يقف خلف سرقة الأعمال الفنية من متاحفها وانتشالها من صالات عرضها، شغف بعض الأفراد بتلك القطع الفنية، وهوس باقتنائها، حتى لو كانت موضبة بكل حنان في القبو أو في العلية، أو في صالة خاصة لا يدخلها أي كان. ففي اللحظة التي تتم فيها سرقة صنيع فني ما، ترتفع قيمته الثقافية والفنية والمادية طبعاً، ويدخل دوامة هوس المتاحف والمؤسسات الفنية، باسترجاعه، وهلم جراًر إلى أن يجري اكتشافه صدفةً، بعد مرور الأعوام في بقعةٍ ما من الأرض، ليولد مجدداً في عالم المزادات العلنية.
هذا بالذات ما تستحقه باقة من الأعمال الفنية البديعة والجريئة والحية المعروضة حتى 18 سبتمبر، في بيروت آرت فير. فعلاً تستحق أن تعامل كقطعة فنية تنتمي إلى حركة رسمت التاريخ الفني أمثال مونيه وبيكاسو، بريشةٍ لبنانية وﺷرق أوﺳطية وﺷﻣﺎﻝ إﻓرﻳﻘية وﺟﻧوب آﺳﻳوية.
يقدّم معرض بيروت آرت فير، في دورته السابعة، أكثر من 1500 عمل فني، ونحو 30 صالة عرض من بلدان مختلفة من حول العالم، في بلدٍ يحتل أكثر من أي وقتٍ مضى مركزاً فريداً من نوعه على الساحة الفنية المعاصرة، مع نهضة افتتاح المتاحف والصالات الفنية التي يعيشها منذ فترةٍ. برنامجٌ خاصٌ واستثنائي يتوج هذه الدورة من المعرض الأكبر من نوعه في لبنان، وأسماء لامعة من الساحة الفنية المعاصرة، ومواهب جديدة قد تم اكتشافها لإضفاء شيء من الأمل على الأجواء الفنية الحساسة في ظل الفترة المعقدة التي تعيشها المنطقة.
يجري هذا العام تكريم الفنانات اللبنانيات، من حقبة الفن الحديث، من خلال تسليط الضوء على الطاقة الخلاقة التي تملكها المرأة الفنانة، والتي لطالما كانت غير ظاهرة للعيان في وجودها الاجتماعي. أسماء منها ماري حداد، هيلين الخال، إيتيل عدنان، هوغيت كالان، سيتا مانوكيان، سيسي سرسق، بلانش لوهايك أمون.
الخيار كان صعباً في انتقاء بضعة أعمال فنية مميزة، كي لا تمروا أمامها مرور الكرام في ذلك المعرض العملاق، وتنظموا ساعتكم السريعة التي ستمضونها تحت سقف البيال في بيروت، بطريقة عملية وذكية تزودكم بوقتٍ كافٍ لتقفوا أمام عدد معين من الأعمال، وتتأملوا في الحياة الموازية لفنان ومجتمع وحقبة.
[caption id="attachment_74762" align="alignnone" width="700"]
Dance of Salomé للفنان Alexandr Nekrashevich - غاليري A&V art[/caption]
فنان من بيلاروسيا يعالج التفاصيل في لوحاته، وكأنه يبني فيلتراً غير مرئي بين المشاهد واللوحة، ليبدو الواقع بصيغة أقل صلابةً، حيث التاريخ لا يحدد بقرنٍ وعامٍ ولحظة.
[caption id="attachment_74759" align="alignnone" width="700"] Reflet VR للفنان Jang Kwang Bum- غاليري Francoise Livinec[/caption]
تقنية فنية مميزة تموّج اللون الواحد لترسم منظراً طبيعياً متكاملاً بحد ذاته، كتحدٍ وعنادٍ فنيين يعتبران أن الفن هو أداء أولاً ومن ثم يأتي الملموس.
[caption id="attachment_74763" align="alignnone" width="700"] Baalbek للفنان Paul Gaussian - غاليري Mark Hachem[/caption]
عندما يتخيل أن للحجر قلباً حياً، فيضخ في عروقه دماً ملوناً يتغير مع كل نبضة، ليبرهن أن الآثار هي كائنٌ ثقافي حساس وليس مجرد كتلة حجر ورمال ماء.
[caption id="attachment_74775" align="alignnone" width="1024"] Unlight/Sunlight series للفنانة Evangelia Kranioti - إيلي صعب[/caption]
عمل الفنانة اليونانية إيفانجيليا يحث على إقامة حوار بين صورة المرأة، وهندسة ومناظر المدينة، في حين تتلاعب هي بمفاهيم الماضي والحاضر، النور والظلمة، الوجود والغياب.
[caption id="attachment_74773" align="alignnone" width="700"] Untitled للفنان Waseem Ahmed- غاليري Gowen Contemporary[/caption]
يلقب ذلك الفنان الباكستاني بأستاذ الـminiature، أسلوب رسم تقليدي يعود للحقبة الموغلة ويعتبر الموروث الثقافي لبكستان، التي يجسدها هنا في 3 لوحات تعالج القضايا الاجتماعية والسياسية التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم، والتي يشهد عليها الفنان في حياته اليومية.
[caption id="attachment_74779" align="alignnone" width="700"] مجموعة الفنانة ماري حداد[/caption]
يسمونها رسامة البدو، كونها كانت معروفة برسم بورتريهات لبدو ومزارعين لبنانيين، عرضت لوحاتها كأول فنانة لبنانية، والوحيدة من جيلها في الـGrand Palais في باريس في الثلاثينات من القرن الماضي. وما لفت الجمهور الكبير هو ملامح أفراد ونساء قوية وحقيقية، كما لم يرها أحد سابقاً من تلك البقعة من العالم التي تسمى الشرق الأوسط.
[caption id="attachment_74766" align="alignnone" width="700"] مجموعة الفنانة سيسي سرسق[/caption]
عدا أنها رسامة بروتريهات، رسمت سيسي سرسق مجتمعها اللبناني بعينٍ مجردة وشفافة. فبدا العري في لوحاتها كصورة فوتوغرافية بالأسود والأبيض، وجسدت تابوهات عصرها في أعمالٍ بريئة بجرأتها.
[caption id="attachment_74767" align="alignnone" width="700"] مجموعة الفنانة هوغيت كالان[/caption]
هوغيت كالان: "لأصبح فنانة كان أمراً عصياً في لبنان. الصعوبة الكبيرة في أن أحقق ذاتي كفنانة في لبنان، عندما عرفوا أنني ابنة والدي، وامرأة زوجي وشقيقة أخي ووالدة أولادي، كان كل شيء من المستحيل التعامل معه".
[caption id="attachment_74768" align="alignnone" width="700"] مجموعة إيتيل عدنان[/caption]
نقيبة الأدب في الشرق الأوسط، صوت اللغات وسفيرة الثقافات، عرافة الأمة المقاومة، هكذا يصفها الإعلام. بالفعل هي شاعرة تستخدم الألوان لتكتب شعرها على الجبال والتلال والشمس والبحار، ببراءة الطفولة التي هي وحدها تعرف ابتكار الفن. هذه هي إيتيل عدنان المقيمة بين باريس وبيروت وسان فرانسيسكو.
[caption id="attachment_74769" align="alignnone" width="700"] Untitled للفنان Noel Morera- غاليري South Border[/caption]
بالنسبة إلى الفنان الكوبي الأصل، فإن الفن هو الجسر الحقيقي الوحيد بين الأشخاص، واللغة الوحيدة التي تنقل الواقع كما هو. لوحته الميكس ميديا، في عرض فني سمعي صارخ، تسمع صداه في داخلك.
[caption id="attachment_74777" align="alignnone" width="700"] Chronicles للفنانة Diana Mehrez - غاليري Espace Jacques Ouaiss[/caption]
عالمها هو الهندسة وشغفها التصوير الفوتوغرافي، ما يترجم في صورها الفنية بنظرة أكثر هندسية للطبيعة وتعامل تبسيطي Minimalist مع البنى الهندسية. وبين مهندس الطبيعة ومهندس المدينة، لغة تواصلية، فنّها.
[caption id="attachment_74764" align="alignnone" width="700"] Burning Sun series للفنان Christian Carle Catafago - غاليري LA art[/caption]
أشجار الأرز والزيتون تلمع كالذهب، كما يراها الفنان من خلال رؤى تركت العالم خلفها، لتنضم إلى جاذبية الخيال، فالتوازن يختلف بين الواقع والمخيلة، بين الجحيم الذي يعني الانحلال اليومي للجنة، والجنة.
[caption id="attachment_74776" align="alignnone" width="700"] Reliefs للفنان Fadi Yazigi - غاليري TANIT[/caption]
"ما أفعله حقيقي. لا شيء تزييني فيه. لديك ما تقوله في عقلك وشعور عميق للمادة - لأنه، لإطعام طفل، عندما لا يملكون حتى ذلك النوع من الخبز، يكون الأمر صعباً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون