على الساحل الشرقي من العاصمة البحرينية المنامة، تقع منطقة الجفير وميناء سلمان، اللتان تضمان مقر الأسطول الخامس – القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في البحرين منذ أكثر من 60 عاماً. فقد ظلت هذه القاعدة تتوسع حتى أصبحت مدينة متكاملة، بإمكان الجنود الأمريكيين وزوارهم وعوائلهم والموظفين العيش فيها دون الحاجة إلى الخروج منها إلى الأراضي التي تقع تحت سلطة السلطات البحرينية.
بوابة كبيرة تفصل القاعدة عن الجفير، مكتوب عليها أنك على أرض تخضع للقانون الأمريكي، لذلك من الأفضل التعاون مع السلطات في التوقف والتفتيش واتباع القوانين الخاصة بالمكان، يتم تفتيش السيارة بالكلاب البوليسية، وأي مقتنيات تحملها معك للدخول إلى المكان.
توجه منذ أيام وفد صحفي من البحرين وخارجه، يضم أكثر من 30 صحافياً لتغطية أكبر تدريب عسكري لنزع الألغام في العالم، تشرف عليه القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، وتشارك فيه أكثر من 30 دولة. تستخدم لذلك العديد من الطرق، منها نظام تحييد الألغام أوروبيسا الميكانيكي، ونظام كاسح الألغام الصوتية، والسونار، بالإضافة لتقنيات أخرى متطورة للبحث وتفكيك الألغام.
قضى الوفد الإعلامي يومه الأول على مرفأ القاعدة، وظل يتنقل من غرفة المؤتمر الصحفي إلى الاطلاع على تدريب على إيقاف وضبط المهربين أو الإرهابيين في البحر، إلى زيارة عدد من السفن البريطانية والأمريكية التي تستخدم لهذا الغرض، والراسية على رصيف الميناء.
داخل القاعدة، صالة رياضية، محال بيع ملابس وأحذية، مطاعم ومقاه، وأكلات سريعة، بالإضافة إلى مستشفى ومصرف، وغيرها من الخدمات التي يحتاجها الشخص لتسيير حياة يومية. والتعامل في داخلها يتم بالدولار الأمريكي فقط.
أما اليوم الثاني فامتد منذ ساعات الصباح الأولى، وانتقل الوفد للإبحار على سفينة يو أس أن أس تشوكتاو الأمريكية، التي انضمت للأسطول الخامس مؤخراً لتمضي به إلى وسط البحر بالقرب من الكويت. سفينة كبيرة، في جوفها صالة كبيرة بكراسي تشبه كراسي الطائرة، بقي الصحافيون هناك حيث استعرض الأطباء والجراحون على السفينة عملهم وفريقهم وتخصصاتهم. خلال كل هذه المراحل، يرافق الوفد عدد من الضباط في البحرية الأمريكية والبريطانية، وعلى "تشوكتاو" التقى الوفد الصحافي بضباط من البحرية البلجيكية، الفرنسية، الألمانية والأردنية من المشاركين في التدريب، وقد أكد معظمهم أنهم سيعودون إلى الخليج لتطبيق هذه التدريبات أو سيستخدمونها في مناطقهم لمحاربة الإرهاب والمهربين.
على متن هذه السفينة كانت للإعلاميين حرية الحركة في التجول في أحد طوابقها، مع تحذير من استخدام أي درج، للصعود أو النزول إلى طوابق أخرى، إلا أن الطابق الذي كانوا فيه سمح لهم بالتجول على سطح السفينة، ومراقبة السفن الحربية والمدنية التي مرت بها السفينة في رحلتها في الخليج العربي.
بدأت الاستعدادات لترك السفينة "تشوكتاو" للانتقال إلى حاملة الطائرات يو أس أس بونسي، إذ سيستخدم الوفد طائرة مروحية حربية "بلاكهوك"، فتم إعطاء تعليمات سريعة حول كيفية لبس سترة النجاة والخوذة والنظارة الحامية، وغيرها من التعليمات في كيفية السير للمروحية.
بعض الصحافيين مروا بهذه التجربة من قبل، إلا أن هناك صحافيين يخوضونها للمرة الأولى، لذا كان هناك الكثير من الأدرينالين والحماس، فراحوا يلتقطون الصور ومقاطع الفيديو ويشاركونها مع متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
بدأت الأمور تأخذ طابعاً أكثر جدية مع الوصول إلى حاملة الطائرات "بونسي"، إذ لا يمكن الحركة داخل السفينة إلا بمرافق من البحرية الأمريكية، حتى الذهاب إلى دورة المياة وشرفة التدخين يتطلب رفقة عسكرية. في القاعة الرئيسية على حاملة الطائرات شاشتان كبيرتان تنقلان بطولة العالم في الملاكمة، الجنود يجلسون هناك لتناول وجبتهم، وأخذ استراحة بين عمل وآخر مشدوهين للشاشات.
تم تقسيم الإعلاميين إلى دفعات، ليتم نقلهم في القوارب السريعة المطاطية إلى سفينتين بريطانية وأمريكية، تقوم عليهما عمليات لمسح الألغام، وتمكن الوفد من الاطلاع على العمليات عن قرب والتعرف إلى الطرق المختلفة لرصد الألغام والتعامل معها. وأكد المسؤولون على هذه السفن أن هناك خطراً كبيراً في ما يتعلق بالألغام البحرية، مع انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة، وقدرتها على الوصول للسلاح بسهولة.
استخدام الدرج المصنوع من الحبل تسبب في رعب عدد من الإعلاميين، الذين قرروا البقاء على حاملة الطائرات وعدم الذهاب للسفن الآخرى، إلا أن رحلة القارب السريع كانت مغامرة لمن قرر الذهاب، فهم يضطرون بمساعدة الجنود للانتقال إلى القارب مع معداتهم الثقيلة في بعض الأحيان من كاميرات وحاملات الكاميرات.
تنتهي الرحلة بالعودة إلى حاملة الطائرات مرة أخرى وإتاحة الفرصة للحديث مع عدد من الضباط الموجودين على متنها، من كندا، وفرنسا والبحرين، والذين يشاركون جميعهم في التدريبات التي تستمر ثلاثة أسابيع في مياه الخليج العربي، بحر العرب والبحري الأحمر.
العودة بالمروحية إلى مطار القاعدة الأمريكية في المحرق، حيث نقطة الجمارك البحرينية التي احتجت على عدم تسجيل خروج الوفد من نقطة جمارك بحرينية، فقامت بسحب آلات التصوير وتسليمها لأصحابها بعد تدخل هيئة شؤون الإعلام في اليوم التالي. ولم يكن واضحاً إذا كان هذا الإجراء استهدافاً للإعلاميين نفسهم أو للقاعدة الأمريكية التي تستخدم جزءاً من المطار بشكل دائم. استمرت عملية تسيير الإعلاميين عبر نقطة الجمارك أكثر من 3 ساعات، انتهت بعدم قبول الموظفين هناك إلا بتسليم المعدات.
الضباط والجنود الأمريكيين المصاحبين للوفد الإعلامي كانوا ودودين طوال الوقت، إلا أنهم يبقون جنوداً ويرفضون الإفصاح عن المعلومات، بحجة عدم توافرها لديهم، أو أنه ليس مصرح لهم بالتصريح عنها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...