حالما أدركت الإمارات أن النفط لا يدوم وأن تنويع الاقتصاد من أهم مقوّمات النمو المستدام، والمعرفة والثقافة أسس رئيسية، وجّهت السلطات اهتمامها إلى المشهد الثقافي والفني في مختلف الإمارات. وهذا انعكس من خلال المبادرات الحكومية والخاصة لبناء متاحف وصالات عرض ومناطق ثقافية جديدة، ومضاعفة تنظيم أو دعم الفعاليات الثقافية.
نجاة مكي، نور السويدي، علي العبدان، موسى الحليان، عبد القادر الريس، محمد كاظم… هذه ليست إلا بعض أسماء الفنانين الإماراتيين، الذين ساهموا في تطوير الساحة الفنية في الإمارات، من خلال أسلوبهم في الرسم أو معارضهم الفردية المتعددة، أو مشاركاتهم الدولية. لكن المشهد الثقافي الذي يرتكز في دبي والشارقة وأبو ظبي، تدعمه مجموعة من المؤسسات التي نجحت في أن تكون مرآة لهذه البيئة المتغيرة. إليكم أبرز الوجوه الفاعلة في المشهد الثقافي الإماراتي.
حسن شريف
قبل أن يكون فناناً، كانشريف رساماً كاريكاتورياً خلال السبعينيات، وتعكس رسومه واقع المنطقة والتغييرات العمرانية في وطنه. إلا أن هذا الاهتمام بالرسم تحوّل إلى الفن التشكيلي، فالتحق بجامعة بايامشو للفنون حيث حاز ديبلوماً في الفنون الجميلة والتصميم. فور تخرجه عام 1984، بدأ شريف رحلة المعارض الفردية حول الفن المعاصر في الإمارات. ويعتبره كثيرون أباً روحياً للفنون البصرية في الإمارات، من خلال أعماله أو كتاباته أو حتى نشاطاته. فمنذ عام 1980، هو المؤسس والعضو في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، ثم مرسم الفن في مسرح الشباب عام 1987. ويواصل شريف دعمه لأجيال من الفنانين إذ شارك عام 2007، بتأسيس "البيت الطائر". وهو منظمة في دبي للترويج للفنانين المعاصرين الإماراتيين. من دون أن ننسى أنه شغل منصب عضو في لجنة التحكيم في بينالي الشارقة لسنوات عدة.الشيخة حور القاسمي
فنانة حاصلة على بكالوريوس في الفنون من "كلية سليد للفنون الجميلة" في لندن عام 2002، ودبلوم في الرسم من "الأكاديمية الملكية للفن" في لندن عام 2005، وماجستير في تقييم الفن المعاصر. ساهمت القاسمي في نهضة الساحة الفنية في الشارقة المعروفة بميراثها الثقافي، واختارتها منظمة اليونسكو عاصمة ثقافية للعالم العربي عام 1998. وعام 2003، باتت القاسمي القيّمة على بيانالي الشارقة الذي شهد معها قفزة نوعية وتركيزاً على الفنانين أنفسهم وأعمالهم. وعام 2011، عيّنها والدها حاكم الشارقة، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، رئيسة لمؤسسة الشارقة للفنون. وهي مبادرة تهدف للنهوض بالفنون البصرية في المنطقة، وتضم العديد من الفعاليات وورش العمل والبرامج لدعم الساحة الفنية.عبد المنعم بن عيسى السركال
اشتهرت عائلة السركال في الإمارات أنها عائلة مستثمرين في مختلف المجالات، من العقارات إلى التجارة والامتيازات وصولاً إلى الفن. فكان بديهياً أن يؤسس عبد المنعم بن عيسى السركال أولى مساحات الفنون في الإمارات، "السركال أفنيو" في قلب المنطقة الصناعية "القوز" عام 2007، لتكون مجتمعاً للفنون في منطقة تتعايش فيها مختلف أنواع الأعمال. ومع مرور السنوات، ازداد أفراد هذا المجتمع مع عملية التوسّع التي شهدتها المساحة العام الماضي، مع زيادة عدد المستودعات. ومعها ازداد عدد صالات العرض والفعاليات الفنية والثقافية التي تحوّلت إلى فرصة لكثيرين لزيارة "السركال أفنيو"، للاستمتاع برحلة متنوعة ومعاصرة بين مختلف الأشكال والأساليب والأنواع الفنية.لطيفة بنت راشد آل مكتوم
حصلت على بكالوريوس في العلوم البصرية عام 2007 من جامعة زايد، كلية لطيفة. إلا أن اهتمامها بالفن بدأ عام 2004 بفضل عدد من المعارض وتصميم الأعمال الفنية لبيعها في مزادات علنية خيرية، لصالح مؤسسات كـ"أطباء بلا حدود" و"مدرستي فلسطين". تتسلمّ لطيفة بنت راشد آل مكتوم العديد من المناصب في المؤسسات التي تهدف للارتقاء بالفنانين والثقافة. فبالإضافة إلى أنها نائب رئيس مجلس الإدارة في هيئة الثقافة والفنون في دبي، ونائب رئيس مؤسسة الإمارات للآداب. أسست عام 2008 "تشكيل"، وهي مؤسسة فنية معاصرة تهتم بالفنانين وتدعم الإبداع وتسهل التجارب الفنية والتصميمية بفضل توفير الاستيديوهات وبرامج إقامة الفنانين، وبرامج الزمالة الدولية، وتنظيم المعارض والفعاليات وورش العمل.محمد كاظم
يعتبر هذا الفنان الإماراتي، الذي يجمع بين حبه للتصوير وفن الفيديو، من "مجموعة الخمسة". هي مجموعة من 5 فنانين إماراتيين أسسوا الفن المفاهيمي المعاصر في الإمارات هم حسن شريف، حسين شريف، محمد أحمد ابراهيم وعبد الله السعدي. ويُعتبر رائداً إقليمياً في مجال دمج الفيديو بالتكنولوجيا الجديدة في أعماله. يبحث عن التوازن والتناغم في صوره، التي غالباً ما تعكس العلاقة بين الأشياء والذاكرة. في بداية مسيرته الفنية، كان أيضاً عضواً في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية. درس كاظم الفنون التشكيلية قبل أن يتوجه للموسيقى في معهد الرايات للموسيقى في دبي (1990-1991)، ليواصل تعليمه في كلية أدنبره للفنون عام 1998، ثم يحصل على ماجستير في الفنون من جامعة فيلادلفيا عام 2012.مسعود أمر الله علي
أحد خريجي جامعة الإمارات، وطالما ارتبط اسمه بالساحة الثقافية والفنية. كما يملك في جعبته خبرة في كتابة وإخراج وإنتاج الأفلام، ويُنظر إليه على أنه أبرز وجوه السينما الإماراتية المعاصرة، وأبرز روادها وداعميها. فكان يشغل منصب مدير فني في مؤسسة أبو ظبي الثقافية، وأسس عام 2001 مسابقة أفلام الإمارات التي اعتُبرت المنصة الأولى لسينما المواهب المحلية. وهو حالياً، المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، يُشرف على برامج المهرجان ومسابقتي جوائز المهر الإماراتي والعربي. وفي السنوات الأولى من المهرجان، كان مسعود مسؤولاً عن البرامج العربية، بما فيها الليالي العربية، وعروض الإماراتيين الصاعدين، التي تطوّرت مع السنوات لتشمل مواهب دول الخليج عامةً.سلامة بنت حمدان آل نهيان
هي زوجة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في الإمارات. لكنها عُرفت أيضاً بأنها مؤسسة جمعية تحمل اسمها في أبو ظبي لدعم الفنون والثقافة والتراث والتعليم والصحة. وتهدف المؤسسة إلى المساهمة في المستقبل وإطلاق العنان لمواهب الإماراتيين وإبداعاتهم. كما أطلقت المؤسسة برنامج "منتدى"، وهو سلسلة من المحاضرات التثقيفية والتعليمية التي تسمح للجمهور بالاستفادة من مجموعة من رواد المفكرين والمبدعين المحليين والدوليين. نالت العديد من الجوائز لمختلف مساهماتها في المجتمع الإماراتي، من بينها جائزة “السيدة الأكثر شعبية لعام 2011″ التي يقدمها معهد جائزة الشرق الأوسط للتميّز. وظهر اسمهما في مجلة "كانافاس" ضمن الـ50 الأوائل الذين لديهم دور بارز في التأثير الثقافي والفني في منطقة الشرق الأوسط.علي الجابري
مخرج وممثل سينمائي شغل العديد من المناصب في عالم السينما. وعمل في مسابقة أفلام الإمارات منذ تأسيسها، قبل أن يشغل منصب مدربها بين 2010 و2011، ومدير لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي بين 2012 و2014. أما اليوم، فهو مدير صندوق "سند" لدعم الأفلام في أبو ظبي، صندوق خاص لتمويل الإنتاجات السينمائية في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج. يوفر للسينمائيين العرب دعماً مالياً هو منح تبلغ قيمتها الإجمالية 500 ألف دولار. ساهم "سند" في نهضة قطاع السينما الإماراتية والعربية إذ حصدت ثلاثة أفلام يدعمها على جوائز في الدورة الـ66 من مهرجان برلين السينمائي الدولي.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ 3 أياملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...