"إن سألتم مجموعة خبراء سينمائيين عن أي بلد في العالم هو الأقل ملاءمة حالياً، لاحتضان فيلم رومانسي كوميدي مثير للضحك بغرابته، لن تخطر السعودية على بال أحد. لكن يبدو أن هذا التوقع في غير مكانه، مع إثبات فيلم "بركة يقابل بركة" أن ذلك ممكن". بهذه الفرضية افتتح موقع "مهرجان برلين السينمائي" صفحته التعريفية بالفيلم الذي كان على برنامج الـ"برليناليه" في فبراير الماضي، ويحمل توقيع المخرج محمود صباغ (1983).
[caption id="attachment_72485" align="alignnone" width="1024"] هشام فقيه بدور بركة[/caption]
بعد مشاركته في مهرجاني برلين وتورونتو السينمائيين، عاد "بركة يقابل بركة" إلى الضوء من جديد، بعدما اخترته "جمعية الثقافة والفنون السعودية" لتمثيل المملكة في جوائز الأوسكار للعام 2017 عن فئة أفضل فيلم أجنبي. وتدعو "أكاديمية العلوم والفنون" المنظّمة لحفلة الأوسكار الهيئات الرسمية لترشيح فيلم لتمثيلها في المسابقة، على أن ترشّح من بينها خمسة أفلام لاحقاً عند إعلان الترشيحات الرسمية. هذه ليست المرة الأولى التي ترشّح فيها السعودية فيلماً لتمثيلها في الأوسكار، إذ سبق ترشيح فيلم "وجدة" لهيفاء المنصور العام 2013، لكنّه لم يصل إلى مرحلة الترشيحات الرسمية.
https://youtu.be/kwuSdKQPF3U
جيل جديد
ومع إعلان ترشيح الفيلم، قال رئيس "جمعية الثقافة والفنون" سلطان البازعي في تصريحات صحافية إن "صباغ هو من الجيل الجديد الذي سيكون قريباً رائداً في تاريخ صناعة الأفلام في المملكة العربية السعودية. هذا الجيل الذي قدم أكثر من 70 فيلماً في مهرجان الفيلم السعودي الثالث في مارس الماضي، أظهر الكثير من الإبداع والتصميم على التعبير عن نفسه وثقافته من خلال السينما".السعودية ترشح فيلم "بركة يقابل بركة" لتمثيلها في الأوسكار... بانتظار الإعلان عن موعد عرضه في الصالات العربية
يحاول بطلا الفيلم بركة وبيبي ترتيب لقاء عاطفي في مدينة جدة، لكن كل الظروف تعاكسهما. فكيف سيخرجان حبهما إلى العلن؟[caption id="attachment_72484" align="alignnone" width="1024"] فاطمة البنوي بدور "بيبي" (بركة)[/caption] العمل من بطولة هشام فقيه بدور بركة، وفاطمة البنوي، بدور بيبي (مختصر بركة أيضاً). يعمل بركة موظّفاً في بلدية جدة، كما ينشط في مسرح للهواة، حيث يؤدّي دوراً نسائياً في مسرحية "هاملت". وبخلاف أصول بركة المتواضعة مادياً، تعيش بيبي حياة مرفّهة في كنف عائلة غنية تبنّتها، لعدم قدرة الوالدين على الانجاب. تستخدم بيبي مواقع التواصل للتدوين، عبر نشر فيديوهات على إنستغرام للترويج لبوتيك ملابس تملكه والدتها. لكنها تعتمد تلك الفيديوهات أيضاً كوسيلة للتواصل، ولكسر المحظور. يقع بركة في حب بيبي، وتبادله هي مشاعره، لكنهما يجدان صعوبة في اللقاء. فكلما حاولا تدبير موعد، اعترضتهما عقبات لا تحصى، في مجتمع يحظّر الاختلاط بغير محارم.
سينما مستقلة
في ظل غياب صالات السينما في السعودية، وقلّة المساحة المعطاة للتصوير وإنتاج أعمال تعبر عن أفكار صنّاعها من دون محاذير، يعتبر إنتاج فيلم في المملكة مهمّة شجاعة جداً. ويعدّ محمود صبّاغ من المخرجين المستقلين الرواد في صناعة سينما سعودية مستقلة منذ العام 2013، من خلال الفيلم الوثائقي "مما جرى في بطحاء مكة؛ قصة حمزة شحاتة" الذي عرض على يوتيوب، ويسرد سيرة الأديب السعودي حمزة شحاتة (1910-1972). وفي العام 2014، أنجز سلسلة ويب دراما بعنوان "كاش" مؤلّفة من عشر حلقات. يسرد العمل حكاية بطل كرة قدم يدعى كاش، يصعد من فريق شباب الهنداوية، وهو حي شعبي شهير في مدينة جدة، إلى صفوف نادي الاتحاد. ومن خلال قصة صعوده يرصد العمل ملامح الحياة الاجتماعية والسياسية في المدينة، ويسلط الضوء على خبايا الكرة السعودية. https://vimeo.com/97354768تحطيم الأفكار المسبقة
عند الحديث عن السعودية، تستعاد العناوين ذاتها في كل مرّة: انهيار أسعار النفط، غياب الحياة السياسية، الإعدامات، الوصاية على المرأة، الثراء الفاحش، سلطة المطاوعة... خلال السنوات الماضية حاول فنانون سعوديون إخراج أنفسهم من تلك الدوامة، وتحطيم الأطر المتوقّعة مما يمكنهم كسعوديين تقديمه، من خلال أعمال قناة "تلفاز 11" الكوميدية، إلى جانب بعض الشخصيات والفنانين الناشطين على تويتر ويوتيوب مثل هشام فقيه وفهد البتيري. يندرج "بركة يقابل بركة" في هذا الإطار، من خلال تقديم مقاربة جريئة وجديدة لمواضيع الحب والرقابة وعلاقة الفرد بالمجتمع. https://youtu.be/PWPJgUiObLQ وسط مجتمعهما التقليدي، يبحث بطلا العمل عن مساحتهما الخاصة، كل على طريقته. بركة الموظف في البلدية يحلم بأن يصير ممثلاً. وبيبي تستخدم متجر والدتها لإنشاء مدونة ذات شعبية واسعة، وتكسر الحدود المحيطة بها، وإن من خلال عرض العباءات. يحاول الثنائي اللقاء، لكن ذلك يبدو مستحيلاً. هنا، تولد الكوميديا، حين يحاولان التحايل على الشرطة، وعلى الأهل، ومن خلالهم على المنظومة الاجتماعية بأكملها. [caption id="attachment_72492" align="alignnone" width="691"] ملصق الفيلم[/caption] تكتب كاميرون بايلي على صفحة العمل على موقع "مهرجان تورونتو": "يسخر محمود صباغ من الاتجاهات القمعية من خلال لقطات مموّهة لصور "محرّمة" مثل التاتو على أجساد النساء. وفي بعض المشاهد، يتذكّر بركة أيام كانت المقاهي ودور السينما في السعودية أمراً عادياً". هكذا، لا يعمل الفيلم على قصف المحرّمات بشكل مباشر، بل يلجأ إلى تحطيهما عبر الفكاهة، وعرض التناقضات في قالب ذكي. يعرض الفيلم في تورونتو بدءاً من 9 سبتمبر المقبل، ولم يعلن بعد عن موعد وصوله إلى الصالات العربية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...