شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"جرائم في محاريب الدين": انتشار التحرش الجنسي بين اليهود الحريديم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 أغسطس 201605:01 م
"هذا الأمر يحدث في المدارس الدينية العامة، وفي المدارس الدينية الخاصة بتجمعات الطائفة الواحدة، وفي أحواض الغطس، وفي حمامات المعابد، وفي ساحات وأفنية الحاخامات". هكذا وصفت القناة الثانية الإسرائيلية ظاهرة التحرش الجنسي داخل الأوساط الحريدية.

الحريديم في إسرائيل

الحريديم هي تسمية عامة لشريحة من الشعب تلتزم بتطبيق الطقوس الدينية والشريعة في أدق تفاصيل الحياة اليومية. وهم يعارضون أي تغيير يطرأ عليها، ويرون أن على الدولة أن تسير وفق الشريعة اليهودية، وليس وفق القوانين الوضعية. يتركز الحريديم في الكثير من المناطق، ويشكلون غالبية فيها، أهمها القدس، ومناطق بيت شيمش، مئا شعاريم، أسدود، بيت حلقيا، بيتار عيليت، بيني باراك، جفعات زئيف، حيفا، موديعين عيليت، بتاح تكفا، كريات جات، كريات يعاريم، وغيرها، بحسب دائرة الإحصاء الإسرائيلية. وأشارت القناة العاشرة الإسرائيلية إلى أن عدد الحريديم عام 2016، يراوح بين 950 ألفاً ومليون، يعيشون في مجتمعات منغلقة على نفسها. يمارسون الطقوس اليهودية بحذافيرها، فيحرصون على الفصل بين الإناث والذكور. وتطلق وسائل الإعلام الإسرائيلية على نساء الحريديم اسم "نساء طالبان"، نظراً لحرصهن الشديد على ارتداء النقاب والملابس السوداء الفضفاضة، كالتي ترتديها نساء حركة طالبان. تتميز الأسرة الحريدية بمعدل زيادتها الطبيعية عن أي أسرة يهودية أخرى. إذ يبلغ متوسط عدد الأطفال في كل أسرة بين 7 و9. لذا توقع مكتب الإحصاء الإسرائيلي، أنه عام 2059، سيكون عدد الحريديم نحو 40% من عدد السكان مقابل 10% عام 2011.

الحريديم من الداخل

يحوي هذا المجتمع العديد من القضايا الاجتماعية والحقوقية، التي تشكل عامل قلق للحكومة، نظراً لعدم قدرتها على سبر أغوار هذه الظواهر، نتيجة انغلاق المجتمع على ذاته، أو عدم اعترافه بقوانين كيانه السياسي. بالإضافة إلى الأعراف والتقاليد التي تحكم أعضاءه، ومن بين هذه الظواهر، ظاهرة التحرش الجنسي. فبحسب مذكرة قدمت للجنة الطفولة في الكنيست الإسرائيلي، مؤرخة في 20 يوليو 2016، فإن المجتمع الحريدي ينغلق على نفسه لأسباب تاريخية واجتماعية وأيديولوجية. أوامر الشريعة لها تأثير كبير على سلوك أعضاء هذا المجتمع، الذي يفضل معالجة قضايا التحرش الجنسي داخلياً، والتكتم عليها، خوفاً من الفضيحة، وعزوف الشباب عن الزواج بأبناء العائلة التي تحدث فيها مثل هذه الواقعة. وتشير المذكرة، التي أعدها مركز البحث والمعلومات بالكنيست، إلى أن بعض الحريديم بدأوا بكسر الصمت، وتقديم شكاوى لدى تعرض أبنائهم للتحرش الجنسي. فشهد عام 2014، تقديم 60 شكوى شهرياً، لحوادث تحرش جنسي داخل المجتمع الحريدي. عام 2015، أجرت صحيفة "يديعوت احرونوت" تحقيقاً حول ظاهرة التحرش الجنسي داخل المجتمع الحريدي. سألت نحو 27 حاخاماً لأحياء ومدن، وطلبت استشارتهم في حادثة وقوع فتاة ضحية للتحرش، وشكوى أم حول تعرض ابنها للتحرش. لكن الصحيفة فوجئت بأن معظم الحاخامات طالبوا بتسوية الأمر داخل الطائفة، خوفاً من هدم حياة "الجاني والضحية".

قصص من الواقع

في شهر مايو من العام الجاري، نشرت القناة الثانية الإسرائيلية فيلماً وثائقياً حول ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمع الحريدي، تضمن قصصاً واقعية رواها الضحايا. ومن بينهم المدعو "أ"، الذي حكى عن تعرضه لاعتداء جنسي، حين كان عمره 13 عاماً، ويدرس في مدرسة دينية وسط إسرائيل. قال: "كان ذلك في ساعات المساء، عندما انتهى الدرس في المدرسة الدينية، طلب مني "الافريخ"، وهو شاب يهودي متدين، يخصص جزءاً من وقته بعد الزواج لدراسة التوراة، وتعليم الأطفال ما يتعلمه من الحاخامات الكبار، أن أتبعه إلى المطبخ الصغير في الطابق الأرضي، وهناك بدأ بملاطفتي، وتلمس رقبتي، وأخبرني أنني تلميذ مجتهد، وأنه سيساعدني، وأنه علي أن أجتهد وأتعلم المزيد".
يطلق الإعلام الإسرائيلي على نساء الحريديم اسم "نساء طالبان"، لحرصهن على ارتداء النقاب والملابس السوداء الفضفاضة
عن ظاهرة التحرش الجنسي المنتشرة جداً داخل الأوساط الحريدية في إسرائيل
وأضاف أن المعلم راح يبقى معه لساعة متأخرة كي يعلمه الجمارا، وهي شروح للمشنا التي تعتبر شروحاً للتوراة. وتابع: "بدأ المعلم بمعانقتي، ثم ملامسة أعضائي الجنسية. خفت أن أحكي ما حدث لحاخام المدرسة، أو والدي، أو أي شخص. خفت أن يضحكوا علي، واعتقدت أن الأمر عادي. لكن بعد أيام، طلب المعلم مني أن ألامس عضوه الذكري، وأقنعني بأن ذلك مهم حتى أتقدم في الدراسة، وفي النهاية طلبت نقلي إلى مدرسة أخرى". تقول مديرة مركز مساعدة النساء والأطفال المتدينين "تاهيل"، دافي جروس، إن نحو 60% من الأشخاص الذين توجهوا إلى المركز طلباً للمساعدة، ينتمون إلى القطاع الحريدي. وبحسب "لوبي المرأة في إسرئيل"، وهي جمعية اجتماعية تهدف لدعم حقوق المرأة ومناهضة التحرش الجنسي: عام 2000 تم التقدم بنحو 25250 شكوى تتعلق بالتحرش الجنسي. وارتفع الرقم إلى 29935 عام 2001، وفي عام 2005 وصل الرقم إلى 33424. وعام 2010، ارتفع إلى 39830، بزيادة قدرها 7858 شكوى مقارنة بعام 2000. بينما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن طفلاً من كل 5 في إسرائيل تعرض لاعتداء جنسي. ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" نتيجة دراسة حديثة مفادها أن طفلاً من كل 7 أطفال يتعرض للاعتداء الجنسي داخل الأسرة. وقالت البروفيسور روث وولف، أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة بار إيلان، للصحيفة، إن معظم ضحايا الاعتداءات الجنسية داخل الأسرة هم من الفتيات، و15% من هذه الاعتداءات، تتم على يد سيدات وليس على يد رجال. وتوضح الصحيفة في تقرير آخر أن 50% من الفتيات اللواتي يتوجهن إلى جمعيات مناهضة التحرش والعنف الجنسي من القطاع الحريدي، تراوح أعمارهن بين 18 و25 عاماً.

أشهر حوادث التحرش

رصدت مواقع إسرائيلية أشهر جرائم التحرش الجنسي التي تورط فيها حاخامات كبار في المجتمع الإسرائيلي والحريدي، وعلى رأسهم الحاخام يونا متسجر، الذي واجه اتهامات من 4 رجال بمحاولة التحرش بهم.

الحاخام الأكبر

وقال أحد المدعين إن الحاخام يونا متسجر كان يعقد قرانه نهاية سنوات الثمانينات، وأثناء إتمام العرس، حاول ملامسة مناطق حساسة من جسده. وقال مدعٍ آخر، ينتمي إلى القطاع الحريدي، إنه التقى الحاخام، في إحدى المقابلات الخاصة لمحاولة إيجاد فرصة عمل، وأثناء ذلك، طلب الحاخام منه أن يخلع سترته، وأبدى إعجابه الشديد ببنيته الجسمانية وصدره القوي. والحاخام مستجر من مواليد حيفا عام 1953، عمل في منصب حاخام الأشكناز الأكبر في إسرائيل من 2003 حتى 2013.

الحاخام عزيز

أما عزيز ميراي، من مستوطنة هود هشارون، فتنكر في هيئة حاخام، ودانته المحكمة في قضية اغتصاب فتاة (23 عاماً) عندما توجهت إليه للاستشارة من أجل علاجها من أزمة نفسية كانت تمر بها.

مدير مدرسة دينية

واعترف الحاخام زائيف كوبولوفيتش، مدير مدرسة "ناتيف مائير"، أنه تحرش جنسياً بعدد من تلاميذه. وكانت هذه الفضيحة من أكبر الفضائح التي هزت المجتمع الديني والحريدي في إسرائيل. وحكم عليه بالسجن 3 سنوات ونصف السنة، بحسب ما ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.

الأب والابن والابنة

عام 2015، كشف موقع "بحول" اليميني المتطرف أن محكمة بئر سبع قضت بالسجن 22 عاماً على رجل حريدي وابنه، بعد اتهامهما بالتحرش جنسياً بالابنة. وقال الموقع إن الأب والأم كانا على علم بأن الابن يتحرش جنسياً بأخته، ولم يفعلا شيئاً، سوى تحذيره من الوصول لمرحلة الحمل.

الحاخام المتحرش

وفي أبريل 2016، ألقت السلطات في جنوب أفريقيا القبض على الحاخام أليعازر برلند، الذي هرب من إسرائيل بعد اتهامات بارتكاب جرائم جنسية، وفر إلى المغرب، فأصدر العاهل المغربي قراراً بطرده من البلاد، فسافر إلى زيمبابوي، ومنها إلى جنوب أفريقيا، حيث قبض عليه. ورحلّته سلطات جوهانسبرغ إلى تل أبيب، فتحول مطار بن غوريون إلى ساحة اعتصام من قبل أنصار الحاخام الذين يرفضون تسليمه للحكومة.

محاولة للإسكات

وفي منطقة شارون، حققت قوات الشرطة الإسرائيلية في فضيحة مدوية، تورط فيها مسؤولون وسياسيون حريديون، حاولوا التعتيم على القضية، التي تورط فيها مدير مؤسسة تعليمية حريدية للبنات. إذ واجه اتهامات بالتحرش جنسياً بالفتيات في المدرسة، وقالت إحدى التلميذات، إن مدير المدرسة أقام معها علاقة جنسية رغماً عنها. ونشر موقع "xrabbi" الإسرائيلي نحو 35 قضية وفضيحة تورط فيها حاخامات في إسرائيل، وهزت المجتمع الحريدي. خصوصاً أن ضحايا هذه الفضائح أطفال من الذكور والإناث.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image