الغرفة صغيرة، مستطيلة. جوها خانق على الرغم من جدرانها المطليّة بلون فاتح، أزرق مخضرّ، وستارتيها المزينتين بصور تظهر طيوراً مهاجرة تجمدت أجنحتها المحلقة وسط سماء صفراء وزرقاء". هكذا يبدأ عتيق رحيمي روايته، يصف المكان الوحيد الذي ستجري فيه كل الأحداث التالية.
[br/]
[br/]
كل شيء في حياة المرأة، تحسبه على وقع أنفاس الرجل، وعلى عدد دورات تسبيحها لأسماء الله الحسنى، تخاطبه قائلة: "ستة عشر يوماً وأنا أحيا على إيقاع تنفسك". لقد كرست حياتها كلها لرجلها الذي يبقى جاثماً دون حراك، هكذا تبدأ سرد حكاياتها، فاتحة الباب أمام أشد أسرارها حميمية، لتنهمر جميع حكاياتها وذكرياتها، بادئة بالسر الأخطر، فهي لم تكن بكراً في ليلة زواجهما، والدم الذي رآه لم يكن إلا دم حيضها.[br/]
من خلال حديث طويل تحكيه المرأة على امتداد أيام لزوجها، يقدم عتيق رحيمي، نظرة شاملة عن وضع المرأة في أفغانستان، وكشفاً لأعمق خبايا نفس المرأة، رغباتها ودوافعها.[br/]
بلغة سردية يغلب على جملها القصر، تتنوع ما بين الوصف والمونولوج، تحكي المرأة حكايات عمتها، ووالد زوجها، وجارتها، وحكايتها هي، وحصيلة ذكرياتها: "يمكنني أن أحدثك عن كل شيء، من دون أن أُقاطَع، ومن دون أن أُلامَ" ، هكذا تخاطب زوجها الراقد، معتبرة أنها فقط ببوحها هذا، تستطيع أن تتحرر، وتستيطع إعادة زوجها إلى حياته الطبيعية: "تنفسك معلق برواية أسراري!". كما تتمرد بذلك البوح، على كل سنين الصمت التي تُفرض على المرأة في المجتمعات الذكورية، "لدي أشياء كثيرة لأقولها لك، أشياء تراكمت منذ زمن في داخلي... لنكن صريحين، أنت لم تتح لي أبداً الفرصة للكلام عنها".[br/]
تفصح المرأة عن جميع مكنوناتها السرية، وأوجاعها، معتبرةً زوجها "حجر الصبر" الخاص بها، مستعيدة حكاية عمها - والد زوجها - عن هذا الحجر، الذي يمكن لأي إنسان أن يضعه أمامه، ويبدأ في الشكوى والنواح على كل عذاباته وآلامه، كل ما يخشى من البوح به أمام الآخرين. فيما الحجر يمتص كل الكلمات إلى أن ينفجر ذات يوم، ويتفتت تحت وطأة الأسرار التي أصبح يحملها. هكذا تصبح المرأة بحاجة أشد وأقسى إلى رجلها الممدد، فهو من سيستمع إلى أوجاعها، لتتخلص من عذاباتها، فتحار في كيفية إخفائه كي لا تجهز عليه الدوريات من المعسكر الآخر، أثناء حملات تفتيشها للبيوت. "يجب ألا يجدوك... سيجهزون عليك. ركعت وحدقت فيه من أقرب مكان. "لن أدعهم! أنا بحاجة إليك الآن، يا حجر صبري!".[br/]
ومع ازدياد وتيرة اعترافاتها، ستخبره بأفظع سر كتمته عنه، وهذا ما سيغيّر كل الأشياء الثابتة في الرواية![br/]
ولد عتيق رحيمي في أفغانستان عام 1962، وفازت هذه الرواية بجائزة غونكور Goncourt الفرنسية عام 2008، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي من إخراج رحيمي نفسه. من رواياته الأخرى المترجمة "أرض ورماد"، "ألف منزل للحلم والرعب"، و"ملعون دوستويفسكي".[br/]
[br/]
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
ZMskyuza ZMskyuza -
منذ 11 دقيقة1
حوّا -
منذ يومينشي يشيب الراس وين وصل بينا الحال حسبي الله ونعم الوكيل
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل هذه العنجهية فقط لأن هنالك ٦٠ مليون إنسان يطالب بحقه الطبيعي أن يكون سيدا على أرضه كما باقي...
Ahmed Mohammed -
منذ 3 أياماي هبد من نسوية مافيش منطق رغم انه يبان تحليل منطقي الا ان الكاتبة منحازة لجنسها ولا يمكن تعترف...
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياموحدث ما كنا نتوقعه ونتأمل به .. وما كنا نخشاه أيضاً
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامصادم وبكل وقاحة ووحشية. ورسالة الانتحار مشبوهة جدا جدا. عقاب بلا ذنب وذنب بلا فعل ولا ملاحقة الا...