الخوف الأكبر لدى الشباب العربي مصدره تنظيم "داعش" الإرهابي. هذا ما خرجت به نتائج الاستطلاع الثامن لرأي الشباب العربي لعام 2016، المنبثق عن مركز "أصداء بيرسون - مارستيلر"، والذي أجري بين 11 يناير و22 فبراير. ويجمع الاستطلاع آراء 3500 شاب وشابة، بين سن الـ18 والـ24، من الجزائر والبحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وعمان وفلسطين المحتلة وقطر والسعودية وتونس والإمارات واليمن، فيما استثني السوريون "بسب الصراعات الأهلية الدائرة"، كما ذكر موقع المركز. وحاول الاستطلاع المساواة بين عدد الذكور وعدد الإناث المستطلعين، وتوسيع رقعة البحث خارج العواصم في البلدان المعنية، لتشمل مناطق بعيدة عن المركز.
ورداً على سؤال "ما هي في رأيك العقبة الأكبر التي تواجه منطقة الشرق الأوسط؟"، أتى جواب 4 أشخاص من أصل 5 واصفاً "التنظيم الإرهابي" بأنه العقبة الأكبر. ويظهر أن 50% منهم قلقون جداً، علماً أنهم غير مقتنعين بقدرة التنظيم على إرساء خلافته المزعومة. وهذه النسبة تعتبر متقدمة مقارنة بـ37% فقط خلال العام الماضي أظهروا قلقهم من التنظيم. في المقابل، اعتبر 13% من المستطلعين أن بامكانهم تقبل "داعش" إن أظهر عنفاً أقل مقارنة بـ19% من العام الماضي. أما العقبات الأخرى فتوزعت بين "تهديدات الإرهاب، والبطالة، والاضطرابات الأهلية، وارتفاع تكاليف المعيشة، والافتقار للقيادة السياسية القوية، والصراع العربي - الإسرائيلي، وغياب الوحدة العربية، والافتقار للديموقراطية…”.
على ذكر البطالة، أتى المؤشر الثاني في الاستطلاع ليسأل عن أبرز الأسباب التي تشجع الشباب على الالتحاق بصفوف "داعش"، وكان جواب الشباب في 8 بلدان من أصل 16 هو "ضعف الوظائف والفرص المتاحة للشباب" وليس القيم الدينية. أما النسبة الأكبر من باقي المستطلعين فكان جوابها "لا يمكن استيعاب الأمر - ما الذي قد يدفع أي شخص للانضمام إلى صفوف داعش؟". يُذكر أن العالم العربي يتصدر بحسب البنك الدولي أعلى نسبة للبطالة بين الشباب، فيما تشير "منظمة العمل الدولية" إلى أن 75 مليون شاب لا يملكون وظائف في الدول العربية.
أما الأسباب الأخرى التي ذكرت بنسبة أقل فتراوحت بين "التوترات الدينية بين السنة والشيعة والديانات الأخرى في المنطقة، وبزوع القيم العلمانية الغربية في المنطقة، والسعي لتأسيس دولة خلافة مرتكزة على القيم الدينية، والغزو الأميركي للعراق، والفساد الواضح في الحكومات العربية…".
وفيما يتعلق بالعلاقة بين السنة والشيعة خلال السنوات الخمس الماضية، أجمع 47% على أن الأمور تدهورت، في حين اعتبر 24% أنها بقيت على حالها، و18% أنها تحسنت، و11% قالوا "لا أعلم".
وعند سؤال الشباب عن توصيف الحرب الدائرة في سوريا، أجاب 39% منهم بأنهم يرونها "حرباً بالوكالة"، في حين يرى 29% أنها "ثورة ضد نظام الأسد"، و22% أنها "حرب أهلية"، و10% "لا يعلمون". والنسبة الأكبر ممن تراها حرباً بالوكالة جاءت من اليمن وممن تراها ثورة من الأردن. أما من يرونها حرباً أهلية فهم من ليبيا. وبدأ واضحاً في هذا المؤشر، تأثر الشباب بما يدور في بلدانهم وإسقاط ذلك على تقييمهم للأحداث الدائرة في المنطقة.
