"ظننت أن وركي سيصبح أعرض، وبالتالي اخترت الجراحة القيصرية، لكن جرحي التهب، واضطررت للبقاء 3 ليالٍ إضافية في المستشفى. كما أنني عجزت عن الرضاعة بسبب الالتهاب. أندم على خياري". تقول ماري (اسم مستعار)، اللبنانية البالغة من العمر 28 عاماً. اختارت الولادة القيصرية قبل سنوات خوفاً أيضاً من أن يصبح مهبلها أكبر وليناً.
أما راغدة (اسم مستعار) فهي أم لثلاثة أطفال، ولدتهم بعملية قيصرية اختيارياً. وتقول: "أقرف من الولادة الطبيعية وأخاف كثيراً، وأفضّل أن أكون نائمة وأن لا أشعر بشيء". حتى أنها اختارت ألا ترضع أولادها لأنها تتألم كثيراً.
كما أخبرتنا إحدى الصديقات، وهي أم لابن في الثالثة من العمر، أن طوال مدة حبلها كان طبيبها يحاول إقناعها باختيار الولادة القيصرية من دون أي سبب طبي، في حين أن طبيب العائلة حثّها على العكس. في النهاية، اضطرت لإجراء العملية القيصرية لأسباب طبية، كما قال الطبيب، لكنها تعتبر أنه لم ينتظر الوقت الكافي لمحاولة توليدها بشكل طبيعي.
تواجه الكثير من النساء معضلة اختيار طريقة الولادة. لا شك أن الوضع الطبي للأم أو الطفل، قد يُسهّل عملية الاختيار، لكن في حال غياب أي مشكلة طبية، تنقسم النساء بين من تريد الولادة الطبيعية، وأخريات يخشين على مهبلهنّ وجسدهن، فيخترن الولادة القيصرية من دون أن يدركن تبعياتها أو مشاكلها.
ارتفاع "صاروخي" لمعدلات الولادة القيصرية
تشير معظم الدراسات إلى أن معدلات الولادة القيصرية في العالم ازدادت بشكل كبير. إذ إن ولادة من أصل ثلاث أصبحت قيصرية. ارتفع في الولايات المتحدة مثلاً معدل الولادات القيصرية بنسبة 500% في جيل واحد من الأمهات. أما في أوروبا، فأشارت دراسة أجريت العام الماضي، إلى أن المعدلات متفاوتة من دولة إلى أخرى، لكنها في ازدياد مستمر. فسجلت أعلى المعدلات في قبرص (38.8%)، وإيطاليا (25%)، في حين أن أدناها كان في فنلندا والنروج (6.6%). تبقى أعلى معدلات الجراحات القيصرية في الولايات المتحدة وأستراليا. لكن الأمر لا يختلف كثيراً في المنطقة العربية، حتى لو أن الدراسات شبه غائبة. ففي مستشفى الكورنيش في أبو ظبي، أكبر مستشفى للولادة في الإمارات، 65% من عمليات الولادة تتم عبر جراحة قيصرية، بينما سجّل مركزالإحصاء في دبي نسبة 50% من مجمل الولادات لعام 2014. الأمر سيّان في مصر والمملكة العربية السعودية، إذ ارتفعت حالات الولادة القيصرية بنسبة 67% في البلاد العام الماضي. أما في لبنان، فأشارت دراسات سابقة، إلى أن المعدل هو 40.8%، أي أعلى بكثير من المعدل التي أوصت به منظمة الصحة العالمية وهو 15%. في الماضي، كانت الولادة القيصرية تُجرى عند الضرورة، بينما تحوّلت اليوم إلى خيار يعود إلى المرأة الحامل. وتشير د. غايل أبو غانم، المتخصصة بطب التوليد والنساء في مستشفى ومركز بلفو الطبي في لبنان، إلى أن هذا الارتفاع يعزى إلى العديد من الأسباب. وتقول: "أولاً، ازدادت عملية الحمل المتعددة (توائم أو أكثر) بشكل كبير في العقدين الماضيين، بسبب تقنيات الإنجاب الاصطناعي، ما ساهم في الزيادة الإجمالية للولادات القيصرية". وتضيف: "لا بد أن لا ننسى التغييرات الديمغرافية، فنجد سيدات أكبر سناً يحبلن مقارنة بالسابق، ما يجعلهنّ أكثر عرضة للتعقيدات. هذه الزيادة في المعدلات قد تُعزى أيضاً إلى طريقة تعامل الأطباء والمرضى والمستشفيات مع الخطر، واختيار كثيرين الولادة القيصرية خوفاً من التعقيدات وتبعياتها في الولادة الطبيعية". وقد اعتبرت أن هذه الزيادة تؤدي إلى عدم حصول طلاب الطب على التدريب الكامل في حالات الولادات الصعبة، ما قد يجعلهم، حين يمارسون الطب، يلجأون إلى الولادة القيصرية، لأنهم يجهلون كيفية التصرف عكس ذلك.ولادة قيصرية مقابل ولادة طبيعية
توضح أبو غانم أن الولادة المهبلية هي الولادة الطبيعية التي غالباً ما تكون مع أقل تعقيدات خلال وبعد الولادة. لكنها تشدد على أنها تتطلب وقتاً أطول، ولا يمكن عادة التخطيط لها مسبقاً. مشيرةً إلى أن الأمر قد يحدث في أي وقت، وليست 100% آمنة، أما الولادة القيصرية فهي عملية جراحية عامة، وهذا أمر غالباً ما ينساه الناس. وبالتالي، احتمال التعقيدات أعلى بكثير خلال وبعد الولادة كالنزيف، وإصابة المثانة أو الأمعاء، والالتهابات. فلماذا قد تختار امرأة جراحة عامة عوضاً عن ولادة طبيعية إذا لم توجد أي أسباب طبية؟ في الواقع، تعتبر بعض السيدات أن تحديد موعد الولادة أكثر ملاءمة من الانتظار، في حين أن أخريات يعتبرن أن العملية القيصرية أقل ألماً، وتؤدي إلى تعقيدات أقل، مثل التمزيق والعجز الجنسي المرتبطة عادة بالولادة المهبلية. وتؤكد أبو غانم على هذه الأسباب، قائلة: "بعض السيدات لا يردن اختبار ما يعتبرنه متاعب والألم المرتبط بالولادة الطبيعية. فغالباً ما سمعن مئات القصص المروعة عنها ويحضرن إلينا مع أفكار مسبقة غير صحيحة على الإطلاق". وتضيف "أحاول أن أشرح لهن تفاصيل الخيارات والتعقيدات المرتبطة بكل منهن لاسيما الألم. فغالباً ما تعتبر السيدات أن الولادة الطبيعية مؤلمة جداً في حين أن القيصرية خالية من الألم وهذا غير صحيح. خلال العملية لا تشعر المرأة بشيء، لكن بعدها، كأي جراحة، ستتألم وتكون محدودة الحركة لأيام عدة. بينما تستطيع مواصلة حياتها بشكل عادي مع الولادة الطبيعية، إلا في حال ممارسة بضع الفرج Episiotomy (عملية شق الفرج). لكن، ليست النساء دائماً من يطلبن الولادة القيصرية، العديد من الأطباء ينصحون بها لأسباب لوجيستية ومادية. وتقول: "بصراحة، الولادة القيصرية مربحة أكثر من الناحية المالية. فبالتأكيد، ليس قدر العمل والتفاني خلال ولادة طبيعية متناسباً مع الفوائد المالية التي ينالها الطبيب، والتي تكون أحياناً سخيفة، على عكس الولادة القيصرية المكلفة، والتي غالباً ما تتكبدها شركات التأمين".ولادة قيصرية لا محال
وتشير أبو غانم إلى أن هناك العديد من الأسباب الطبية التي تحتّم اللجوء إلى العملية لإنقاذ حياة الأم والطفل. من هذه الأسباب ما هو متعلق بالأم مثل إصابتها بمرض الإيدز أو عدوى الهرب الناشط، العجز عن الدفع (الجلوكوما)، ورم الفرج Vulvar condylomas، أو صعوبة توسع عنق الرحم. وأما الأسباب المتعلقة بالطفل، فهي كون نبض قلب الجنين غير مطمئنة، التشوهات الخلقية، العملقة الجنينية Big baby وغيرها من الأسباب.ولادة طبيعية 100%
في المقابل، هناك موجة من السيدات اللواتي يخترن العكس تماماً، الولادة الطبيعية 100%، أي من دون التخدير فوق الجافية Epidural أو الأدوية للمساعدة في الانقباضات. وتضيف أبو غانم: "هن لا يردن أيضاً مراقبة الطفل خلال الولادة، ويردن التحرك بكل حرية، ويؤخرن لقط الحبل السري Clamping the umbilical cord، ويقمن بالرضاعة". توضح أبو غانم: "هذه النزعة ردة فعل على استعمال الأدوية الفائض في الولادة. غالباً ما نستطيع الموافقة على هذه المطالب ما دمنا تابعنا الحمل خلال 9 أشهر، ولم نتوقع أي تعقيدات مهمة. ولكن في طب التوليد، نواجه دائماً العديد من المفاجآت. وبالتالي، لا بد من بناء علاقة ثقة مع المريض: في حال ساءت الأمور، الطبيب يبقى المسؤول. من جهتي، أجعل السيدة توقع على موافقة مسبقة للتأكد أنها تعي خطورة الولادة غير الطبية". كثيرة هي الطرق الجديدة التي تلجأ إليها السيدات للولادة، من الولادة الطبيعية الطبية إلى الولادة القيصرية، مروراً بالولادة المائية أو الولادة بالتخدير الذاتي (Hypnobirthing)، أو الولادة الحرة أي من دون أي مساعدة. ولكن، في النهاية، أي وسيلة تختارين، يبقى الأهم الحفاظ على حياتك وعلى حياة طفلك!رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع