لطالما كان التبدل في ظروف الإنتاج المسؤولٓ الأول عن انقراض بعض الوظائف واستبدالها بأخرى جديدة تجاري التغيّرات في سوق العمل. وبرغم أن هذه التغييرات طبيعية نتيجة الحسابات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية المختلفة، فقد تتسبب بالعديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
من هذا المنطلق، تحذّر منظمة الصحة العالمية من أن ملايين المتعلمين قد يدخلون إلى سوق العمل غير مهيئين له، بسبب الصعوبات التي تواجه التعليم العالي في السير على خطى سوق عمل يتغير بسرعة. بحسب المنظمة، تلد هذه الظاهرة جيلاً أشبه بـ"قنبلة موقوتة للصحة العامة"، عرضة للاكتئاب، والأمراض المزمنة والانتحار. توقعات مستقبل التوظيف لا تصيب في كل مرة، لكنها تعطي فكرة عامة عما قد يكون عليه سوق العمل في السنوات المقبلة. ترسم بعض التوقعات مشهداً سوداوياً عن مستقبل التوظيف، إذ إن نصف الوظائف الموجودة اليوم، لن يكون متاحاً عام 2030، نظراً للتغييرات التي ستطرأ على سوق العمل. في المقابل، ترى توقعات أخرى أكثر تحفظاً أن بعض الوظائف ستزول بسبب استبدال العامل البشري بالتكنولوجيا، ولكنها تركز على الجانب الإيجابي منها، إذ إن ذلك يسهل العمل ويسرّعه ويخفض الكلفة المترتبة على أصحاب الشركات. ما هي إذاً أكثر الوظائف عُرضةً للانقراض في السنوات المقبلة؟عامل الكاشير
سرعة تطور التكنولوجيا ستفرض على المتاجر استبدال عامل الكاشير أو أمين الصندوق، بالكاشير الآلي، وهو جهاز يحسب قيمة مشتريات الزبائن. لن يكون على الزبون سوى تمرير المنتجات على الجهاز، كي يقرأ الباركود أو رقاقات الراديو اللاسلكية RFID المرفقة بها. يضع الزبون المنتج كذلك على ميزان لقياس وزنه وتسجيله، ثم يدفع الفاتورة بالطريقة التي تناسبه، نقداً أو بواسطة بطاقة ائتمانية أو شرائية، من خلال الجهاز. سيسرع من قدوم هذا التغيير، بعض التطبيقات التي تسهل الدفع بواسطة الهواتف الذكية.
خبير وسائل التواصل الاجتماعية
ربما يكون توقع زوال هذه الوظيفة هو الأغرب في القائمة لكونها جديدة نسبياً. ففي السنوات القليلة الماضية، اعتمدت الشركات المختلفة على توظيف خبير في وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتها، أو أفكارها، بسبب الأهمية التي اكتسبتها هذه الوسائل من حيث جذب المستهلكين.
ولكن مع ازدياد استعمال وسائل التواصل الاجتماعية، وانتشار الهواتف الذكية، صارت معرفة التواصل عبر تلك الوسائل ضرورية على كل موظف بغض النظر عن منصبه أو خبرته السابقة أو شهاداته، وهو ما سينتزع صفة "الخبير" من المسؤولين عن إدارة وسائل التواصل الاجتماعي في الشركات في السنوات المقبلة.عامل البريد
ليست الخدمات البريدية في عداد الخدمات التي يمكن الاستغناء عنها، ولكن من المتوقع أن تأخذ شركات البريد إجراءات لخفض تكاليفها الكبيرة وتحسين خدماتها وتسريعها. وقد تنتقل تلك الشركات في المستقبل القريب لاعتماد الطائرات المروحية أو الطائرات بدون طيار، على غرار شركة أمازون Amazon الأميركية، التي أعلنت عن تطويرها برنامج PrimeAir الذي ينقل بضائعها إلى بيوت زبائنها عبر الجو. اعتماد أمازون هذه الخدمة في المستقبل القريب قد يعني أن سوق العمل لن يكون بحاجة إلى عامل البريد لتوصيل الأغراض إلى المستهلكين مستقبلاً.
أمين المكتبة
ترسم المكتبة الزاخرة بالكتب، والعابقة برائحة الورق، مشهداً رومانسياً لمحبيّ القراءة. وفي تلك المكتبة رجل أو امرأة يزيدان من رومانسية المشهد، هما أمين المكتبة الذي عاش طوال عمره فيها وقرأ كل الكتب التي أدخلها إليها. شهدت السنوات الماضية انخفاضاً حاداً في عدد قراء الكتب المطبوعة، مع انتشار الأجهزة الإلكترونية المخصصة للقراءة والتي تخفض من سعر الكتب. تغيّرت عادات القراءة كذلك، مع انتشار المعلومات السريعة عبر الأجهزة الذكية، وهو ما يقلل من فترة بقاء القارىء على صفحة واحدة ويزيد من رغبته في تنويع ما يقرأه. هذه التغيّرات السريعة ترسم مشهداً مستقبلياً لا يتضمن المكاتب التقليدية، أو أمناءها.
بائع الألبومات الموسيقية
شهد مجال الموسيقى ثورة كبيرة في العقد الأخير، وأصبح بإمكان أي شخص تنزيل أغانيه المفضلة عبر الإنترنت عن المتاجر الإلكترونية، وجمعها بسهولة على مشغل أغاني MP3 أو على أجهزته الذكية. جاء هذا التغيير في طريقة الاستماع إلى الموسيقى ليغيّر من السوق الموسيقي إذ سيصبح من النادر قريباً أن يقصد المستهلك بائع الاسطوانات للحصول على أي انتاج جديد. مع ذلك، ما سيكون مصير المتاجر المتخصصة في بيع الألبومات الموسيقية المقرصنة المنتشرة في أرجاء العالم العربي؟
والأهم! المخبر
لطالما استعانت المخابرات في العالم، وطبعاً في الأنظمة العربية، بمخبرين لمتابعة خطوات شخص مطلوب ومراقبته عن كثب. وفي حين درجت عادة تخفّي المخبرين وهم بيننا، ومراقبتهم لنا من حيث لا ندري، يشير التطور التكنولوجي إلى أن المخابرات قد تتخلى عن مخبريها في المستقبل، نظراً لقدرتها على متابعة تحركات الأشخاص من خلال تتبع الإشارات الصادرة عن أجهزتهم الذكية واستخدام أنظمة مراقبة إلكترونية تمكّنها من تعيين مكان الأشخاص المُراقبين. هل يمكن أن تتخيلوا العالم العربي في السنوات المقبلة خالياً من المخبرين؟
نشر هذا الموضوع على الموقع في تاريخ 24.07.2014رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...