في ظل الحصار المفروض على غزة، وجد الخريجون والعاطلون عن العمل في الإنترنت فرصة للبحث عن مصدر رزق لهم. فتحوّلت الشبكة العنكبوتية إلى البوابة الوحيدة للتواصل مع العالم الخارجي.
في الكثير من دول العالم، تزدهر عمليات الشراء عبر الإنترنت يوماً بعد يوم، وبشكل ملحوظ. وتتجه كافة التعاملات نحو الشبكة، للاستفادة مما تقدّمه من خدمات تفتح نوافذ لتبادل البضائع والخبرات.
قطاع غزة لم يكن بعيداً عن هذا الواقع، فمكاتب البريد، المنتشرة في كل أرجائه، باتت اليوم تعجّ بالطرود والواردات البريدية، الكبيرة والصغيرة المشتارة بوسائل الدفع المختلفة على الانترنت.
يقول سمير حمتو، مدير وحدة العلاقات العامة والإعلام في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينيّة لـ"رصيف22": "في العامين السابقين كانت هناك زيادة ملحوظة في عدد الطرود البريدية الواردة إلى غزة، نتيجة زيادة إقبال الشباب الفلسطيني على التسوق الإلكتروني عبر الإنترنت".
ويضيف: "هناك آلاف من الخريجين يعملون في هذا المجال، ونستقبل في قسم الحركة البريدية يومياً عشرات الطرود التي تحوي سلعاً معيّنة تدخل عبر البريد من الجانب الإسرائيلي إلى قطاع غزة".
ويوضح: "نسبة كبيرة من الشباب الغزي خصوصاً العاطلين عن العمل والخريجين، يبحثون على الانترنت عن مصدر دخل ولو كان بسيطاً، من خلال التجارة الإلكترونية عبر بطاقات شراء توفّرها عدد من الشركات العالمية، وعبر مواقع تجارية توفرها عدد من الشركات في أوروبا وأمريكا".
ويقول سيف جحا، أحد خريجي كلية التجارة: "ما دفعني للتجارة الإلكترونية هو الوضع الاقتصادي الصعب. تخرجت من الجامعة قبل بضعة أشهر، ولم أجد فرصة عمل. فكان لا بد أن أجد مصدر رزق لي، لتلبية جزء بسيط من احتياجاتي. ذهبت إلى إحدى مؤسسات الإقراض، وحصلت على قرض. بداية، أحضرت البطاقة الائتمانية الخاصّة بشراء كافة السلع عبر الانترنت، ثم بحثت عن أبرز الحاجات التي تنقص المواطنين الغزيين، فوجدت أن هناك طلب شديد على بعض الملابس من ماركات محددة. اشتريت العديد منها واستلمتها عن طريق البريد، وأبيعها مقابل الحصول على ربح بسيط".توفّر التجارة عبر الانترنت مصدر ربح للعديد من المتخرجين الجدد العاطلين عن العمل في غزّة
يشتري أهل غزّة مختلف السلع عبر الانترنت بدءاً من الملابس والكتب والأدوات الكهربائيّة وصولاً إلى المصابيح الكهربائيّةأما جميل قاسم، خريج قسم التسويق، فيقول: "بعد حصولي على شهادتي الجامعية لم أجد أي فرصة عمل في مجال دراستي. عرض عليّ أحد أصدقائي فكرة شراء البضائع عبر الانترنت. عرضت الفكرة على والدي، الذي أقرضني مبلغاً من المال. فعرضت الفكرة على والدي، وطلبت مساعدته في إعطائي مبلغاً بسيطاً من المال. بدأت بكل سهولة ويسر عملي في هذا المجال، ولم تواجهني عقبات كثيرة". ويوضح: "أبحث دائماً عمّا تحتاجه فئة الشباب. ووجدت أنهم يرغبون في شراء الساعات، وإبر التنجيد التي تستخدم لخياطة الكفرات الخفيفة والأشغال اليدوية التراثية، وبعض القطع والأكسسوارات الخاصة بالأجهزة الذكية. كلّ هذه السلع اشتريها وتصلني عبر مكاتب البريد، ثم تبدأ عملية التسويق والترويج لها. ويبقى هدفي الحصول على المال لتلبية احتياجاتي الشخصية".
ما هي أبرز بضائع التجارة الإلكترونية؟
يشير سمير حمتو إلى أن أكثر السلع المرغوب بها هي النظارات، والعطور، والملابس، والأكسسوارات، والأجهزة الكهربائية، وكل ما يتعلق بالكمبيوتر من أكسسوارات، من ملحقات لابتوب، وفلاشات، وقطع إلكترونية، إضافة إلى بعض القطع التي قد تكون مفقودة في قطاع غزة، ويطلبها الشباب نظراً لانخفاض ثمنها وعدم توفرها. ويقول مصعب أبو توهة، خريج لغة إنجليزية: "الأشياء التي أطلبها من الخارج، هي غالباً كتب، لأنني أحب القراءة. عندما آتي إلى البريد، أرى بعض الناس يطلبون الملابس، ومرة رأيت شخصاً يستورد مصابيح كهربائيّة. أنا أستورد بعض الكتب غير الموجودة في المكتبات التجارية هنا في غزة، ممكن أن تكون بعض الكتب موجودة في الجامعات، وهي لا تصلح إلا للاستعارة". أما محمد المقادمة، المختص في فن العمارة، فيروي: "والدتي تعمل في مجال تصفيف الشعر، وتحتاج دائماً إلى أجهزة ومعدات كثيرة، والمتوفر منها هنا لا يف بالغرض. وبالتالي، أشتري كل ما تريده بسهولة على الإنترنت. كما يتطلب مجال عملي شراء بعض المجلات الخاصة بأعمال العمارة، أشعر بسعادة كبيرة عندما أحصل على كل ما أريده من حاجات وأغراض". من جهته، يقول محمد الآغا الذي يعمل في إحدى المؤسسات الدولية: "أنا سعيد جداً لأنه أصبح بإمكاني التواصل مع العالم الخارجي، وأستطيع الحصول على كل السلع والبضائع التي أطلبها من الخارج عبر البريد، رغم الحصار المفروض. وغالباً أبحث عن الأشياء المفقودة وغير الموجودة مثل القطع الإلكترونية وكماليات الجوال، وبعض أدوات المطبخ البلاستيكية. المشكلة تكمن في عملية التوصيل التي تستغرق وقتاً كثيراً بفعل إجراءات الاحتلال التعسفية".الحركة البريدية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة
بحسب حمتو والإحصائيات المسجلة لدى وزارة الاتصالات والتكنولوجيا، وصل خلال العام 2014 إلى قطاع غزة نحو 71618 طرداً. بينما شهد العام 2015 وصول نحو 78571 طرد، بزيادة 7 آلاف طرد عن العام السابق. ويضيف: "أما في العام الحالي، وتحديداً في أول 4 أشهر فقط، وصلنا نحو 50537 طرد، ما يدل على أن هناك زيادة كبيرة وواضحة في عدد الطرود البريدية الواردة بنسبة 92 في المئة. وبلغت الزيادة في الرزم العادية المسجلة 23 مرة أي ما نسبته 220 في المئة"....لكن العقبات دائماً موجودة
يؤكد حمتو أن الجانب الإسرائيلي يفرض قيوداً مشدّدة على إدخال الطرود البريدية، ويخضعها للتفتيش الدقيق، ما يعرّضها للتلف، وأحياناً تصادر أنواع عديدة من السلع بحجج أمنية، أو حتى تحتجز لنحو 40 يوماً. إضافة الى ذلك، هناك غياب الوعي الكافي عند الشباب بمخاطر التجارة الإلكترونية، وما يخص الضمانات الموجودة وحقوق المستهلك، أمرٌ يحتاج إلى عمليات توعية من قبل الجهات المسؤولة والمختصة، حتى لا يقع الشباب في عمليات نصب واحتيال. يضاف إلى ذلك الحصار المفروض من سلطات الاحتلال، وضرورة التأكّد ممّا تسمح أو تمنع إدخاله إلى القطاع.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون