"يقول البعض إن الميول الجنسية والهوية الجنسية قضيتان حساستان. وأنا أتفهم ذلك. ومثل الكثير من أبناء جيلي، لم أنشأ وأنا أتطرق إلى تلك القضايا. إلا أنني تعلمت أن أجهر بالقول في هذا الصدد، لأن هناك أرواحاً معرضة للخطر. ولأن من واجبنا، بموجب ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن نحمي حقوق كل فرد في كل مكان"، هذا ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، مارس 2012.
لم يبالغ الأمين العام للأمم المتحدة حين قال إن هناك أرواحاً معرضة للخطر بسبب الميول الجنسية. والحوادث التي تنتهك أبسط حقوق الإنسان تمارس في كل ركن من العالم، في حق مثليي الجنس، فقط بسبب ميولهم الجنسية.
انطلاقاً من معاداة المجتمعات لهذه الفئة، وعدم وجود آليات فعلية لحمايتهم من الانتهاكات التي تمارس في حقهم، والتي تكون قانونية في بعض الأحيان، أطلقت المؤسسة العربية للحرية والمساواة، في أبريل الماضي مرصد الحقوق الجنسية والجندرية.
ما هو مرصد الحقوق الجنسية والجندرية؟
المرصد هو شبكة من الجمعيات والمجموعات والأشخاص الناشطين للمدافعة عن حقوق الأشخاص المثليين والمثليات والمتحولين جنسياً، وجميع الأشخاص ذوي الميول الجنسية والنوع الاجتماعي غير النمطي في لبنان. يهتم المرصد بتوثيق حالات التعدي على هؤلاء وعلى حقوقهم بجميع أشكالها. تقول مديرة مركز الموارد الجندرية والجنسانية في المؤسسة نور نصر، لرصيف22 إن عملية الرصد والتوثيق التي يقوم بها المرصد مهمة لعدة أسباب. فالإبلاغ عن حصول أي انتهاك أو تعدٍّ، هو جزء مهم لكسر دائرة الإفلات من العقاب، للأشخاص الذين يرتكبون هذا الاعتداء. وتضيف: "تساعد هذه العملية على إظهار العنف الذي يقع علينا، وتحث الدولة اللبنانية على عدم غض النظر عنها، والارتقاء إلى مسؤولياتها في تأمين الحماية لجميع المواطنين والمقيمين على أرضها". ليس هذا الهدف الوحيد للمرصد، إذ يمكنه أن يرفع هذه الاعتداءات إلى المجتمع الدولي، للضغط على الدولة اللبنانية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، من محاسبة الجناة إلى تعويض المتضررين أو وضع معايير وقوانين تضمن عدم تكرار الاعتداءات. وتشير نصر إلى أن التوثيق يشكل جزءاً من الذاكرة الجَماعية لمجتمعاتنا، والتي يمكن أن تساعدنا في رسم خارطة النضال إلى المستقبل، وفي الحفاظ على جزء من تاريخنا من خطر النسيان، والإشادة بالمعاناة والظلم الذي وقع على الكثيرين. وكان من المقرر أن يغطي عمل المرصد الأراضي اللبنانية فقط، لكن تلقي طلبات من دول أخرى دفعهم إلى تخصيص صفحة للتواصل من منطقة الشرق الأوسط، لإحالتهم إلى الأشخاص والمنظمات التي يعمل المرصد معها في البلدان الأخرى. وتقول نصر: "نأمل في أن يتم استحداث منصات رصد مثل هذا المرصد، في بلدان أخرى. أعتقد أنه كلما نجحنا في حثّ الناس على الإبلاغ عن الانتهاكات التي تمارس في حقهم، أدى ذلك إلى إبراز مكامن الخلل وتسليط الضوء على الأشياء التي تحتاج إلى تغيير". نشر المرصد أخيراً دراسة بعنوان As Long as They Stay Away، حول تعاطي الدولة اللبنانية وسلوكها تجاه الممارسات الجنسية البديلة والهويات الجنسية. وجدت الدراسة أن نسبة 60 إلى 80% من اللبنانيين لا يوافقون على العنف الممارس في حق مثليي الجنس والمتحولين جنسياً. رغم ذلك، لا يرى معظم اللبنانيين أن مثليي الجنس والمتحولين جنسياً يتعرضون لسوء المعاملة بأي شكل. وتضيف نصر: "الهدف من المرصد هو الإضاءة على حقيقة أن الانتهاكات كثيرة، والمجتمع المثلي في حاجة إلى حماية حقه في الأمان، وهو حق أساسي وعالمي". في مجتمعات لم تتقبل بعد فكرة المثلية الجنسية، وتراها مخالفة للطبيعة، ومرضاً نفسياً، يواجه عمل الرصد وتوثيق الانتهاكات عقبات كثيرة. تقول نور إن العقبات التي سيواجهها عمل المرصد تتعلق بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتضيف: "هذه المتغيرات ذات تأثير كبير على عملنا من سنة إلى أخرى. وذلك غالباً سيستمر، ما يجعل تصور المرافعة والتخطيط الإستراتيجي لعملنا على المدى الطويل صعباً". وتعتبر نور أن عمل المرصد قد يساهم في تحسين أوضاع المثليين من خلال آليتي عمل يعتمدهما. الأولى هي نقطة اتصال للأفراد الذين يرغبون في الاستفادة من خدمات المرصد، أو من يريدون فقط إيصال صوتهم. والثانية تتمثّل في أن المرصد يعمل كأداة مرافعة ومناصرة مهمة، معتمداً سياسة مبنية على الدلائل لتقديم التوصيات للمجتمع الدولي. وتختم نور: "الآن نمتلك الأرقام والقضايا لندفع أكثر باتجاه معاملة عادلة لجميع الأفراد، بغض النظر عن توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية". في الخامس من مايو الجاري، أصدر قاض جزاء لبناني قراراً قضى بإبطال التعقّبات بحقّ شخص ادعي عليه سنداً للمادة 534 من قانون العقوبات، وهي المادة التي تُستخدم عادةً لتجريم العلاقات المثليّة. لم يكتفِ القاضي بتبرئة المدّعى عليه، لعدم وجود أيّ إثبات لممارسته الجنس مع أيّ شخص، بل قدّم تحليلاً قانونيّاً للمادة 534، فاعتبر أن عبارة "مجامعة على خلاف الطبيعة" الواردة في المادة المذكورة، لا تنطبق على فعل العلاقة الجنسيّة الحاصلة بين شخصين من الجنس نفسه. واستند إلى كون عبارة "خلاف الطبيعة" جاءت "غير محدّدة الإطار والمقصد والمدلول"، ومفهوم الطبيعة يتبدّل بحسب المنظار المتّخذ لتفسيره، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الإنسانيّة الخاضعة لتطوّر المفاهيم والأعراف والمعتقدات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع