بلباسهم الأبيض يفترشون مطارات العالم. هم حجاج بيت الله الحرام، يأتون من كل حدب وصوب من أجل أداء فريضة الحج التي ينتظرونها ويهيئون لها كل عام. 1.9 مليون كان عدد الحجاج عام 2015، وتتوقع المصادر الرسمية السعودية أن تفوق الأعداد هذا الرقم عام 2016. يتوجهون إلى مكة المكرمة وفي قلوبهم رجاء وإيمان، وفي بلادهم عائلة أو أصدقاء ينتظرون عودتهم بفارغ الصبر. ولكن هل العودة مضمونة في ظل الحوادث التي تشهدها مناسك الحج كل عام؟
2297 هو عدد قتلى حادثة منى في سبتمبر من العام الماضي، بحسب إحصائيات حكومات أجنبية، أحصت عدد قتلاها إثر تدافع الحجاج، إضافة إلى أكثر من 700 جريح. ويعد ذلك أعنف حادث يقع في الحج منذ تدافع 1990، الذي أدى إلى مقتل 1426 شخصاً. ولم تنشر بعد النتائج الرسمية حول أسباب وخلفيات تلك الحادثة، علماً أن مصادر حكومية أشارت إلى أن الحجاج لم يلتزموا بقواعد منع التدافع، ما أدى إلى تلك الكارثة.
حادث منى ليس الوحيد، هنالك حوادث أخرى أدت إلى سقوط ضحايا لأسباب مختلفة والنتيجة واحدة: أشخاص يموتون خلال سياحة دينية. وبالرغم من الإجراءات التي تتخذها السعودية، تظل أعداد الحجاج المتزايدة عاماً بعد عام، والعوامل الطبيعية كدرجات الحرارة المرتفعة، تخرق النظام وتؤدي إلى الموت. دور الحجاج أصبح أساسياً في حماية أنفسهم لتجنب التعرض للدهس والعودة إلى الوطن سالمين، لكن كيف؟
هل فقدان روح الجماعة هو السبب؟
تتخذ السعودية الكثير من الإجراءات الوقائية لحماية الحجاج، والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، آخرها إعلانها زيادة أعداد رجال الأمن لضمان أمن موسم الحج العام الحالي، بعد أن كانوا 100 ألف العام الماضي. بينهم أعضاء وحدة خاصة مدربة على مكافحة الإرهاب، ورجال مرور، وأفراد قوات الدفاع المدني. وتم أيضاً هذا العام تزويد منطقة الحرم المكي وبقية المناطق التي يزورها الحجاج بألف كاميرا مراقبة جديدة، متصلة مباشرة بغرفة العمليات المركزية، للمراقبة الأمنية والتدخل عند أي طارئ. وستبدأ المملكة أيضاً باعتماد السوار الإلكتروني لتتمكن من تتبع حركة الحشود، والحصول على إنذار مبكر ببدء التكدس. إضافة إلى ذلك، تم تدريب 20 ألف فرد من الدفاع المدني وتزويدهم بأكثر من 4000 عجلة مزودة بأحدث المعدات، وتم نشرهم في نقاط استراتيجية لمواجهة أي أوضاع طارئة. كل هذه الإجراءات من شأنها ضمان أمن وحماية الحجاج، وتأمين عودتهم إلى ديارهم سالمين. يبقى السؤال الأساسي: هل كل تلك التدابير، رغم صرامتها قادرة على السيطرة على الحجاج لمنع حالات التدافع التي تؤدي إلى الموت؟هذه الإرشادات ستزيد من حظوظ عودتكم سالمين من الحج... لا تترددوا في اتباعها
8 إرشادات ضرورية للحفاظ على سلامتك، وعدم تعرضك إلى الدهس أو أي مكروه آخر خلال رحلة الحجمن المعلوم أن المجموعات القادمة إلى الحج تحصل على كافة المعلومات التي لها علاقة بسلامة الغذاء، لتفادي التسمم والإرشادات المتعلقة بالحفاظ على النظافة الشخصية والعامة، والإرشادات الصحية للوقاية من الإنهاك الحراري وضربات الشمس التي من شأنها أن تتسبب كلها بمشاكل جسدية ونفسية، تؤثر سلباً على الشخص والمجموعة. فالمسؤولية إذاً لا تقع فقط على الدولة المنظمة، بل على الحجاج أيضاً الذين يأتون بحماسة شديدة، تنسيهم أحياناً ضرورة الالتزام بالنظام العام، لتجنب وقوع حوادث مميتة. ولعل فقدان روح الجماعة والتركيز على أسبقية التوجه إلى جسر الجمرات لرمي جمرة العقبة، سبب رئيسي خلف تكاثر أعداد الحجاج وفقدان السيطرة، ما يسبب التدافع والموت دهساً. اخترنا لك 8 إرشادات ضرورية لتتبعها للحفاظ على سلامتك، وعدم تعرضك إلى الدهس أو أي مكروه آخر خلال رحلة الحج:
1- اتبع الإرشادات الوقائية
سلامة الغذاء أمر أساسي، لأن في اختلاله مشكلة صحية تمنعك من أداء مراسم الحج بشكل صحيح. فذلك سيعرضك لمشاكل في التركيز وعدم جهوزية للتجول ومتابعة السير قدماً. انتبه إلى تاريخ الصلاحية عند شرائك الأطعمة والمشروبات المعلبة، وتجنب تخزين الطعام المطهو في الباصات وأثناء التنقل بين المشاعر لفترات طويلة. إذ يعد ذلك أحد العوامل الرئيسة المسببة للتسمم الغذائي أثناء الحج. وبذلك تكون بحالة صحية جيدة تساعدك على التنقل من دون الإصابة بحالات إغماء أو آلام لا تستطع السيطرة عليها.2- تذكر أنك لست على حلبة سباق
لا تستعجل بل حافظ على تركيزك صاحياً وانظر حولك جيداً. حاول تفادي أن تكون وسط أعداد مزدحمة من الناس، وامشِ ببطء فاسحاً المجال أمام الآخرين، كي لا تتعرض للدفع من قبلهم. حاول عدم الصراخ والتكلم بعصبية، فذلك سيزيد من الشحن خصوصاً في أوقات التعب. بل اختر استعمال لغة الإشارات فذلك أفضل للمحافظة على جو هادئ. لا داعي للعجلة فكلما كنت هادئاً استفدت أكثر من الوقت للصلاة والدعاء.3- حافظ على روح الجماعة
شكل مع عائلتك أو أصدقائك مجموعات صغيرة وسر ضمنها. لا تبتعد عنهم خلال الطواف، بل ابقوا جنباً إلى جنب لتجنب فقدانهم، فذلك سيضعك تحت ضغط يمكن أن يدخلك في وضعية تزاحم للوصول إلى مكانهم وذلك خطر عليك وعليهم.4- لا تطل الوقوف عند الحجر
قدسية المكان لا تنحصر عند مرمى الجمرات، لذلك تجنب إطالة الوقوف عند الحجر، لأن ذلك قد يؤدي إلى زحام شديد. تجنب المزاحمة لتقبيل الحجر الأسود، وافسح المجال أمام الآخرين كي لا تتعرض للتدافع.5- كن صبوراً
رمي المسؤولية على الآخرين والسير من دون حسيب ليسا في مصلتحك. فأنت معرض للدهس إن لم تلتزم بالإرشادات، لذا لا تستعجل، ولا تدفع أحداً لتمر أمامه كما يحصل في الإجمال! دعك من تلك الآفة، وتجنب أي خطر عليك أو على أي من أفراد عائلتك.6- لا تسقط الناس أرضاً
إن حصل واختل توازنك، حاول الابتعاد عن الجمع وخذ قسطاً من الراحة، من دون أن تسقط الناس أرضاً، فذلك لن يساعدك في شيء بل على العكس سيتسبب لك ولهم بالاختناق. إن حاول آخرون إجبارك على السقوط أرضاً حاول منعهم، وإن لم تتمكن من مساعدتهم على النهوض تابع سيرك. إذا وجدت نفسك مستلقياً على الأرض فإن فرص البقاء على قيد الحياة تنخفض بطبيعة الحال.7- سيطر على جسدك
حاول البقاء ثابتاً خلال المشي، وابقِ يديك مشدودتين نحو القسم الأعلى من جسمك كالملاكم، ما سيمنع الآخرين من دفعك. ولا تتردد بالهرب إن وصلت إلى حائط مسدود، وابقِ آفاقك مفتوحة كي لا يستطع أحد حشرك.8- حاول الهروب
إذا أخذ الناس من حولك بدفعك بطريقة خارجة عن سيطرتك، حاول المثابرة، فبعد موجة دفع تأتي دوماً موجة من الهدوء، الوقت المناسب لتحاول الهرب. قم بالتحرك بأسلوب قطري وغير مستقيم، محاولاً إيجاد مساحات فراغ بين الناس، لتمر عبرها. بذلك تكون قد ضمنت عودتك سالماً! وكل عيد أضحى وأنت بألف خير!رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...