"رقيتك بالله من عين خلق الله. من عين أمك ومن عين أبوك. ومن عين الجيران ومن عين اللي حسدوك. عين الصبي فيها نبي. عين الذكر فيها حجر. عين الحسود فيها عود. وعين الجار مقلوعة بنار. طبخنا عدس. سَقينا عدس. المَرَة عزَمِت والرجل عَبَس. اخرجي يا عين كما خرج المهر من بطن الفرس. اللهم صلّ على سيدنا محمد. اخرجي يا عين كما خرجت الشعرة من العجين. اللهم صلّ على سيدنا محمد."
لا يعرف سكان الريف والأماكن الشعبية في مصر أن هذه الرقية التي يردّدونها أثناء ثقبهم عروساً من ورق بإبرة، ثم حرق العروس في مبخرة وتمريرها على رأس الشخص المحسود، يمارسون طقس من طقوس السحر الأسود الذي تُتقنه القبائل البدائية في أفريقيا وحوض الأمازون ويسمّى الفودو Vodun. فهم يصنعون تمثالاً من الشمع أو من الخشب للشخص المراد إيذاؤه ثم يغرسون في قلبه سكيناً وفي جسده دبابيس وهم يقرأون بعض الطلاسم. لطالما كان الإيمان بالحسد والأرواح الشريرة وضرورة محاربتها والاحتماء منها منتشراً في بعض المجتمعات، وإن كان في تراجع مستمر.
علماً أن الأساليب المستخدمة لإبعاد الشر أو لطرد الأرواح الشريرة، تختلف بين مجتمعٍ وآخر، أو بين ديانة وأخرى ولكنها تبدو متشابهة في كثير من الأحيان.
الخمسة والخميسة المعروفة لدى الشيعة بكف فاطمة (نسبة إلى فاطمة بنت النبي محمد) هي كف مريم لدى المسيحيين، ويد الله (في إشارة إلى آية موسى لفرعون) لدى اليهود، وكف عشتار عند السومريين والأكاديين. ولأن النساء هن الأكثر عُرضة للحسد، بحسب المعتقدات الشعبية، نُسبت الكف (رمز الحماية والمنع) إلى المرأة، في حين يُعتقد في الموروث الشعبي الإسلامي، أنها كناية عن سورة الفلق (ذات الآيات الخمس) في دفع الحسد.
شجرة الـرودراكشا Rudraksha أو دموع شيفا التي نبتت في اعتقاد الهندوس من دموع شيفا الإله أثناء تأمله خلاص الإنسان والأرض، تعدّ مقدسة عند البوذيين والهندوس والسيخ. تُصنع من بذورها السبحات والعقود لجلب الصحة والحظ الطيب والعمر الطويل. ويعتبر الرهبان الهندوس أن الذات المقدسة لا تحل فيهم إلا بارتدائها.
أما صليب عنخ أو مفتاح الحياة، فهو يرمز عند المصريين القدماء والهندوس للحياة والطاقة. ويتكون من رمز الذكر والأنثى في إشارة للتوزان. في المقابل، هو يرمز عند الرومان للموت، إذ علّقه القيصر قسطنطنين على أسوار أورشيليم مشيراً إلى أن الموت هو العقوبة المفروضة، فصار يحمل لدى المسيحيين فألاً سيئاً على عكس الصليب الثلاثي الأبعاد الذي يحمل صورة ترمز لجسد المسيح. ومعروف أن الكنائس الشرقية تعتقد أن رسم الصليب يحمي من الشياطين ويُبطل مفعول السمّ والأرواح الشريرة ويقوي الإيمان.
تمائم الأعضاء الجنسية انتشرت في روما القديمة، حيث كان يُعتقد أن القضيب الذكري للآلهة يقوم مقام التميمة في دفع الضرر وإبعاد العقم والأمراض. وفي ما بعد انتشرت عبادة الإله فاسينوس Fascinus الذي يمنع العقم والحسد في مصر القديمة واليونان الأغريقية وروما والهند واليابان.
أما علّاقة المفاتيح التي على هيئة رِجل أرنب، فهي في الأصل نوع من أنواع التمائم المعروفة منذ العام 600 قبل الميلاد والتي تجلب الحظ الطيب. يرجع هذا المعتقد إلى عادات الصيد البري عند بعض القبائل التي تسكن الجزر البريطانية. فصيد الأرانب هو المرحلة الأولى في التعليم، وإذا كان الصبي موفقاً في الصيد، يحتفظ بالرِجل الخلفية للأرنب كجائزة تجلب له الحظ خلال رحلات الصيد التالية، في طقوس ترحيبية توضح انتقاله لمرحلة الرجولة.
الطلسمان، بحسب المعتقدات، يختلف عن التميمة في كونه لا يحمي فقط، إنما يُقدم إلى صاحبه طاقة وقوة خاصة في أوقات مرتبطة بانفتاح أبواب السماء والدورة الفلكية. من أشهر الطلاسم وأقدمها النجمة السداسية. المثلث المتجه إلى الأعلى يرمز إلى النار والسماء وطاقة الذكورة. والمثلث المتجه إلى الأسفل يرمز للأرض والماء وقوة الأنوثة. وبرغم ارتباط هذه النجمة بالديانة اليهودية، فقد وجدت على جدران معابد رمفام Rempham وفي جداريات السومريين كما أنها أحد رموز الهندوسية. ولوحظ أنها متداولة في التراث الإسلامي في إطار زخرفة المساجد منذ آلاف السنين. ويُعتقد أن لا شيء مستحيلاً لمن امتلك هذه النجمة السداسية بسبب الطاقة الكامنة فيها.
في المقابل، تُعرف النجمة الخماسية بأنها مفتاح سحر سليمان، وترمز للعناصر الخمس المكونة للطبيعة (الأرض - الهواء - الماء - النار - الروح) في الديانة الوثنية الويكا. أما في المسيحية فترمز لجروح المسيح الخمسة وفي اليهودية ترمز لأسفار موسى القديمة.
هنالك أيضاً طلسمان حدوة الحصان الذي يعلق على أبواب البيوت لمنع الحسد ويسمّر في دفات المراكب القديمة لحمايتها من العواصف والأنواء، فيعود أصله لأسطورة القديس دونستان Dunstan والشيطان عام 1871.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت