شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
عمر سمرا الحالم بقمة جبل وعمق فضاء

عمر سمرا الحالم بقمة جبل وعمق فضاء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 30 أبريل 201601:22 م
جميلة قصص المغامرات والتحدي، وأجمل منها قصص الإنجازات، فكيف إذا أتت من منطقة تملؤها الحروب، وحكام وسياسات تتقاعس عن الاستثمار في  طاقات شبابها وأحلامهم. قصة عمر سمرا من مصر هي قصة جميلة، فيها الكثير من أبواب الصعود إلى مكان يحترم الإنسان ويرفع من شأن طموحاته. هنا تصبح القصة معكوسة تجاه الوطن، ويصبح الإنجاز الفردي إنجازاً بحجم شعب كامل. عمر سمرا، الشاب المولود في لندن والذي ترعرع في القاهرة، كان أول مصري يصعد قمة جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم. ولم يكتف بتحقيق هذا الحلم الذي رافقه طوال 12 عاماً، فخاض تنافساً للمشاركة في رحلة إلى الفضاء مع مليوني متبارٍ. وكان الشرق أوسطي الوحيد الذي يتم اختياره للمشاركة في رحلة "الناسا" التعليمية والبحثية في الفضاء. عمر سمرا11 لقد ضمن سمرا، المستثمر ومتسلق الجبال والمغامر، الأرض عبر قممها حيث تسلق أعلى قمم الجبال في جميع القارات في إطار مسابقة القمم السبع للعام 2015، وها هو يستعد لزيارة الفضاء الذي كان قد أدرجه على لائحة أحلامه منذ أيام المراهقة. وعلى ذكر الأخيرة، فقد كانت مع مشاكل الربو لديه من الصعوبة بحيث يستحيل تصور هذا المستقبل الذي اختاره سمرا ونجح في تحقيقه في العام 2007 وله من العمر 28 عاماً، ليصبح المصري الأول الذي يصل إلى ارتفاع 24 ألف قدم. أما حب الجبال فبدأ تحديداً مع ممارسة الرياضة لعلاج الربو، وجرب للمرة الأولى تسلق الجبال في سن الـ16 في أحد المعسكرات الصيفية في سويسرا. في مقابلة له يقول "كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها الثلوج وأسير عليها، كان عالم الجبال غريباً بالنسبة لي تماماً، لكن المثير للدهشة هو أنني شعرت بالانتماء لهذا المكان". عاد سمرا إلى المدرسة ثم الجامعة، ودرس الاقتصاد حتى حصل على وظيفة في بنك استثماري في لندن، لكن فكرة تسلق الجبال ظلت تراوده، فكان يعمل 17 ساعة في اليوم لجمع المال، حتى ينفقه في تمضية عطلات لتسلق الجبال حول العالم. بعد ذلك قرر سمرا دمج العمل بالحلم، فافتتح شركة سفريات في القاهرة اسمها "وايلد غوانابانا" تساعد الناس على تمضية العطل في أجواء من المغامرة في أفريقيا والهيمالايا وغيرهما، وأنشأ لها فروعاً في دبي والرياض. أما حلم الفضاء الذي رافقه منذ زمن، فبدأ يتبلور في العام 2013، بعدما اختير مع 22 آخرين للمشاركة في تدريبات برنامج "بوسوم" لإعداد رواد فضاء مؤهلين في مركز كنيدي للفضاء في فلوريدا، لتأتي النتيجة الآن بانتهاء سمرا من التدريب وأهليته لدخول عالم الفضاء. وكان شابان مصريان أيضاً التحقا بالبرنامج هما أحمد فريد، قائد المركبات الفضائية في المركز الألماني لعمليات الفضاء، وعبد الرؤوف الوقاد، طالب هندسة الفضاء في جامعة "إمبري ريدل" لعلوم الطيران، ليتم لاحقاً اختيار سمرا. هذا البرنامج، الممول من "ناسا"، يهدف إلى دراسة الغلاف الجوي العلوي لأهمية الدور الذي يلعبه في فهم المناخ العالمي، وقد تضمنت التدريبات عليه كيفية إدارة الموارد البشرية الخاصة بطاقم الفضاء، بالإضافة إلى دراسة شاملة عن لوم السحاب. ومع انتهاء التدريب، أصبح بإمكان سمرا استخدام كاميرات "بوسوم" وأخذ العينات في رحلات الفضاء المستقبلية. وقد نقلت عنه صحيفة "ديلي نيوز إيجيبت"، الصادرة باللغة الإنكليزية"، قوله "أنا متحمس جداً لهذه التجربة التي ستساعدني في تطوير معرفتي بعلوم الفضاء. وهذه التجربة لا تطور قدراتي البحثية فحسب، بل كذلك تساعدني في مشروعي المقبل الذي أخطط لتنفيذه في 100 مدرسة في 28 محافظة في مصر شتاء 2016، ويتيح للطلاب التقدم بأفكار علمية لتطبيقها في الفضاء، وسيتم مساعدة أفراد الفريق الفائز في بلورة فكرتهم إلى تجربة فعلية من قبل لجنة تحكيم حتى أتمكن من تطبيقها في الفضاء". وأضاف سمرا، الذي انضم للبرنامج دون خلفيات علمية واضحة لديه بشأن الفضاء، بأن التغير المناخي هو الخطر الأكبر الذي يهدد حياة كوكب الأرض، وتابع "هذا شرف كبير أن أنضم لهذا البرنامج المرموق، وأتمنى أن أكتسب خبرة تجعلني جزءاً في صناعة الحلّ". عمر سمراSamra-during-عمر-خلال-اختبارات-الطيرانflight-drills حياة سمرا الشخصية كانت موجعة بعكس حياته المهنية، لكنه يروي تفاصيلها في مناسبات عدة لتوجيه رسائل عن ضرورة تعلم الإنسان من تجاربه المريرة لتحقيق مراده أو أقله للاستمتاع بحياته. فقد سمرا زوجته التي أحبها بقوة مباشرة بعد ولادة طفلتهما، ومن دون إنذار مسبق، ويقول "لا أزال أحتفظ بخاتم الزواج، وهي أوصتني قبل الولادة بأن أهتم بطفلتنا"، لكن بسبب القوانين المصرية التي تعطي الحضانة لعائلة الأم عند وفاتها بدل الأب، أصبح هدفي الحصول على الحضانة ونسيت أن أستمتع بالوقت الذي أقضيه مع ابنتي. وهنا يعلق سمرا بالقول "ليس من الصحي أن تصبح موجهًا ناحية هدف، وإيفرست مثال رائع لهذا. من الممكن أن يتغير المناخ في أي لحظة، وحتى إذا فعلت كل شيء بطريقة صحيحة، وتدربت بالقدر المناسب، يمكن أن تفشل في تحقيق الهدف. وإذا لم تفكر إلا في الهدف الأخير، تصبح جميع هذه السنوات وهذا الجهد والنمو الشخصي الذي حققته، بلا قيمة إذا لم تصل إلى القمة". ويضيف "لقد علمتني ابنتي إدراك مدى الضرر الذي يمكن أن يحدث إذا ركزت على النتائج فقط". يذكر سمرا في مقابلة مع براندون ستانتون، المصور الأميركي وصاحب صفحة "هيومانز أوف نيويورك"، لحظة ترك وحيداً مع جثمان زوجته المتوفاة قائلاً "كنت كالمجنون، ولم أعرف ماذا أفعل، بدأت في التقاط صور ليديها وقدميها وقصصت جزءاً من شعرها، وعندما خرجت من الغرفة شعرت أنني خاوٍ كأنني لا شيء". ويقول في مناسبة أخرى "لا أخشى مطلقاً الفشل، حتى حينما أكون وسط الجبال، يمكنك ببساطة أن تخطئ عدة مرات حتى تنجح في نهاية المطاف". هي الحياة هكذا، مزيج من الانكسارات والنجاحات، وقصة سمرا دليل على أن الفكرة ليست في أبطال خارقين يحققون منجزات باهرة، بل في بشر عاديين يعرفون، برغم الصعوبات الجمة في منطقة كالشرق الأوسط، استثمار أحلامهم والركض خلفها حتى لو كانت قمة جبل أو قلب فضاء.  
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard