"تحديد مصير" مصطلح لطالما أُطلق على امتحانات الثانوية العامة في كثيرٍ من البلدان العربية، التي ما زالت أنظمتها التعليمية تحدد مصير الطالب الجامعي واختصاصه، ومن ثم حياته أحياناً، على أساس امتحان رسمي، ما يجعل "البكالوريا" كابوساً وتحدياً حقيقياً.
هذا العام، تضج وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في عدة بلدان عربية، بفضائح كبيرة تتعلق بالغش بالامتحانات، وبشبكات وعصابات تقوم بعمليات غش جماعية. بعض البلدان، كالجزائر، اعتبر ظاهرة الغش المتفشية في كل مكان، "تهديداً" للأمن القومي، وبعضها اضطر إلى إعادة الامتحان في مواد كاملة لآلاف الطلاب، كمصر. إليكم بعض أبرز حالات الغش في الامتحانات في العالم العربي لعام 2016.
الجزائر
سيف ذو حدين هي وسائل التواصل الاجتماعي إذاً، وفي عملية غش هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر، تم تسريب أسئلة سبع مواد على الأقل، على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل يوم أو اثنين من تاريخ امتحان كل مادة، وهذا ما مكّن الطلاب من تهيئة الإجابات. وقد أعلنت الجزائر قبل أيام على لسان وزيرة التربية، نورية بن غبريت، موعد إعادة جزئية لامتحانات المواد السبع بين 19-23 يونيو الجاري، بعد القبض على 31 فرداً من الشبكة المتهمة بالتسريب. وقالت الوزيرة في بيانها أن ذلك لم يكن مجرد عملية غش فقط، بل محاولة لتخريب البلاد. ورأى الوزير الأول عبد المالك السلال أن عملية التسريب تعدّ "مساساً بالأمن القومي الجزائري".مصر
ليست المرة الأولى التي تشهد مصر فضائح كبيرة في مجال الغش، ففي عام 2015 مثلاً، أثير بعض الجدل بين وزارتي التربية والاتصالات، بعد أن رفضت وزارة الاتصالات التشويش على الخطوط الهاتفية أثناء وقت الامتحان، وكان ذلك كله نتيجة تسريب أسئلة الامتحانات. أما هذه السنة، ومع تطور ما يعرف بالغش الإلكتروني، فقد تم تسريب الأسئلة لمادتي اللغة العربية والتربية الدينية، مما اضطر السلطات لإلغاء امتحان مادة الديانة، وتأجيله إلى 29 من الشهر الجاري. ومع كل البلبلة التي أثارها تسريب تينك المادتين، جرى تسريب مادة اللغة الإنكليزية، الثلاثاء 7 يونيو، بعد يوم واحد من الفضيحة الأولى. وأكد وزير التعليم المصري أن من يضبط في عملية غش أو في عملية تسريب امتحاني سيعاقب بغرامة 50 ألف جنيه، أي نحو 5630 دولاراً. وقد أوقفت السلطات المصرية ثمانية من العاملين في وزارة التعليم اتهموا بالتورط في عمليات التسريب.المغرب
أعلنت مصالح الأمن الوطني المغربي، لمكافحة وزجر عمليات تسريب أسئلة امتحانات البكالوريا، أن الشرطة القضائية تمكنت آخر الأسبوع الماضي، من اعتقال 21 من المشتبه فيهم في مدن مغربية عدة، بتهمة تسريب أسئلة الامتحانات. وأوضح بيان للمديرية العامة للأمن الوطني المغربي أن الموقوفين، ومن بينهم مرشحون لامتحانات البكالوريا وطلبة بمعاهد وكليات المعلومات، يشتبه في تورطهم في إنشاء وإدارة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مخصصة لتسريب أسئلة الامتحانات مع توفير أجوبة عنها مقابل مبالغ مادية. وأضاف البلاغ أن عمليات التفتيش التي باشرتها مصالح الأمن تمكنت من حجز مجموعة من المعدات المعلوماتية المتصلة بشبكة الإنترنت، بالإضافة إلى هواتف نقالة وسماعات لاصقة تستعمل في تسهيل عملية الغش. وتشير بعض وسائل الإعلام إلى أن تسريباً في مادة الرياضيات قد حصل قبل ساعات من الامتحان.السودان
أعلنت السلطات السودانية في أبريل الماضي توقيف نحو 117 طالباً أجنبياً، بينهم أردنيين ومصريين في حالات غش في امتحانات الشهادة الثانوية. وتم الحديث عن شبكة غش منظمة، حاولت تخريب امتحانات الشهادة الثانوية، الأمر الذي كاد أن يطلق شرارة أزمة دبلوماسية بين البلدان المعنية. واعتبر البرلمان السوداني حينها أن الشهادة السودانية خط أحمر لا يمكن المساس به، حفاظاً على الأمن القومي.لبنان
لم يسلم لبنان أيضاً من عمليات منظمة للغش في الامتحانات الرسمية، فقد أعلن وزير التربية الياس أبو صعب في 10 يونيو ضبط واحدة من أضخم الشبكات التي مرت بلبنان، تبدأ بطلاب في ما بينهم، وتنتهي بأساتذة يتولون تصوير أسئلة الامتحانات، ونشرها على whatsapp، وبينهم أيضاً طلاب جامعات لديهم القدرة على تقديم إجابات سريعة للأسئلة، فور وصولها إليهم. كذلك ذكر أبو صعب أن أهالي الطلاب أنفسهم يساهمون في غش أبنائهم.سوريا
في ظل الحرب السورية الطاحنة، تشهد سوريا منذ عدة سنوات، فوضى عارمة على مستويات الحياة كلها، ليس على صعيد الامتحانات والنظام التعليمي فحسب، وقد أصبحت بعض المصطلحات دارجة جداً في الحديث اليومي السوري، بما يتعلق بالغش في الامتحانات، وتعود هذه المصطلحات إلى الانتشار المتوهج في يونيو كل عام، الوقت المعتاد لامتحانات الثانوية العامة. "مصغّر" هو كتاب المادة التي يقوم الطالب الامتحان بها نفسه، إنما صغير جد، يشتريه الطلاب من مكتبات محددة، تعمل بشكل رسمي بتصغير الكتب، ويقوم الطالب بإدخاله معه إلى الامتحان معتمداً عليه في استخلاص الإجابات اللازمة، كما يجري الحديث عن مبالغ طائلة تدفع لأساتذة كل مادة، ليقومواً بحل الأسئلة لطالب محدد، وإدخالها له مكتوبة على ورقة إلى قاعة الامتحان، فتكون العملية على الشكل التالي: يتم توزيع أسئلة الامتحانات للطلاب، يخرج واحد من الأساتذة المراقبين ورقة الأسئلة إلى أساتذة المادة المختصة، فيقوم هؤلاء بحلها، وإدخالها إلى الطلاب لينقلوها. الخوف، حسب التعليق السوري الساخر العام، أن يصبح كل طلاب سوريا أطباء، بعد المعدلات العالية جداً التي يحصلون عليها، فلا يبقى في المجتمع معلمون ومهندسون وخريجو معاهد متوسطة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...