إذا سألتك من هم أسعد سكان الأرض؟ فإنك على الأرجح ستفكر في دولة اسكندنافية، لكن هناك من يقول إن دول أمريكا اللاتينية تتصف حياة أهلها بالسعادة، فأيهما الأصح؟
يعتمد الجواب بدرجة كبيرة على تعريفك للسعادة، هل هو في كيف "يرى" الناس حياتهم، أو في كيف "يعيش" الناس حياتهم. صدر الشهر الماضي تقرير عن الأمم المتحدة يتطرق إلى أسعد سكان العالم من ناحية كيف "يرون" حياتهم، أما مؤسسة غالوب Gallup فقدمت تقريرها عن المشاعر الإيجابية والسلبية لسكتن العالم، الذي يركز على كيف "يعيش" الناس حياتهم.
بصورة عامة، يعيش سكان الأرض في حال من السعادة، على الرغم من الكوارث هنا وهناك، إذ إن أكثر من 70% من الناس يبتسمون ويضحكون كثيراً في حياتهم اليومية وفق الدراسة.
المشاعر الإيجابية
هذا المؤشر يظهر لنا كيف يعيش الناس حياتهم اليومية من الناحية الإيجابية، تؤثر عليه عوامل مثل الراحة، والتعامل باحترام، والابتسام والضحك، والتعلم والخبرات الجديدة، والفرح والسعادة وغيرها. من خلال استعراض آراء الناس في 140 دولة حول العالم ومقارنتها بمؤشر العام الماضي ظهر أن هناك استقراراً في التجارب الإيجابية. أكثر من 70% من الناس قالوا إنهم حصلوا على واحد من العوامل المذكورة سابقاً. من خلال المقارنة مع العقد السابق، نجد أن السنوات الثلاث الماضية لم تحقق تطوراً في مؤشر التجربة الإيجابية في حياة الناس، وهو أمر جيد لأنها لم تتراجع إلى معدلات عام 2011 أو 2006 بخاصة مع الأزمات التي تعصف بالمنطقة والإرهاب الذي يضرب عدة دول من العالم.وإن نظرنا إلى الدول بشكل خاص فإن البارغواي كانت الأفضل أداءً من حيث التجارب الإيجابية الحياتية التي يعيشها سكانها، وسيطرت دول أمريكا اللاتينية على المراكز المتقدمة، ما يظهر المشاعر الإيجابية والسعادة التي يعيش فيها أولئك الناس. أما في ما يتعلق بالدول الأسوأ من حيث مؤشر التجربة الإيجابية، فقد جاءت سوريا في آخر الترتيب ولم يكن العراق واليمن أفضل حالاً ، ومثلهما دول عدة مثل تركيا التي حلّت في المركز ما قبل الأخير. هذه النتائج السيئة نتيجة طبيعية للحروب والأزمات التي دهمت هذه الدول، فحتى تركيا تأثرت سلباً بالحرب في سوريا خاصة في مدنها الحدودية. وإن تحدثنا عن العالم العربي عموماً، فقد حقق أدنى النتائج على مؤشر التجربة الإيجابية مقارنة بمناطق وقارات أخرى حول العالم، فيما حققت الدول الخليجية مثل الإمارات والسعودية وغيرهما أقل من المتوسط العالمي.
المشاعر السلبية
هذا المؤشر يظهر الجانب الآخر من الحياة اليومية للناس، فهو يعبر عن مشاعر القلق والضغوط والألم الجسدي والغضب والحزن. وسألت غالوب عينة الدراسة من 140 دولة حول العالم إن تعرضوا لأحد هذه المشاعر السلبية فقال أكثر من ثلثهم أنه تعرض إما للقلق أو للضغط وبنسب أقل هناك من تعرض للألم الجسدي والحزن والغضب. وإجمالاً فإن نسب المشاعر السلبية قد ارتفعت بيت العامين الماضيين. في ما يتصل بالعقد الماضي، فإن عام 2007 كان الأفضل والعام المنصرم كان الأسوأ من ناحية التجربة السلبية. فقد حقق عام 2015 قفزة غير مسبوقة منذ عام 2006. وكان العراق الأسوأ حالاً من ناحية التجربة اليومية الحياتية السلبية، كما حلت إيران في المركز ما قبل الأخير وكانت جنوب السودان وسوريا في المراكز القريبة منها. إيران والعراق ليستا دولتين جديدتين في مركزيهما المتقدمين من ناحية التجارب السلبية، فهما منذ أربع سنوات تأتيان في هذه الحالة السيئة جداً ولطالما كانتا تتناوبان على المركز الأول. أما الدول الأفضل حالاً في مؤشر التجربة السلبية فكانت دول تتعلق بالاتحاد السوفياتي سابقاً مثل اوزباكستان و روسيا وكازخستان. واللافت أن الصومال كانت في المركز الثامن، ما يعني أن حالها أحسن بكثير من بعض الدول العربية.وبشكل مقرب أكثر على العراقيين الذين كانوا أسوأ حالاً في التجربة السلبية، نجد أن مشاعر القلق كانت الأكثر انتشاراً، وبعدها يأتي الحزن والضغط والألم النفسي على الترتيب، كما أن نصف العراقيين شعر بالغضب في اليوم السابق لإجراء الدراسة. وقد حققت الدول العربية أدنى معدلات المشاعر الإيجابية وبعض أعلى معدلات المشاعر السلبية في العالم. وكان لدى كل سكان العالم العربي بلا استثناء مشاعر سلبية أكثر من أي دولة أخرى حول العالم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...