اصطدم المرشحان للرئاسة الأميركية مساء الاثنين في مناظرة حامية هي الأولى من ثلاث مناظرات سوف تقام لحين إجراء الانتخابات العامة في الولايات المتحدة في التاسع من نوفمبر المقبل. تحدث كل من هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري عن مواضيع تشمل الاقتصاد، ومشاكل العرق والأمن، والإرهاب الدولي. بدا واضحاً أن لكل من المرشحين رؤية مختلفة للولايات المتحدة عن الآخر. ففي حين قال ترامب إن حلوله للمشاكل الاقتصادية تكمن في استعادة الشركات التي تهرب من أمريكا عن طريق تخفيض الضرائب عليها إلى 15%، ردت هيلاري بأن آخر ما تظنه حلاً هو أن نعطي الأغنياء المزيد من المزايا. وأضافت أن رؤيتها تتمثل في الاستثمار بالطبقة المتوسطة، وتخفيض الديون عن طلاب الجامعات، وبناء الطاقة المستدامة النظيفة.
وحين انتقل المرشحان للحديث عن الأمن ألقى ترامب باللوم على إدارة أوباما لأن داعش تستعمل الإنترنت بحرفية لتشجع الإرهاب، وقال إن ضعف الحكومة الأمريكية في مواجهة داعش في الفضاء الافتراضي هو السبب في نجاح داعش في شن هجماتها. وردت كلينتون بالقول أنها قد وضعت خطة لضرب داعش ليس على الانترنت فقط ولكن على أرض الواقع أيضاً. وقالت إن خطتها في تكثيف القصف الجوي وشن هجمات على داعش في الرقة وغيرها بمساعدة حلفاء أمريكا من العرب والأكراد سيضع نهاية لداعش خلال عام واحد. وقالت إنها ستشترك في القضاء على البغدادي مثلما فعلت بالإسهام كوزيرة خارجية في القضاء على بن لادن.
وهنا تلقف ترامب الخيط وهاجم إدارة أوباما وقال إن سياسته في العراق هي التي أدت إلى نشوء داعش. وأضاف إن سحب القوات الأمريكية من العراق خلق فراغاً أدّى إلى نشوء داعش التي أصبحت الآن مشكلة كبيرة تتجاوز حدود الشرق الأوسط. وقال بحسرة إن الولايات المتحدة تركت العراق ولم تأخذ حتى النفط الذي كان يجب أن تأخذه بدلاً من أن تتركه لداعش.
وردت كلينتون قائلة إن اتفاقية سحب القوات الأمريكية من العراق تم إبرامها في أواخر عهد الرئيس جورج بوش وليس في زمن إدارة أوباما. وقالت إن اللوم في هذا الأمر يقع على رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي رفض إعطاء حصانة للقوات الأمريكية مما أفشل الاتفاق. وأضافت أن السبيل لمواجهة داعش يكمن في تكثيف التعاون الاستخباراتي مع حلفاء أمريكا الأوروبيين، والدول العربية والمجتمعات المسلمة في أمريكا.
وعاد ترامب للهجوم مرة أخرى على سجل هيلاري حين كانت وزيرة للخارجية وقال إن سياستها في الشرق الأوسط هي السبب في ما آل إليه الوضع في ليبيا واليمن وسوريا من فوضى ودمار. وقال إن النظام الإيراني كان يختنق من العقوبات إلى أن جاءت الاتفاقية النووية لتعيد إليه الحياة مرة أخرى وتجعله في موقع من يهدد الأمن الاقليمي والدولي مستقبلاً لأنه قد يكون قادراً على إنتاج سلاح نووي. وهنا ردت كلينتون بقولها إن ترامب ينتقد بدون إعطاء بدائل، فهل كان يريد أن نذهب إلى الحرب ونقصف إيران مثلاً؟ ولم يجب ترامب على هذا بل قال في محاولة لدغدغة مشاعر الناخبين الأمريكيين اليهود إن نتنياهو لا يؤيد الاتفاق النووي.
مواقف هيلاري كلينتون ودونالد ترامب فيما يخص الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب
وحذرت كلينتون بلهجة الواثق من النفس ترامب من التفوه بما لا تحمد عقباه وما يرسم صورة سيئة عن الولايات المتحدة، قائلة لترامب إن العالم كله يتابع انتخابات الرئاسة الأمريكية ولا يجوز أن تعطي هذه الصورة السلبية عن علاقاتنا بالعالم الخارجي.
وفي نهاية المناظرة، طالبت كلينتون الناخبين الأميركيين بالتوجه للتصويت بكثافة يوم الإنتخابات لأن هذا سيحدد مستقبلهم وشكل أمريكا المستقبلية، فيما جدد ترامب تعهده أن يجعل أمريكا قوية مرة أخرى.
بدا ترامب في هذه المناظرة عصبياً وهجومياً أغلب الوقت. فقد قاطع كلينتون عدة مرات وهي تتحدث ضمن الوقت المتاح لها، وكان ردها على هذه الإستفزازات المتوقعة تجاهلاً رئاسياً مترفعاً عن الرد بالأسلوب نفسه. ولكن كلينتون لم تتردد في كيل الضربات إليه متهمة إياه بالتحدث عن النساء بألفاظ مهينة، كما تحدته أن ينشر سجله الضريبي علناً، قائلة إنه لو لم يكن عنده ما يخفيه لما امتنع عن فعل هذا. ورد هو بأنه إن كان لم يدفع ضرائب كما تقول كلينتون، فهذا بسبب ذكائه. كما أن رده على ما ذكرته كلينتون من أنه كان سعيداً أثناء الأزمة العقارية في أمريكا لأنه سيشتري عقارات بأثمان بخسة، بقوله: هذا ما يسمى إدارة الأعمال، فعزز صورته كرجل أعمال جشع. لقد بدت هيلاري هادئة وواثقة بنفسها، ومستعدة لإتهامات ترامب الذي قدم أداء لا يختلف كثيراً عن كل ما فعله في السابق ويتلخص في النقد وتلخيص المشاكل دونما حلول واضحة أو مقنعة.
تفاوتت استطلاعات الرأي في تحديد من الفائز في المناظرة. فبينما قالت كل من "سي أن أن" و"نيويورك تايمز" إن كلينتون قد فازت بهذه المناظرة، أظهرت استطلاعات أخرى في مجلة "تايم" مثلاً فوز ترامب بفارق واضح بلغ 60% إلى 40% لمصلحة هيلاري. عموماً، لا تزال أمامنا مناظرتان يحاول فيهما المرشحان اجتذاب أكبر عدد من الناخبين المترددين لنعرف حينها من هو الأوفر حظاً في دخول البيت الأبيض في يناير المقبل. وإن كان هناك من خلاصة نستنتجها من هذه المناظرة فهي أن الطريق لا يزال صعباً وغير واضح المعالم، وأن هذا السباق لن يكون سهل الحسم لأي من الطرفين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...