اختبارات فيسبوك تسرق أسراركم وتبيعها
الثلاثاء 4 أكتوبر 201611:55 ص
من هو صديقك المقرّب؟"، "أي شخصيات السينما تشبهك؟"، "خمسة جوانب مميزة في شخصيتك؟"، "هل أنت مستعد لعلاقة عاطفية؟"، "ما هو معدّل ذكائك؟"، "ما الكلمة التي تستخدمها أكثر من غيرها؟"، "في أي عام ستموت؟"، "كيف ستموت؟"... وأسئلة كثيرة أخرى يؤكد فيسبوك أنه يمتلك الجواب عنها.
آلاف الاختبارات تملأ الصفحة الزرقاء لدى كل منا، "بضغطة زرّ واحدة" يأتي الجواب عن كل ما نريد معرفته حول الماضي والحاضر والمستقبل، وصولاً إلى شكل الساعة التي تناسبنا أو لون غطاء الجوال الخاص بنا. يحتاج الأمر إلى ثوان قليلة ثم يظهر الجواب لدينا مرفقاً بدعوة لنشارك النتيجة مع الأصدقاء. نتحمّس لنعرض أمامهم تفاصيل مميّزة عن شخصيتنا يؤكد عليها طرف ثالث، ليس نحن أو الأصدقاء، بل جهة يُفترض أنها "محايدة"، وفي ذلك يكتسب التباهي صدقيةً مضاعفة.
لكنْ للقصة وجه آخر...
بديهي هو الشعور بالفضول لامتلاك أجوبة عن الأسئلة التي تدور في ذهننا، أو تلك التي غابت عنا. لكن الخبراء يؤكدون أن أجوبة فيسبوك خاطئة، مثلها مثل أجوبة العرافين التقليديين. كثيرون منا سمعوا مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا"، ومع ذلك يصرون على طرق باب "قارئة الفنجان" في صفحة فيسبوك الزرقاء. لماذا؟ الجواب في "تأثير فورير. في العام 1984، قام الاختصاصي النفسي برترام فورير باختبار على طلابه: طرح عليهم مجموعة من الأسئلة، لكنه لم يسجل أياً منها أو يهتم بالإجابات. جلّ ما فعله هو تسجيل العبارات نفسها للجميع وفيها "أنت شخص تحتاج إلى محبة الآخرين وتقديرهم. تبدو منضبطاً ومسيطراً على نفسك من الخارج، بينما تشعر بالقلق وعدم الأمان في داخلك… أنت تشعر بالفخر وتعتبر نفسك استقلالياً في تفكيرك…". معظم الطلاب أقروا بأن ما قاله فورير عنهم صحيح، وتراوحت تقديرات صدقيته لديهم بين 4.6 و5 على 5. يعترف فورير أنه نقل الكلام من أحد الأبراج المنشورة في صحيفة محلية، مع ذلك صدّق التلاميذ. ويخلص الاختصاصي النفسي في النهاية إلى أن غالبية الناس يميلون إلى تصديق العبارات العامة التي تتحدث بشكل إيجابي، ويعتبرون أنها تعنيهم بشكل شخصي.قد تكون اختبارات فيسبوك مسلية، لكنها تعرض خصوصيتكم للخطر
"ما هو معدّل ذكائك؟"، "ما الكلمة التي تستخدمها أكثر من غيرها؟"، "كيف ستموت؟"… اختبارات مغرية تستخدمها الشركات لسرقة معلوماتنايتحدث فورير هنا عن التفكير الرغبي Wishful thinking، إذ يشعر الناس أنهم غير متأكدين من حقيقتهم أو يريدون التعلم من تجاربهم، ويحدوهم الأمل لتصديق العبارات الجيّدة عساها تتحقق. واختبارات فيسبوك ليست سوى امتداد لقراءة الطالع بأساليب مختلفة منذ العصور الوسطى، عندما كانوا يمزقون أحشاء الحيوانات ويحاولون قراءة الرموز التي ترسمها الدماء، وصولاً إلى سماع الضحك الهستيري، أو تفسير مواء القطط، أو قراءة الورق والفنجان، أو مراقبة الفلك. جعل فيسبوك الأمر أكثر سهولة ويسراً، "بكبسة واحدة" و”مجاناً"، فيما كان يدفع البعض أموالاً طائلة لقراءة طالعهم.