وفي ظلّ ما تقدم من نتائج، غلب "التشاؤم" على مؤشر "هل تشعر أن العالم العربي بات أفضل بعد الربيع العربي؟"، ففي العام 2012 كانت نسبة المتفائلين 72%، وقد تراجعت النسبة إلى 36% في العام 2016. وفي الدول الأربع التي شهدت بشكل أساسي "الربيع العربي" وهي تونس ومصر وليبيا واليمن، حافظت مصر على "تفاؤلها" حتى العام 2016، فأتت النسبة التي ترى أن "الوضع سيصبح أفضل" على الرغم من كل ما تشهده البلاد من اعتقالات وتجاذبات سياسية وسوء قيادة 61%، مقارنة بنسب متدنية في الدول الأخرى، حيث 24% في تونس، و14% في ليبيا، و6% في اليمن التي تشهد حرباً طاحنة.
وفي هذه الخانة، أتت النسبة الأكبر (53%) لمن يولون اهتماماً للاستقرار أكثر منه للديموقراطية، في حين أنه في العام 2011، كان "العيش في ديموقراطية" الأمنية الأعز لـ92% من المستطلعين الشباب.
وفي سياق متصل، رأى 67% أن على قادة الدول العربية بذل جهود أكبر لتعزيز الحريات الشخصية وحقوق الإنسان في بلدانهم. واعتبر 2 من أصل 3 أن على الحكام تعزيز حقوق المرأة وحرياتها الشخصية.
وتضمن الاستطلاع مؤشرات عدة أخرى منها تصنيف الشباب للحلفاء في المنطقة بين السعودية وإيران والولايات المتحدة، والنظرة إلى الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، وتأثير تراجع أسعار النفط والمصادر التي يعتمدون عليها في استقاء الأخبار.
وإن كانت الشريحة المغطاة بالبحث لا تعبر بشكل تام عما يجول في أذهان هذه الفئة العمرية من الشباب العربي، فهي تكشف عن تغيّر في النظرة للعديد من التقلبات في العالم العربي، ويمكن اعتبار أبرزها النظرة إلى تنظيم "داعش" الذي تباهى لسنوات عدة، ولا يزال في مناسبات مختلفة، بقدرته على استقطاب الشباب العربي. وقد اعتمد بشكل أساسي على إحباط هؤلاء المتراكم منذ عقود طويلة، والنقمة المتزايدة على الحكومات العربية الممعنة في الفساد والقمع.
وفي هذا الإطار، يناقش عدد من الباحثين العرب والأجانب هذا الاستطلاع على موقع "أصداء بيرسون - مارستيلر"، ومنهم الرئيس التنفيذي للمركز سونيل جون الذي اعتبر الشباب "جيل المرحلة الانتقالية". وقال إن هدف هذا البحث هو مساعدة الحكام على رسم سياسات فاعلة. وعن النتائج علّق: "هناك ثابت واحد على مدى العقد القريب حرصنا على إيضاحه في هذا التقرير،و هو عامل توفير فرص العمل أو بالأحرى عدم وجودها". وهذا ما وافقه عليه الباحث في "تشاثام هاوس" حسن حسن الذي تحدث عن "الجاذبية القاتلة” قائلاً: "الحل يجب أن لا يقتصر على الاستجابة العسكرية والأمنية فقط. هذا التنظيم ينتعش ويزدهر في ظل الإخفاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. يمكن لداعش أن تضعف وتختفي لكن المرض الكامن سيبقى وستنشأ جماعات مماثلة". وعلق آخرون على دور الولايات المتحدة، وعلى تراجع مفهوم الديموقراطية، وعلى التفاوض بشأن الحقوق ودور النساء.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين