شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"سوما العاشق" في عيون فتيات العالم العربي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 31 مايو 201704:06 ص
الرومانسية من الصفات التي يأنس إليها غالبية الأشخاص في شركاء حياتهم. ولكن عادةً، تنجح الفتاة العربية في التعبير عن الرومانسية بشكل أفضل من شريكها. أما الرجل الذي يفرط في رومانسيته، فجسدته السينما المصرية في شخصية "سوما العاشق" التي مثّلها الفنان أحمد مكي في فيلمه "طير أنت".
شخصية "سوما العاشق" لا يقتصر وجودها فقط على السينما والأعمال الدرامية، فهي موجودة على أرض الواقع، ولكنها تبدو خارجة عن المألوف في نظر الكثيرين نتيجة لثقافة اجتماعية تربط الرومانسية الزائدة بالأنوثة. نرصد في هذا التقرير أبعاد وتفاصيل تلك الشخصية، وجوانبها النفسية، وكيف تُقابل غالباً من النساء.

تجربة خطوبة

حنين (28 عاماً)، معلمة، تروي لرصيف22 أن رجلاً تقدم لخطبتها بطريقة تقليدية عن طريق الأهل منذ عامين، ورأت فيه عريساً مناسباً، ما دفعها للموافقة على الارتباط به. وبعد مرور ثلاثة أيام على الخطوبة، بدأت تكتشف شخصية "العاشق بداخله".
بنظر المجتمع العربي لا يحقّ للرجل التعبير عن مشاعره، وينظر للعاشق الرومانسي بطريقة ساخرة وتهكميّة
بعض النساء ينفرن من الرجل المفرط في رومانسيّته، لشعورهنّ بالاختناق وبزيف في العلاقة
تقول حنين: "لم يستوعب عقلي أو قلبي، كيف له أن يخبرني بحبه بالرغم من مرور ثلاثة أيام فقط على معرفتنا، وأصبح يلح في الاتصال وترديد كلمات الحب: بحبك وبموت فيكي وبعشقك، ثم أدركت أنه كان يعاني من فراغ عاطفي كبير، واستغل فرصة الخطوبة لإخراج مشاعره الدفينة". وتضيف: "أصابني بالاختناق، عشرات الاتصالات يومياً، تتخللها عشرات الكلمات الرومانسية مثل: هتجنن عليكي، هموت عليكي، وحشتيني، والكثير من التصرفات التي تحمل اهتماماً زائداً". تحمّلت حنين خطيبها لعدّة أشهر، حتى ضاق صدرها برومانسيته واهتمامه الزائد. وبالرغم من أنها أخبرته بانزعاجها، لكنّه لم يتغير، ما دفعها لاتخاذ قرار الانفصال عنه، فبكى قائلاً: "مقدرش تبعدي عني". وقد عارضها أهلها بشدة عندما أعلنت رغبتها في فسخ الخطوبة، لدرجة أنّهم حبسوها في البيت لمدة أسبوع، لكنها أصرت على قرارها، وتمكنت بالفعل من الانفصال عنه.
تقول حنين: "أهلي لم يقتنعوا بمبرّراتي لفسخ الخطوبة، وحتى اليوم يرون أنني مخطئة في قراري، ويوبخونني دائمًا قائلين: "إنتي ملكيش في الطيب نصيب... وعايزة اللي يديكي فوق دماغك. حتى الآن لم يستوعبوا أنّ هذا الرجل كان يشكل عبئاً علي، فلم أكن أشعر أنه الرجل القوي الذي يستطيع حمايتي، ولم أستطع إعطاءه أي مشاعر حبّ".

"حد حبوب خالص"

أما هند (31 عاماً) موظفة علاقات عامة، فلها تجربة أخرى. تعرّفت إلى شاب يكبرها بعامين من خلال أحد المواقع الإلكترونية للتعارف بغرض الزواج، وتبادلا أرقام الهواتف، ليبدأ التعارف الجدي بينهما. تقول لرصيف22: "منذ الحديث الهاتفي الأوّل بيننا، لم تعجبني طريقة حديثه، كان يتحدث برقة مبالغ فيها". حاولت إعطاء نفسها فرصة لمعرفته أكثر، فأخبرها أنه خطب فتاة سابقاً، وانفصل عنها لأنه شخصية رومانسية، ولم تكن خطيبته السابقة تتجاوب معه. تتابع هند: "أثارت طريقة حديثه تعجبي، وطريقة نطقه للكلمات بدلع زائد، حتى أن أول كلمات غازلني بها كانت: أنا حاسس إنك حد لذيذ وحبوب خالص. لدرجة دفعتني لسؤاله عن سبب حديثه بهذه الطريقة التي تشبه طريقة حديث الفنان حسن الرداد في فيلم "زنقة ستات"، حين كان يجسد شخصية كوكو مدرب الرقص".
تضيف هند: "أدركت مع الوقت أن هذه هي طبيعة شخصيته، ولا يمكن أن تتغير، فقررت الانسحاب والانفصال عنه".

الرجل المتحول

سارة (36 عاماً) صحافية، تقول إنّها تعرّفت منذ عام تقريباً على ضابط جيش بغرض الزواج، وأعجبتها في البداية طريقة تعامله أمام الناس، وشخصيته التي ظهرت قوية ورزينة. وأضافت: "عقب فترة قصيرة جداً من تعارفنا، وخلال حديثنا هاتفياً، كنت أجده فجأة يتحول ويتحدث بطريقة سوما العاشق، وصوته الغليظ يتحول لصوت ناعم، ويظلّ يردّد كلمات رومانسية مثل: وحشتيني، إنتي عمري، بدور عليكي، فاهتزت صورته في داخلي، واتخذت قراراً بالانفصال عنه".

قارىء لغة العيون

وتقول ولاء (24 عاماً)، موظفة في شركة، إن أحد زملائها في العمل سبق أن حاول الارتباط بها، ولكن أسلوب تقربه إليها لم يلق إعجابها، فكان دائماً يتوجّه إليها سائلاً: "ما بك؟ عينيكِ فيها حزن، لو بصيتي لنفسك في المراية هتعرفي إنك متستاهليش الحزن ده". وتوضح ولاء لرصيف22: "بالرغم من كوني في غالبية الأوقات بخير ولا شيء يحزنني، كان يصر دائماً على استخدام حاسته السادسة كما يظنّ، ويظل يطاردني بالأسئلة الكثيرة بزعم الاطمئنان. كان دائماً يخبرني أنه قلق علي، ما يدفعه إلى الإلحاح في الاتصال معلناً رغبته بالزواج مني، لكن اهتمامه الزائد جعلني أنفر منه إلى درجة إقفال هاتفي في الكثير من الأوقات للتهرّب منه".

إسهال عاطفي

الدكتور سعيد عبد العظيم، أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر، وصف طبيعة شخصية "سوما العاشق": "لديه إسهال عاطفي، فيعطي المشاعر بطريقة زائدة. تمثّل هذه الشخصيّة عبئاً على المرأة أحيناً، لكنه قد يكون مفضلاً عند من تحب السيطرة، وتريد أن يكون شريك حياتها كالخاتم في إصبعها". بحسب عبد العظيم، فإنّ من تنطبق عليهم مواصفات "سوما العاشق"، يعانون من ضعف الثقة بالنفس، والقلق، والخوف من فقدان الحبيب، فيحاولون إرضاءه بكل الطرق. وقد تكون شخصيّة "سوما"، انطوائية أو خجولة أو تخشى المواجهات. ومهما كانت الأسباب في افراط ذلك الرجل بالتعبير عن مشاعره، فإنّه لا يدرك أنّه يعاني من مشكلة، تجعل الفتيات ينفرن منه. يوضح عبد العظيم أن ضعف الشخصيّة وعدم التحكّم بالمشاعر، يسبّب خللاً في العلاقة. فهناك الكثير من النساء اللواتي لا يعرفن طريقة التعامل مع شابٍّ يقول "هموّت نفسي عشان بحبك". على العكس، تفضّل المرأة شريكاً يستطيع أن يدير مشاعره بالشكل المناسب، ويجذبها إليه من دون التقليل من قيمة نفسه. ويضيف أن "سوما العاشق" يصوّب مشاعره عادةً نحو فتاة واحدة يكون شديد التعلّق بها، وعندما تتركه لا يتفهّم السبب. لذلك أولى الخطوات التي عليه القيام بها، هي أن يفهم أن هناك خللاً في أسلوبه العاطفي، وعليه تغييره.
وتقول لنا محيي، محاضرة ومدربة مختصّة بالعلاقات العاطفية والزوجية والذكاء العاطفي، إن نحو 40% من الرجال رومانسيون بطبيعتهم، ولكنّهم يخافون من إظهار مشاعرهم لعدة أسباب، إما خشية من نظرة المجتمع لهم: "مش راجل، مسهوك، إلخ"، أو بسبب تجارب فتاة خذلته سابقاً لأنّه أظهر لها الجانب الرومانسي في شخصيّته.

سخرية الدراما

ترى محيي أنّ الأعمال الدرامية تلعب دوراً في تضخيم مساوىء "سوما العاشق"، وتسخيفه، والحكم عليه بطريقة سلبيّة. ففي الواقع من المفترض أن يُنظر إلى تلك الشخصيّة بإيجابيّة، لأنّها تمثّل الحبيب الذي يهتمّ بشريكته، ويحيطها بعنايته. ولكن في غالب الأحيان، تقدّم تلك الشخصيّة بصورة سيئة وساخرة. وتوضح محيي أنّ الإعلام العربي غالبًا ما يصوّر الرجل على أنّه غير قادر على الحبّ الحقيقي، لهذا عندما ترتبط فتاة برجل يعبّر عن مشاعره تعتقد أنه يُمثل عليها، وأنّ عواطفه غير حقيقية.
"ابعد حبة تزيد محبة"... تؤمن محيي أن هذه المقولة هي كلمة السر للحفاظ على العلاقات العاطفية، فلا إفراط ولا تفريط. عندما يبالغ الرجل في إظهار مشاعره، تفقد معناها، وتكون النتيجة عكسية. والأمر ينطبق على طرفي العلاقة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image