شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
أيّها السياح الخليجيون: انفتحوا أكثر على الثقافات الأخرى

أيّها السياح الخليجيون: انفتحوا أكثر على الثقافات الأخرى

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأحد 28 أغسطس 201606:38 ص
لا تكاد أي عطلة رسمية تلوح في الأفق، إلا وتشهد حالة من الاستنفار العام في كثير من المنازل، تحديداً في المنازل الخليجية، بقصد الخروج بخطة سفر مناسبة لاستغلال هذه العطلة. وسواء كانت هذه العطلة هي العطلة الصيفية الممتدة إلى ثلاثة أشهر، أو عطلة الربيع، التي تمتد أسبوعاً واحداً، فستجد زحمة في المطارات، وصعوبة في إيجاد رحلة طيران مناسبة، ما لم تخطط لذلك قبل فترة طويلة نسبياً. وقد تكون وجهات السياح معروفة مسبقاً، وقد لا تجد الكثيرين ممن يخرجون عن المألوف اجتماعياً في سياحتهم. فقسم كبير من السياح يتوقون لتمضية أوقاتهم في البقاع الخضراء من الكرة الأرضية، أو في تلك التي تنتشر فيها الأشجار والأنهار. وقسم آخر يود الخروج إلى إحدى دول العالم الأول. في مطلع عام 2015، نشرت صحيفة Dailymail البريطانية، مقالة مفادها أن السياح السعوديين هم الأعلى إنفاقاً للأموال في سياحتهم، بمعدل 4500 دولار لكل سائح، وهذا ما يجعل مصاريفهم تقارب الـ14 بليون دولار سنوياً. كما تذكر أن السياح من دول الخليج العربي ينفقون 6 أضعاف ما ينفقه السائح الغربي. وعلى الرغم من ذلك، تداولت الصحف السعودية في أغسطس 2015، خبراً يفيد أن برلمان ولاية سالزبورغ الاتحادية النمساوية، وبناءً على اقتراح نواب مدينة زيلامسي، ألزم الحكومة المركزية في فيينا بتخفيض منح تأشيرات الدخول للسياح من المملكة العربية السعودية والكويت إلى نسب ثابتة سنوياً. وقد يكون هذا القرار مستهجناً بادئ الأمر، بل غير مفهوم، إذا ربطناه بالتقرير الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية، في أغسطس 2015، وخلاصته أن السائح الخليجي في النمسا يفوق غيره من السياح في معدل الإنفاق، مع أن السياح الآخرين يفوقون الخليجيين عدداً. كل هذا يدعونا للتساؤل عما يختلف فيه السياح الخليجيين عن غيرهم، وعما يجعل تلك الحكومات تتجه إلى خفض عدد أكثر السياح إنفاقاً، وتفضيلها عوامل أخرى على العامل الاقتصادي. وقد يمكن تلخيص جميع المسببات في الممارسات التي تعتقد المجتمعات النمساوية أنها خاطئة، أو أنها تشويه للمنظر العام، وغيرها من الأسباب، التي قد تبدو واهية بعض الشيء بداية الأمر. لكن، مع استذكار التصرفات التي نشهدها كسياح، ممن يقاسموننا الهوية والوطن، والتي قد تجعلنا نتحاشى مناطق يكثر فيها السياح الخليجيون، يمكننا استنتاج أن السائح الخليجي يقوم بالممارسات نفسها التي تكون مقبولة في وطنه وبيئته، وإن لم تكن كذلك في بلدان أخرى، كالشواء مثلاً في الحدائق العامة، أو اصطياد الحيوانات البرية التي تسكن تلك الحدائق، وغيرها من الممارسات. كل ذلك يجعلك تتساءل إذا ما كان أصحاب هذه التصرفات المستهجنة، سواء من دول الخليج أو غيرها، يمارسون سياحتهم، وكأنها “السفر بدافع الترفيه أو التطيّب أو الاكتشاف"، كما تعرّف منظمة السياحة العالمية، التابعة لهيئة الأمم المتحدة فعل السياحة. وحسب فهمي للمعادلة، فإن جميع هذه التصرفات المستهجنة عند مجتمعاتٍ تشير إلى أن أصحابها يمارسون عاداتهم اليومية، التي اعتادوها في أي مكان آخر لملء الفراغ والنقص اللذين يجدونهما في أيامهم العادية، بغير انفتاح على الحياة في الثقافات والمجتمعات الأخرى. وانطلاقاً من وجهة نظر كل شخص للجانب الذي ينقص حياته اليومية المثالية في بلاده، ستجد وجهته السياحية تتبين في معالمها. سواء كان ما ينقصه هو الطبيعة الغنّاء، أو الحياة المدنية الحديثة، أو الجانب الفني، أو غيرها من الأمور. تدل هذه الممارسات المستهجنة على فهم مختلف لمفهوم السياحة. يقوم أولئك السياح بممارسة حياتهم الاعتيادية في ظروف مختلفة، بدافع السياحة من دون اطلاع على قيم وقوانين الأراضي التي يزورونها. المطاعم التي يرتادونها، ستكون معهودة في بلادهم، إذ أن المطاعم الشرقية هي الأكثر رواجاً لدى السياح العرب في أوروبا وأمريكا وغيرهما. مع شح كبير في زيارة المطاعم التي تقدم المأكولات الشعبية لتلك البلدان. فضلاً عن ذكر الفنادق ذات النجمات الخمس، أو المحالّ التجارية الباهظة، أو الملاهي الليلية والبارات وسواها. ولا يبدو مستغرباً أن تستمع لأحدهم وهو يشكو بأن زيارته لعاصمة الفن الفرنسية باريس كانت مملة، أو روما أو فلورنسا الإيطاليتين، أو غيرها من المدن الغنية بثقافتها وتاريخها ومتاحفها. ولن تستغرب أن المتاحف الشهيرة تجد إقبالاً أكبر من متاحف أقل شهرة وأكثر ثراءً، بل قد تجد تبايناً بين متذوق للفن يقضي دقائق طويلة أمام عمل فني، وآخر يمر بها مرور الكرام، إذا لم يجد فيها ما يثير الضحك. كل هذا يعود برأيي إلى انغلاق الحوار بين السائح والمدينة التي يزورها. لذا، وقبل زيارتك لأي مدينة، احرصْ على قراءة شيء من تاريخها، واطلعْ أكثر على ما يميزها وعلى المعالم الأساسية فيها. اقرأ قوانينها، واعرف حقوقك وواجباتك. إذا زرت معلماً أو وقفت أمام لوحة، أو حضرت حفلاً موسيقياً، فكن على معرفة مسبقة بالقيمة التاريخية أو الفنية لما تشاهد. السياحة أولاً وآخراً فرصة للاستكشاف، والحوار مع الثقافات الأخرى وليست مجرد فرصة للهروب من المسؤوليات اليومية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image