شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
الشباب العرب وحكايات عشق الشوارب

الشباب العرب وحكايات عشق الشوارب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 سبتمبر 201610:04 ص

ارتبطت الصورة الذهنية للرجولة في المخيلة العربية، بتربية الشارب وتهذيبه. وارتبطت معاني الصدق والوعد والثقة بالشارب، ففي صعيد مصر، والريف، يعتبر الرجل ذو الشارب الطويل صاحب هيبة ووقار وكلمة مسموعة وسط مجتمعه. ويقال "شنبه يقف عليه الصقر"، دليل على قوته ورجولته. اهتم مشاهير كثُر بإطلاق شواربهم في فترات سابقة، إلى أن انحسرت تلك العادة فترة، وعادت إلى مجتمعاتنا العربية بفضل غزو المسلسلات التركية. لماذا يهتم الشباب اليوم، قبل الكبار، بإطلاق الشارب؟ وما هي أغرب قصص الشوارب العربية؟

الحب يصنع الشوارب

علاء درويش (22 عاماً)، يعمل في مجال تكنولوجيا الكمبيوتر، يقول إنه يعتز كثيراً بشاربه. فهو أطلقه من أجل حبيبته، المهووسة بالمسلسلات التركية، وغير المقتنعة به دون الشارب. وعن إمكانية تخليه عنه في يوم من الأيام، أكد علاء أنه يمكنه فعل ذلك إذا طلبت حبيبته ذلك.

محمد محمود (58 عاماً)، وهو فلاح مصري، يقول إن علاقة حب نشأت بينه وبين شاربه منذ مراهقته، جعلته لا يقدم مطلقاً على حلقه، حتى أصبح علامة تميزه، وبات أهل قريته الصغيرة يلقبونه بـ"أبو شنب". العلاقة بين الرجل وشاربه قد تتحول لعلاقة عميقة، تجعل الشارب أهم من أي شيء، وتدفع الأبناء إلى التعبير عن حبهم لوالدهم عبر إهدائهم وسائل تجميل للمحافظة على الشارب. فيقول بشار عصام الجالودي (45 عاماً)، وهو فلسطيني، إن شاربه أهم بالنسبة إليه من زوجته، وهي تعرف ذلك جيداً، وتتفهم مدى حبه لشاربه. ويشير إلى أن "الشنب" أصبح لقبه لشدة اهتمامه به، ليصبح اسمه بشار الشنب أو أبو شناب. ويضيف أن أبناءه يدخرون من مصروفهم الخاص ليشتروا وسائل تحافظ على شنبه.

موضة

إسلام محمد (20 عاماً)، طالب مصري في كلية التجارة، يؤكد أن إطلاقه لشاربه يأتي في إطار مواكبة الجديد، وأنه لا يمانع التخلي عنه إذا ظهرت موضة جديدة. كما يشير عامر أبو حمرة (22 عاماً)، إلى أن إطلاقه لشاربه يأتي تقليداً لأبناء عمومته، وتشبهاً بهم، وهم الذين شجعوه على تربيته. بالإضافة إلى كونه موضة ومجاراة لأقرانه في الجامعة. ويؤكد أنه ينفق الكثير من ماله للحفاظ على شكل شاربه ليصبح جذاباً.

إرث عائلي

هل يخطر في بالكم أن هناك عائلات تعتبر إطلاق الشارب إرثاً عائلياً يتوارثونه أباً عن جد؟ هم ذكور عائلة «بك الحسن»، من بلدة بتوراتيج في طرابلس اللبنانية. ورثوا عادة تربية الشارب عن أسلافهم تماماً، كما ورثوا عن جدهم لقب الباكوية، الذي اكتسبه منذ أكثر من مئة سنة إبان الحكم العثماني.

ويقول طارق بك الحسن، الشرطي في بلدية طرابلس، والملقب "أبو شوارب"، إنه ينحدر من عائلة "بشوات" تقلدوا مناصب عليا في الدولة العثمانية، واهتموا جميعاً بتربية شواربهم، كما اقتضاه الحال في العصر العثماني. وعن إمكانية حلق شاربه، قال: "هذا شيء من المستحيلات بالنسبة لي". وهو أورث ابنه البكر زياد (26 عاماً) تقليد العائلة بتربية الشنب المفتول.

أصحاب الشوارب الغريبة والمميزة

الحاج فتحي محمود، أو "فتحي شنب"، كما كان يحب أن يطلق عليه، أسس رابطة اسماها "أصحاب الشوارب المميزة" قبل 37 عاماً، ووصل عدد أفرادها إلى 151 شخصاً، جميعهم أصحاب شوارب مميزة، قد يراها البعض غريبة. وكان يقيم سنوياً عيد ميلاد لشنبه، البالغ 96 سم، ودخل به في مسابقات عدة، حصل من خلالها على عدة ألقاب، منها "أطول شارب في العالم" و"أغرب شارب في العالم"، و"أطرف شارب في العالم"، و"ملك الشوارب"، و"إمبراطور الشوارب"، و"لورد الشوارب". بعد وفاة فتحي شنب، مؤسس رابطة الشوارب المصرية عام 2014، انتقلت رئاسة الرابطة لحسن الهلالي، وهو ممثل قدم عدداً من أدوار الشر والكوميديا والإعلان. وساعده في ذلك شنبه الذي يشبه حرف اللام"، الذي يعتبر أداة جذب للجمهور. يقول الهلالي لرصيف22، إنه تأثر كثيراً بفتحي شنب مؤسس رابطة "أصحاب الشوارب المميزة" منذ صغره، عندما كان يشاهده في التليفزيون، وهو الذي نصحه بتربية شنبه بهذا الشكل. ويضيف أنه استغل شنبه في إيجاد فرص عمل في التمثيل، فكانت بداية استغلاله له مع الفنان محمد هنيدي في فيلم همام في أمستردام. ويقول عن شنبه: "أكل عيشي..، الناس عرفوني بشنبي".

ويروي الهلالي أنه ذهب ليخطب فتاة، فطلبت منه أن يحلق شنبه لتوافق، لكنه رفض رفضاً قاطعاً، ومذاك لم يتزوج حتى الآن. وعن مستقبل "رابطة الشوارب المميزة" تحت رئاسته قال الهلالي، إنه سيعيد أمجاد الرابطة من جديد وسيعمل على إطلاق دعاية مناسبة لأصحاب الشوارب المميزة.

زراعة الشارب

انتشار زراعة الشارب يؤكد أهميته للكثيرين اليوم، خصوصاً لدى الشباب المحرومين من وجود شعر شارب، فيتهافتون على زراعة الشوارب في تركيا، التي تحتوي على أهم المراكز المتخصصة عالمياً في هذا الشأن. وأكدت عاملة في مركز تركيانا، أحد المراكز التركية الموجهة لاستقطاب الشباب العربي والمخصصة للقيام بمثل هذا النوع من العمليات، أن نسبة كبيرة من الشباب العربي يقبل على هذه العمليات. وقالت: "هي في النهاية عملية تجميلية، تتم بالتشاور بين الطبيب والمريض للحصول على الشكل الذي يريده المريض. وأشارت إلى أن شعر الشارب "يبدأ بالظهور بعد 3 أشهر من إجرائ العملية وزرع البوصيلات". أما عن الكلفة، فتتحدد بناءً على حالة البوصيلات المقطوفة من البشرة، فكل حالة تختلف عن الأخرى.

هل للدين يد في الأمر؟

قال الشيخ محمد رمضان أبو زيد، عضو المجلس العربي الدولي لعلماء المسلمين لرصيف22: "أهل العلم اختلفوا في السنة المستحبة في الشارب، على قولين، الأول أن السنة هي الحلق بالكلية، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، واستدلوا بظاهر الألفاظ النبوية الواردة في هذا الباب، ومنها أَحْفُوا الشَّوَارِبَ (البخاري)، أما القول الثاني، فإن السنة قص الشارب، وحلقه مكروه، وهو مذهب المالكية والشافعية. إذ شدَّد الإمام مالك رحمه الله على ذلك، واستدلوا بحديث أَبي هُرَيرة: قالت سَمعتُ النبِي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: الفِطْرة خمْس: الختان، والاستحداد، وقصّ الشارِب، وتقليم الأظفارِ، ونتْف الآباط، (رواه البخاري)". ولفت أبو زيد، إلى أن الشوارب كانت موجودة قبل عهد الرسول، وأمر الرسول بحلاقتها، لأنها من سنن الفطرة فضلاً عن زيادة نظافة الإنسان. ويذكر علي خليل، الباحث والكاتب الصحافي، أنه بالرغم من حديث قص الشارب المتفق عليه، "قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين"، إلا أن معظم صور الفلاسفة الإسلاميين جاءت بلحية مع شارب مهذب. كذلك أيقونات المسيح.

الشوارب عبر العصور

وعن تاريخ الشوارب عالمياً، يؤكد خليل وجود شواهد تعتبر تأريخاً لها، وكانت هناك جولات بين اللحي والشارب في السيطرة على الموضة. كما كان هناك من ينظر لإطالة اللحية والشارب على أنهما علامة من علامات الرجولة والبطولة. كان للشارب في إنجلترا مكانة خاصة كعلامة مميزة في الموضة، فكان لفرسان إنجلترا في العصور الوسطى دروٌع مخصصٌة لتتناسب مع شواربهم. ويلفت خليل إلى أنه في أواخر القرن السابع عشر تراجعت موضة اللحى بشكل كبير في أوروبا، وفي روسيا كذلك، إذ فرض القيصر ضريبة على إطالة اللحية، لينعكس ذلك التراجع إيجاباً على الشوارب. وبحلول القرن الثامن عشر انتشرت الشوارب اللامعة والمفتولة والمشذبة بعناية فائقة، لتتصل مع السوالف، ويصبح الشارُب، بلا منازع، رمز الرجل العصري. بعد انتهاء حرب القرم عام 1856، عاد الجنود بلحى كثيفة للغاية غطت وجوههم، وصارت اللحية رمزاً للبطولة والرجولة. فعاد الرجال البريطانيون إلى إطالة لحاهم، وكادت الشوارب في تلك الفترة أن تختفي. ويختم خليل أنه مع حلول القرن التاسع عشر، خرجت اللحى من سباق الموضة بعد اكتشاف البكتريا ونشر العديد من التقارير الصحفية، التي ربطت الجراثيم باللحى، وبالتالي ُسّنت قوانين جديدٌة في أوروبا وأمريكا الشمالية تمنع الرجال الملتحين من العمل في مجالات الأطعمة. إطلالة الشوارب ليست لمسايرة الموضة فقط، ففي عام 2003 أنشأ 3 رجال أستراليين منظمة لرعاية وإطالة الشوارب والتوعية بصحة الرجال، باسم "موفمبر"، يطرح فيها مواضيع تهتم بالحفاظ على صحة الرجال والتوعية بالمشاكل الصحية المتعلقة بهم، على رأسها سرطان البروستات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image